السبت، 23 نوفمبر 2024

02:08 ص

رئيس مجلس الإدارة

محمد رزق

رئيس التحرير

أمين صالح

رئيس مجلس الإدارة

محمد رزق

رئيس التحرير

أمين صالح

أحمد محمد توفيق يكتب.. إعادة اكتشاف أرض مصر

أحمد محمد توفيق

أحمد محمد توفيق

أحمد محمد توفيق

A A

حين تخرج من وادي نهر النيل الضيق كي تتجه على أرض مصر شرقًا أو غربًا، شمالًا أو جنوبًا، تُدرك حقيقة أن أرضنا الطيبة لم تُكتشف بعد، وأن ثرواتنا المُستغلة لا تعدو كونها رأس جبل ثلجي أعلى الماء يخفي الكتلة الأكبر في الأعماق، وهو أمر يدعو إلى الأمل ويُحفز على العمل.

وعلى مدار أقل من شهر أتيحت لي فرصة اكتشاف جانب من كنوز أرض وطننا الطيبة، في زيارتين: الأولى إلى مدينة سانت كاترين بمحافظة جنوب سيناء؛ والثانية إلى مدينة الخارجة بمحافظة الوادي الجديد، وإذا كانت المدينتين بعيدتان كُل البعد عن بعضهما جغرافيًا، وجدت بينهما قواسم مشتركة، لعل من أبرزها الطبيعة الساحرة، والهواء النقي، والهدوء الباعث على الارتياح، وقلوب أهالينا النقية، والثروات الكامنة.

أحمد محمد توفيق

ففي "سانت كاترين" مقاصد كثيرة، يغلب عليها الطابع الروحاني في ظل قدسية هذه البقعة المباركة التي تجلى فيها الله عز وجل إلى نبيه موسى، حيث أن لها مكانة عميقة في قلوب أتباع الديانات الثلاث، فإن الكثير ينشُد زيارتها وقد تنبهت الدولة لذلك قبل سنوات قليلة، ولذا تعكف على تنفيذ مشروع تطوير متكامل، يبدأ بمطار سانت كاترين، بوابة الزيارة للمدينة، بهدف تأهيله لاستقبال رحلات من وجهات متعددة، ثم الطريق الرابط بين المطار والمدينة، لتيسير الوصول إليها، وكذا إضافة غرف فندقية بمستويات متعددة، لاستضافة الزائرين من بلدان العالم، ومنشآت أخرى لاحتضان فعاليات تضع "سانت كاترين" في بؤرة الاهتمام.

أما "الوادي الجديد" التي تمثل ثلث مساحة الأرض المصرية، وترتبط وحدها بحدود متلاصقة مع ليبيا وتشاد والسودان، فإنها تعدُ منجمًا من الثروات الكامنة في مراكزها الخمسة، بالنظر إلى مواقع الثروات المعدنية، مثل الرخام، والحجر الجيري، والجرانيت، والبازلت، والرمال البيضاء، إلى جانب المحميات الطبيعية، والمقاصد السياحية للعلاج والسفاري، والمشروعات الداجنة، ومصانع التمور وزيت الزيتون، هذا بالإضافة إلى نقاط الجذب الأثرية، التي تعود إلى عصور ما قبل التاريخ، وربما بدأت المحافظة تجذب مؤخرًا استثمارات أجنبية متعددة، لتعظيم الاستفادة من إمكاناتها الواعدة، بما يحمل الخير للوادي الجديد ومصر.

وإذا كان تطوير مدينة سانت كاترين قد بدأ من تأهيل مطارها ليصبح مطارًا دوليًا، فإن تعظيم الاستفادة من إمكانات الوادي الجديد يتطلب ذات الخطوة، لنرى بعد سنوات قليلة مطارًا دوليًا بها أيضًا، يساعد الاستثمار في الوصول إلى هذه البقعة بشكل أيسر وأسرع، ويدعم كذلك الحركة السياحية إليها، وربما تجذب هذه الخطوة مستثمرين في مجال الفنادق لإقامة مشروعات إضافية تزيد من قدرة الغرف الفندقية بالوادي الجديد ولعل الجانب الآخر لتعزيز قدرات هذه المحافظة يكمن في التسويق بشكل أكبر لمنتجاتها من الصناعات الغذائية والحرفية خارج الوادي الجديد، وفي معارض دولية، حيث أنها تُنفذ بجودة واتقان وبأيدي ماهرة، بنمط معبر عن التراث المصري، ويتطلع زوار مصر لاقتنائها بشغف واهتمام.

هذا الحجم العظيم من ثرواتنا غير المستغلة لا تقف حدوده عن سانت كاترين والوادي الجديد، بل هما نموذج لأبوابٍ من الخير يُمكن أن نفتحها بأيدينا، لإعادة اكتشاف الأرض والتعرف على مصادر قوتنا، وكما ذكرت بداية، فإن هذه الهبة الربانية تدعو إلى الأمل وتُحفز على العمل.

search