الإثنين، 25 نوفمبر 2024

09:11 ص

رئيس مجلس الإدارة

محمد رزق

رئيس التحرير

أمين صالح

رئيس مجلس الإدارة

محمد رزق

رئيس التحرير

أمين صالح

«الحشاشين» وعقدة الخواجة

الدكتور وليد عتلم

الدكتور وليد عتلم

د. وليد عتلم يكتب:

A A

تطالعنا موسوعة ويكيبيديا بتعريف لـ «عقدة الخواجة» على أنه «مصطلح ظهر ليعبر عن حالة نفسية عامة لشعوب المنطقة العربية، والمصطلح مكون من كلمتين الأولى (عقدة) تعني مشكلة نفسية ما - في السياق النفسي - و(الخواجة) تعني الشخص الأجنبي من خارج البلاد، خصوصاً خارج المنطقة العربية، ويقصد به غالباً الإنسان الأوروبي أو الأمريكي».

وتضيف ويكيبيديا: تعبر هذه الحالة في نفوس أصحابها عن حبهم لكل ما هو غربي ورفضهم لكل ما عربي. 

هنا كلمة حب تعني الإعجاب والاعتقاد والقناعة وتصديق واعتماد كل ما هو غربي، واستبدال العربي بالغربي. وفي المقابل تقليل كل ما هو عربي وعدم الاعتقاد به أو تصديقه أو اعتماده في حال وجود بديل غربي له.

وفي تعريفات أخرى تشير «عقدة الخواجة» إلى ذلك الإعجاب المبالغ فيه، حد الانبهار بكل ما هو غربي أو كل ما هو خارج حدود الدولة من مأكل ومشرب وملبس وثقافة وسلوك، ثم امتدت هذه الظاهرة لتشمل الدراما، وعلى مدار سنوات مضت كان الانبهار المصري بالدراما التركية ثم الدراما السورية، رغم أسبقية وريادة الدراما المصرية، لكن بما أن «عقدة الخواجة» حاكمة، كانت المقارنات دائمة لصالح الدراما المستوردة، تحول الجميع لنقاد، ومهندسي ديكور، وكتاب سيناريو، ومديري تصوير، ومخرجين، لنقد وتفنيد كل ما هو منتج درامي مصري والتقليل من شأنه.

هكذا الحال الآن مع رائعة «الحشاشين» درة تاج إنتاج الشركة المتحدة في الموسم الرمضاني الحالي؛ ومنذ عرض البرومو الدعائي للمسلسل تحول العديد لنقاد فنيين، وباحثين في التاريخ، انهالت التعليقات والمنشورات في مواقع التواصل الاجتماعي بالنقد والتقليل من العمل ووضعه في مقارنات مع أعمال درامية أخرى.

هناك فارق كبير ما بين العمل والتناول الفني، والسرد التاريخي لأحداث بعينها. 

العمل والتناول الفني موجه لجموع المشاهدين، لذلك، هو في جزء منه يعتمد على عناصر الجذب والإثارة والتشويق، وإلا بماذا نفسر عدم الإقبال الكبير على الأفلام الوثائقية على سبيل المثال في مقابل شغف عام ومتزايد بالروايات التاريخية؟ 

الإجابة ببساطة أن هذا النوع من الروايات والأدب يقدم التاريخ في قالب شيق مناسب للجميع، عكس الدراسات التاريخية للمتخصصين. 

وهنا الفرق، «الحشاشين» هو في الأساس عمل فني لعموم المشاهدين، وليس عمل بحثي تاريخي متخصص لأغراض البحث العلمي، نفس الأمر ينطبق على مسلسل الإمام الشافعي العام الماضي، وكان الأكثر جدلا في ذلك السياق عديد أفلام الراحل يوسف شاهين، مثل: «الناصر صلاح الدين والمصير» وغيرها من الأعمال الدرامية.

الشركة المتحدة مع «الحشاشين»" اختارت الطريق الأصعب، قررت المتحدة البحث في جذور وأصول التطرف والإرهاب، ثم تقديم ذلك في إطار فني درامي مناسب للجميع، يخاطب جميع المستويات الثقافية، من المواطن البسيط حتى أستاذ الجامعة، وهي مهمة أعقد ما تكون، لكنها حتى عرض الحلقات الحالية من المسلسل نجحت فيها بامتياز. في ذات السياق؛ وبما أن مصر هي السوق الأكبر للدراما في المنطقة العربية فمن الطبيعي أن يكون المسلسل ناطقا بالعامية لأن الجمهور المصري هو الشريحة الأكبر والأعرض، كما أن متطلبات وضوح الهدف والرسالة للعمل تستلزم استخدام أبسط وأوضح المفردات، وليس لدينا أبسط وأوضح من العامية المصرية. 

والرسالة الآن للجمهور المصري؛ شاهدوا، واستمتعوا، وانتقدوا لكن لا تهدمون، وافخروا أن أصبح لدينا هذا المستوى من الإنتاج الفني والدرامي، نعود مع المتحدة مرة أخرى لزمن جودة الدراما المصرية الجميل وريادتها. وصدق المثل القائل «ما لقوش في الورد عيب، قالوا عليه لغته عامية».

search