الأربعاء، 08 يناير 2025

06:20 م

رئيس مجلس الإدارة

محمد رزق

رئيس التحرير

أمين صالح

رئيس مجلس الإدارة

محمد رزق

رئيس التحرير

أمين صالح

tru

شحاتة زكريا يكتب.. نحو اقتصاد صناعي متجدد رؤية للأفق المقبل

شحاته زكريا

شحاته زكريا

شحاته زكريا

A A

في قلب التحولات الاقتصادية التي تمر بها مصر تبرز الصناعة كعنصر أساسي لتحقيق التنمية المستدامة، العودة الكبيرة للصناعات المصرية ولا سيما، صناعة الغزل والنسيج في مدينة المحلة الكبرى، ليست مجرد حدث اقتصادي عابر بل هي خطوة جادة نحو إعادة تأهيل الاقتصاد المصري ليصبح أكثر استدامة وقوة. 

هذه العودة تمثل بداية جديدة لمصانع كانت ذات يوم العمود الفقري للاقتصاد المصري وتستحضر في أذهاننا سنوات كانت فيها هذه المصانع رمزا للإنتاج المحلي ومصدرا رئيسيا للعمالة.

عندما نعود بذاكرتنا إلى تاريخ الصناعة المصرية، نجد أن صناعة الغزل والنسيج كانت جزءا أساسيا من تكوين الاقتصاد المصري الحديث الذي وضعه طلعت حرب مؤسس بنك مصر.

 في الأربعينيات كانت صناعة الغزل والنسيج بما فيها مصانع المحلة وكفر الدوار تشكل 40% من الاقتصاد المصري ،  هذه المصانع لم تكن مجرد أماكن لإنتاج الأقمشة، بل كانت مصانع لأحلام المصريين تمدهم بالعمل والمستقبل. وفي ظل التحديات العديدة التي مرت بها هذه الصناعة على مدار العقود ، ها هي تعود إلى الحياة مرة أخرى ما يمثل دليلا قويا على أن هناك إرادة سياسية جادة لإعادة تأهيل هذا القطاع الذي طالما كان مهملًا.

أحد أبرز التوجهات الجديدة التي تشير إلى تغير حقيقي في التعامل مع الصناعة في مصر هو التمويل الجديد الذي رصدته الحكومة للمشروعات الصناعية المتعثرة، فى إطار مبادرة تخصيص 30 مليار جنيه لتمويل هذه الشركات، وتوفير تسهيلات مالية لشراء المعدات وتحديث خطوط الإنتاج، تمثل خطوة غير مسبوقة تهدف إلى دعم هذا القطاع الحيوي،  هذه المبادرة لن تساهم فقط في إعادة تشغيل المصانع المتعثرة، بل ستعزز من القدرة التنافسية للمنتجات المحلية ، وتقلل من فاتورة الاستيراد التي تلتهم جزءا كبيرا من الاقتصاد.

الأمر الأكثر أهمية في هذه المبادرة هو التركيز على الشركات الصغيرة والمتوسطة، التي تشكل الرافد الأساسي للاقتصاد، من خلال تقديم تمويل مدعوم وتخفيضات على الفائدة، تستطيع هذه الشركات الحصول على فرص للنمو والتوسع، ما ينعكس إيجابيا على الاقتصاد الوطني. كما أن الدعم المتواصل للقطاعات المختلفة مثل القطن المصري، الذي طالما كان رمزا لجودة الإنتاج سيعيد تأهيله ليعود إلى الساحة المحلية والعالمية كمادة خام ذات قيمة مضافة.

لكن نجاح هذه المبادرة لا يعتمد فقط على التمويل بل على سرعة تنفيذها، يجب على الجهاز المصرفي المصري أن يكون شريكًا حقيقيًا في نجاح هذه المبادرة من خلال تسهيل الإجراءات وتقليل التعقيدات الإدارية التي قد تعيق وصول التمويل إلى المستفيدين،وعلى الحكومة أيضا توفير بيئة تشريعية داعمة لاستمرار النمو الصناعي، من خلال تسهيل تصاريح العمل وتشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية.

في النهاية إن استعادة الصناعة قوتها في مصر ليس مجرد حلم بعيد المنال، بل هو واقع يمكن تحقيقه عبر تكاتف الجهود بين الحكومة، والقطاع الخاص والمجتمع المدنى، ويجب أن يكون لدينا جميعا إيمان قوي بأن الصناعة هي المفتاح لتحقيق اقتصاد قوي ومستدام قادر على مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية

search