فريدة الشوباشي تكتب.. فيتو تصريح بالقتل
فريدة الشوباشي
يطرح الفيتو الأمريكي الأخير تساؤلات يصعب تجاهلها، فالولايات المتحدة الأمريكية استغلت الأوضاع بعد الحرب العالمية الثانية وأرست نظام الفيتو الذي يضم خمسة عشر عضوا، يستطيع أي عضو منهم تعطيل أي قرار للأمم المتحدة، وهذا وضع غريب يتنافى تماما مع مبدأ الديمقراطية التي تتغنى بها واشنطن، حيث تحكم العالم وتستطيع وحدها إخضاعه لصالحها وهو ما يتنافى تماما مع مبدأ الديمقراطية والذي ارتكبت هذه الدولة باسمه أبشع الجرائم في التاريخ، فهي وحدها التي استخدمت القنبلة النووية التي أبادت الملايين في اليابان، بين من لقوا حتفهم بفعل الانفجار ومن عانوا بقسوة جراء الإشعاع النووي حتى وفاتهم متأثرين بأضراره الجسيمة كذلك.
وكما اتضح بجلاء، في استخدام دولة الاحتلال وتسليحها في جميع حروبها ضد العرب، خاصة مصر، وتدمير العراق، بزعم امتلاكه أسلحة دمار شامل، وتكبيده ملايين الشهداء، والدمار، ثم وبمنتهى الصفاقة، تعترف بأن العراق لم يكن يملك أية أسلحة دمار.
وقد تمكنت الولايات المتحدة، في كل اعتداءاتها من ادعاء أن كل ما تقوم به من اعتداءات مباشرة أو غير مباشرة، يتم بهدف نبيل، وللأسف جندت من يدافعون عن أكاذيبها.
وقد جاءت مأساة قطاع غزة لتكشف الأكاذيب وتنزع جميع الأقنعة المزيفة، حيث لم يسبق أن استمرت إسرائيل في حرب هي الآن في عامها الثاني، وهي حرب إبادة ضد المدنيين العزل، والتي راح ضحيتها أكثر من مئة ألف شهيد في قطاع غزة، معظمهم من الأطفال والنساء، ويتقيأ كل يوم الصهاينة، بأنهم يقومون بإبادة الأطفال "لكونهم سوف يقاومون الاحتلال"!!!، وطبعا تحظى إسرائيل بالكرم الأمريكي الشرير الذي يغدق عليها الأسلحة بغير حساب ويمدها بمليارات الدولارات، مما فتَّح العيون على نوعية العلاقة بينهما، وسقطت أسطورة المظلومية الكاذبة بأن إسرائيل تنشد العيش بسلام، واندلعت المظاهرات المنددة بحرب إبادة، لم يسبق لها مثيل، وبدور الولايات المتحدة الاساسي فيها.
وقد ساهم في اكتشاف الدور الأمريكي المشبوه، ادعاءات واشنطن بأنها تسعى إلى وقف إطلاق النار في غزة وكذلك في لبنان والتي امتدت مؤخرا إلى سوريا، حيث اعتدت دولة الاحتلال على مدينة تدمر الأثرية الرائعة في سوريا، وفق مخطط لإزالة التاريخ العربي.
إن الفيتو الذي أبطلت به أمريكا قرار الأمم المتحدة بوقف إطلاق النار الذي تشنه بضراوة دولة الاحتلال، يفضح ما يسمي بالنظام الدولي، حيث يعطل قرار دولة واحدة ما اتفق عليه بقية الأعضاء وعددهم أربعة عشر عضوا، من بينهم بريطانيا وفرنسا، الدولتان اللتان ساندتا إسرائيل طوال التاريخ السابق على حرب الإبادة الحالية.
لقد كشف هذا التصويت الرهيب، دور الولايات المتحدة الأصلي في كل ما شنته علينا إسرائيل من حروب وحمايتها من أي عقاب مستحق ووقوف العالم أجمع في جهة والدولة التي تدعي أنها مع وقف إطلاق النار، في جهة أخرى.
إن النظام "العالمي" الحالي، يمثل دكتاتورية بشعة تتحكم فيها الولايات المتحدة، مما يوجب الإسراع بنظام عالمي جديد يكفل حماية الشعوب من استهتارها ويحمي العالم من التجاوزات المخجلة مثل تصويتها ضد قرار أممي بوقف إطلاق النار.
لقد حان وقت وضع الولايات المتحدة في مكانها وليس بقوة تفوق قوة العالم.
أخبار ذات صلة
الأكثر مشاهدة
هل سيحل الذكاء الاصطناعي محل الإنسان في سوق العمل؟
-
نعم
-
لا
أكثر الكلمات انتشاراً