د. وليد عتلم يكتب: مصرع الرئيس الإيراني تساؤلات حالية وأخرى مستقبلية
د. وليد عتلم
د. وليد عتلم
بعد ساعات درامية؛ تم تأكيد خبر مصرع الرئيس الإيراني ومرافقيه، حيث أعلنت الجمهورية الإيرانية مصرع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين أمير عبد اللهيان، في حادث تحطم مروحية كانت تقلهما في منطقة جبلية وعرة شمال غربي البلاد.
مصرع الرئيس الإيراني على هذا النحو، يثير تساؤلات حالية وأخرى مستقبلية، لكن قبل الخوض في استعراض تلك التساؤلات، يجب الإشارة والتأكيد على أنه من السابق لآوانه التكهن بسيناريوهات مستقبلية في ضوء عدم وجود تأكيدات إيرانية رسمية، فيما يتعلق بأسباب سقوط طائرة الرئيس ووزير خارجيته، لكن يبقى ذلك محل أحد التساؤلات.
أول التساؤلات الحالية تتعلق بالداخل الإيراني، ومدى تأثير الحادث على إدارة الدولة الإيرانية وتوجهاتها، ورغم فجائية الحادث، إلا أن أثاره على هيكل السلطة في إيران سوف يكون محدودًا، في ظل وجود المرشد الأعلى للدولة الإيرانية علي خامنئي، الذي أكد في أول تعليقاته على الحادث أن «شؤون الدولة لن تتأثر، وأنه يجب على الإيرانيين ألا يقلقوا».
من جانب آخر، فإن مواد الدستور الإيراني حاكمة لهيكل السلطة فيها خاصة على مستوى رأس الدولة؛ حيث ينص الدستور، على أنه في حالة وفاة الرئيس الإيراني أو عجزه عن أداء مهامه، ووفقًا للمادة (131) من دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية «إذا توفي الرئيس وهو في منصبه، يتولى نائبه الأول المنصب، بتأكيد من المرشد علي خامنئي الذي له الكلمة الفصل في جميع شؤون الدولة»، وفي تلك الحالة يتولى محمد مُخبر، النائب الأول للرئيس الإيراني، والعضو البارز في مجمع تشخيص مصلحة النظام، مهام الرئيس بالإنابة، حتى يتم انتخاب رئيس جديد في غضون 50 يومًا، حيث يتولى مجلس يتألف من النائب الأول لرئيس الجمهورية ورئيس البرلمان ورئيس السلطة القضائية ترتيب انتخاب رئيس جديد خلال المدة المحددة، وبالتالي إدارة الدولة الإيرانية لن تتأثر ومن المستبعد حدوث تحولات جذرية في السياسة والتوجهات الإيرانية على مدى القريب.
ثاني التساؤلات الحالية يتعلق بالحادث نفسه، الذي يثير علامات استفهام عدة؛ البعض سارع بإحالة أسباب الحادث لسوء العوامل الجوية في تلك المنطقة في خط سير ومسار الرحلة، ومع الوضع في الاعتبار سوء حالة طائرة الرئيس الإيراني وتأثرها بالعقوبات الغربية المفروضة على طهران، فإيران تمتلك أقدم أسطول طائرات على مستوى العالم، إذ يبلغ متوسط عمر المروحية الرئاسية 28 عامًا، ورغم ذلك كله، لكن كيف يتم تبرير أنّ المروحيتين الأخرتين ضمن الموكب المكون من ثلاث مروحيات «وصلتا إلى وجهتهما بسلام»، وفقًا لما أعلنته وكالة تسنيم وغيرها من وسائل الإعلام الإيرانية؟؟؟!!، وهل المروحيتين أفضل حالًا من تلك المخصصة لرئيس الدولة، والتي من المفترض أنها الأكثر تأمينًا على مستوى الدولة؟؟؟؟!!
ثالث التساؤلات الحالية، تدور حول الجهة المسؤولة عن الحادث، إذا لم يكن حادثًا عرضيًا بفعل العوامل الجوية السيئة ــ وبالطبع أصابع الاتهام كلها في المقام الأول تشير إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والذي يعمل بكل ما أوتي من قوة على اتساع رقعة الحرب في غزة لتشمل الإقليم بأكمله، إنقاذًا لنفسه داخليًا، ومن أجل تخفيف الضغوط الخارجية عليه خاصة ضغوط الحليف الأمريكي، كما أن خسائر العمليات الإسرائيلية ميدانيًا في شرق رفح تضع المزيد من الضغوط على نتنياهو الذي يواجه عاصفة انتقادات داخلية ودولية، ويرى أن سكب المزيد من الزيت على النار يزيدها اشتعالًا ما يعني بقاؤه في السلطة لفترة أطول، بما قد يوفر له خروج آمن على الأقل يقيه شر المحاكمة السياسية على شاكلة لجنة "أجرانات".
هذا الاتهام المباشر للدولة العبرية له حيثياته؛ فالرئيس «إبراهيم رئيسي» كان عائدًا من أذربيجان إلى إيران، ورغم التحسن النسبي الأخير في العلاقات بين الدولتين، إلا أن المتتبع لمسار العلاقات بين إيران وأذربيجان تاريخيًا يعرف أنها علاقات مضطربة تشهد العديد من الخلافات بفعل محددات الإيديولوجيا ومحددات النفوذ والتوسع الإقليمي لكلا الدولتين.
في المقابل، تتمتع أذربيجان بعلاقات يمكن وصفها بالدافئة، حيث تشهد العلاقات الإسرائيلية الأذربيجانية ازدهارًا منذ عام 1992، خاصة على مستوى التعاون الاقتصادي، والعسكري، والاستخباراتي، كما أنها واحدة من الدول القليلة ذات الأغلبية المسلمة، التي تمتلك علاقات تطبيع كامل مع إسرائيل، وهو ما كان محل انتقادات إيرانية دائمة، خاصة مع مخاوف إيران من استخدام إسرائيل للأراضي الأذربيجانية في ضربها.
وعلى مستوى التساؤلات المستقبلية؛ فكلها تتوقف على الرواية والسردية الإيرانية الرسمية حول أسباب الحادث، وفي حال إذا ما كان حادث اغتيال مُدبر في ضوء علامات الاستفهام المتعلقة بالحادث السابق عرضها، فإن ذلك من شأنه أن يكون له تداعيات سلبية إن لم تكن خطيرة على المستوى الاقتصادي خاصة فيما يتعلق بأسعار الطاقة، نفط وغاز، وعلى أمن الممرات البحرية في منطقة البحر الأحمر وخليج هرمز، ومن ثم حركة التجارة العالمية، ثم موقف القوى الكبرى من ردود الفعل الإيرانية التي تم جرح كبرياء الجمهورية الإسلامية باستهداف مباشر لرأس الدولة في حادث يمس السيادة الإيرانية، إذن أمن واستقرار منطقة الشرق بأسرها معرض لمستويات مرتفعة عما هي عليه الآن من التوتر وعدم الاستقرار.
تابع موقع الجمهور عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع الجمهور عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا
الجمهور، موقع إخباري شامل يهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري بما يليق بقواعد وقيم الأسرة المصرية، لذلك نقدم لكم مجموعة كبيرة من الأخبار المتنوعة داخل الأقسام التالية، الأخبار، الاقتصاد، حوادث وقضايا، تقارير وحوارات، فن، أخبار الرياضة، شئون دولية، منوعات، علوم وتكنولوجيا، خدمات مثل سعر الدولار، سعر الذهب، سعر الفضة، سعر اليورو، سعر العملات الأجنبية، سعر العملات المحلية.
أخبار ذات صلة
الأكثر مشاهدة
هل سيحل الذكاء الاصطناعي محل الإنسان في سوق العمل؟
-
نعم
-
لا
أكثر الكلمات انتشاراً