الأحد، 24 نوفمبر 2024

07:19 م

رئيس مجلس الإدارة

محمد رزق

رئيس التحرير

أمين صالح

رئيس مجلس الإدارة

محمد رزق

رئيس التحرير

أمين صالح

فريدة الشوباشي تكتب.. عن أعياد النصر: عبرنا

فريدة الشوباشي

فريدة الشوباشي

A A

كنا في باريس، يعمل زوجي الراحل الكاتب علي الشوباشي في وكالة الأنباء الفرنسية وأعمل أنا في إذاعة مونت كارلو، وبحكم المهنة كنت أتابع جميع قنوات التلفزيون وموجات الإذاعة، وشاهدت مدى حزن الإسرائيليين وفزعهم جراء حرب الاستنزاف التي وصفها رجل مخابرات إسرائيلي بأنها أشرس وأطول وأوجع حرب خاضتها إسرائيل ضد العرب.
وكان بعض من يظهرون على الشاشات يؤكدون تردي الأحوال وانعكاس مدى سلبية تجنيد الإسرائيليين المفروض، أنهم من "الشعب" العامل في مختلف المجالات، لأن هناك الشعب هو الجيش.
ومع ذلك كنا لا يفوت يوم دون أن نضرب أخماسًا في أسداس عن موعد شن حرب علي الدولة الصهيونية، لنحقق كلمة الزعيم الخالد جمال عبد الناصر الذي قال، إن ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة.
ورفضت مصر بدعم كامل من جيشها الباسل جميع العروض خاصة الأمريكية لعقد صلح مع دولة الاحتلال وإنهاء الحرب باتفاق "سلام" يكون بالطبع لصالح الدولة الصهيونية. 
كان يوم السادس من أكتوبر يوم إجازة لي من الوكالة، ورن جرس تليفون المنزل وأجبت أنا وأنا مذهولة من لهجة المتصل الذي رجاني بأن أوصله، لعلي بأسرع ما يمكن.
تناول علي السماعة وأنا أراقب رد فعله، الذي يتراوح بين، "فعلا؟" ووجهه شديد الاحمرار، ثم يعدها "تمام" وامتقاع وجهه بدرجة مرعبة.
انتهت المكالمة وكاد قلبي يتوقف معها وسألت علي .. فيه إيه؟ أجابني وكأن كل جسده قد تحول إلى ابتسامة بوسع الكرة الأرضية وهو يقول لي : عبرنا .. وهرول خارجا لأن الوكالة تريده في العمل فورا.. لم أنطق بكلمة واحدة بل انفجرت في البكاء، وسألتني شقيقتي التي كانت في زيارتنا: بتعيطي ليه مش ده اليوم اللي كنتي بتتمنيه؟.. أجبت بنعم وأنا عاجزة عن شرح سبب بكائي .. هرعت نحو التلفزيون أتابع الأخبار وطبعا كان جميع المعلقين والخبراء يتحدثون بذهول عن معجزة العبور رغم جميع المصاعب التي وضعتها إسرائيل ونامت مطمئنة إلى استحالة تحطيم خط بارليف.
وانبرى البعض يؤكد "أن هزيمة عسكرية مصرية" ترتسم في الأفق.. طبعا أخذت ضربات قلبي تتصاعد ولا تعود إلى طبيعتها إلا بعد أن أتصل بعلي ويؤكد لي عظمة أداء قواتنا المسلحة والذي أخرس في اليوم السادس جميع المشككين، وعندما قابلت أحدهم وسألته عن سبب انعدام الثقة وانعدام الموضوعية في تغطيته للحرب أجابني بأنه تصور أننا، كما حدث في حرب الأيام الستة عام 67.
المهم أن فخرنا بقواتنا المسلحة كان يزداد يوما بعد يوم وانقلب خطاب المعلقين، مؤكدين أن أداء جيشنا الباسل في حرب أكتوبر بات مثالا على الكفاءة والقدرة والاستعداد المبهر للتضحية بالحياة، دفاعا عن المحروسة.
إن انتصارنا في حرب أكتوبر تاج فوق الرؤوس وثقة بأن مصر صاحبة أغلى اسم في الوجود، يستحيل أن ينال منها عدو مهما كان جبروته بفضل وحدة شعبها وعيون جنودها التي لا، ولن تنام وكل سنة ونحن بألف خير.

search