أحمد محمد توفيق يكتب..لا تنسوا هذا الضيف في افتتاح المتحف المصري الكبير
أحمد محمد توفيق
يمتاز التحرك الحكومي بإيقاعٍ سريع فيما يخص ترتيبات افتتاح "المتحف المصري الكبير"، بما يشير إلى أن الحكومة ربما تضع اللمسات النهائية قبل تحديد موعد الافتتاح الرسمي، باحتفالية كُبرى تليق بميلاد هذا الصرح الأثري البارز.
ولعل الافتتاح المُبهر لـ "المتحف القومي للحضارة المصرية" في إبريل ٢٠٢١، الذي تضمن تسيير موكب مهيب لنقل مومياوات فرعونية ملكية من المتحف المصري بالتحرير إلى موقع عرضها الجديد بمتحف الحضارات، يرفع من سقف التوقعات للبرنامج المُرتقب لاحتفالية افتتاح "المتحف المصري الكبير"، التي يُنتظر بلا شك أن تتضمن استعراض العديد من عناصر الإبهار، خاصة أنه من المقرر أن تشهد مشاركة قادة العديد من الدول والبلدان، وتتناقلها وسائل إعلام عالمية، ليتابعها العالم بأسره.
ومن الباعث على الأمل، أن رؤية الدولة تجاه التنمية الأثرية قد شهدت خلال الأعوام الماضية نظرة أكثر تكاملاً، بحيث اقترنت أعمال تنفيذ مشروع "المتحف المصري الكبير" بمُخطط شامل لتطوير المنطقة المحيطة بالمتحف، حرصاً على ضمان كافة المقومات التي تعزز قيمة هذا الصرح الحضاري، وقد شهدت الطرق المؤدية إليه، أعمال توسعة وتطوير، مع ربطها بالهوية البصرية ذات المدلول الفرعوني اتصالا بمشروع المتحف، إلى جانب تدعيم وسائل وصول السائحين إلى هذا الصرح، بتشغيل مطار سفنكس الدولي الذي يفصله نحو ١٢ كم فقط عن المتحف الكبير، مع العمل حثيثاً لاستكمال محطة مترو الأهرامات والتي تخدم تلك المنطقة الأثرية.
واتصالاً برؤية الدولة المتكاملة تجاه التنمية الأثرية، فإن خطى التطوير لم تقف عند حدود المنطقة المحيطة بالمتحف المصري الكبير، بل امتدت إلى داخل جدران هذا الصرح الضخم، من خلال توفير المقومات اللازمة لخلق تجربة فريدة للزائر، عبر وسائل عرض مُبهرة للمقتنيات الأثرية، وتقنيات متطورة للشرح والإيضاح من بينها سماعات للترجمة لعدة لغات حية، إلى جانب التدعيم بعناصر شابة، ذات معلومات وافية ولغات مُتقنة، وابتسامة راقية يستقبلون بها الزوار، بما يعكس التركيز على "الإنسان" ضمن مخطط التطوير، والتغيير الإيجابي لثقافة التعامل مع السائح، واستبدال الصورة النمطية التي كانت تنعكس لديه، مع الاحتكاك ببعض النماذج السلبية من العاملين في المجال الأثري، دون أن يدركوا أن ذلك يمُس صورة الوطن ككل.
ولعل المُتابع للأخبار خلال الشهر الماضي، لم ينسى بعد نموذجاً إنسانياً شديد الرقة لتأثير العامل البشري في الترويج السياحي وخلق صورة إيجابية لدى الزائر، وهو الطفل النوبي محمود، بائع المشغولات اليدوية عند مرسى معبد فيلة بأسوان، ذو الـ 11 عاماً، الذي تصرف وفق فطرته، دون أن يتصور أنه سيكون في بؤرة اهتمام الرأي العام العالمي، حيث تكبد مشقة كبيرة لإعادة مبلغ 15 دولاراً لسائحة أرجنتينية، كان زائداً عن قيمة مشترياتها منه، في موقف اعتبرته يُجسد أمانة وأخلاق المصريين، وأصرت السائحة على التقاط صورة تذكارية معه، ونشرتها على صفحتها الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، لتمثل خير دعاية لمصر، حيث أبدى العديد من المتابعين من بلادها رغبتهم في زيارة أسوان ولقاء "محمود" واقتناء مشغولاته اليدوية.
هذا النمط من الترويج الشعبي له تأثير عظيم ومباشر يفوق كل أدوات التسويق الرسمي، ومن هذا المنطلق فقد حظي المتحف المصري الكبير بجانب كبير من التسويق الشعبي عبر المواد الإعلامية المُتداولة على الصفحات الشخصية لزائريه من مختلف بلدان العالم، وهو الذي بدأ استقبال الجمهور مع التشغيل التجريبي له في يناير ٢٠٢٣، ليزوره خلال عام ٢٠٢٣ نحو ٨٠٠ ألف زائر، ثم يرتفع العدد خلال عام ٢٠٢٤ ليتجاوز المليون سائح، مع توسيع نطاق التشغيل التجريبي منذ منتصف أكتوبر ٢٠٢٤ بإتاحة ١٢ قاعة عرض رئيسية تضم قرابة ٢٤ ألف قطعة أثرية معظمها يعرض لأول مرة، إلا أن الافتتاح الرسمي من المُقرر أن يُضاعف عدد الزائرين ليتجاوز مليوني سائح سنوياً.
افتتاح المتحف المصري الكبير حدثٌ يتجاوز حدود الوطن، والاهتمام العالمي به يؤكد أن الحضارة المصرية لم يخفت بريقها يوماً، ولعلي أتطلع لأن أجد بين ضيوف احتفالية افتتاح هذا الصرح البارز، الطفل النوبي "محمود"، الذي قدم بتصرفٍ عفوي دعاية عظيمة لوطنه، ليستحق أن يكون مُمثلاً لبلاده في هذه الاحتفالية، واستحداث لقب سفير السياحة المصرية ومنحه لمحمود عن العام الماضي 2024، على أن يتم منح هذا اللقب سنوياً للنموذج الأكثر تأثيراً على صورة مصر الحقيقية في أعين زائريها.
أخبار ذات صلة
الأكثر مشاهدة
ما هي توقعاتك لمباراة الأهلي والجونة في الدوري المصري؟
-
فوز الأهلي
-
فوز الجونة
-
تعادل الفريقين
أكثر الكلمات انتشاراً