تامر أمين يكتب.. التسالي المهلكة
تامر أمين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، هذا الأسبوع سنتحدث عن مسألة في منتهى الأهمية والخطورة، في نفس الوقت وللأسف الشديد تتكرر وتنتشر وتستفحل في هذا التوقيت من كل عام ونحن نحتفل برأس السنة الميلادية وحلول عام جديد، ألا وهي مسألة المنجمين والعرافين الذين يتصدرون المشهد في هذه الأيام ويعتبر الموسم الذهبي لهم.
قد يعتقد البعض أننا أمام مسألة بسيطة لا تعدو كونها مجرد تسلية أو لعبة، أو حتى معرفة من باب الفضول، ولكن الحقيقة أننا أمام مسألة في منتهى الخطورة، لأنها تتعلق بالإيمان والعقيدة واليقين، وهنا يجب التمييز بين اتجاهين، الاتجاه الأول وهو الأبراج الفلكية وتحليل الشخصيات بناء على الأبراج ومواصفاتها وخصائصها، وهذا في رأيي لا مانع منه ولا مشكلة، لأنه يدخل في مجال التسالي والفضول والطرافة في بعض الأحيان.
أما الاتجاه الثاني فهو المحظور بكل أشكاله وأنواعه، ألا وهو التنجيم والتنبؤ بالغيب وادعاء معرفة المستقبل فهذا لا تسلية فيه ولا فضول، لأنه يدخل بنا مباشرة في شبهات الكفر والشرك بالله، وهذا بالمناسبة ليس كلامي، وإنما إجماع الفقهاء والعلماء والمشايخ، لأن الغيب والمستقبل لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى وحده لا شريك له في ذلك، ومن يدعي غير ذلك فقد وقع في المحظور وزعم أنه يشارك الله في علمه وفي غيبه والعياذ بالله.
الشيء الغريب أن لهؤلاء العرافين جمهورًا عريضًا ومتابعين كثر، رغم معرفتهم بالحقائق التي ذكرناها في السطور السابقة، وصدقوني لا يشفع لهم أبدًا محاولة تبرئة أنفسهم بالقول أنهم فقط يستمعون من باب الفضول والتسلية لا أكثر، فهناك حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في معناه، أن من استمع وصدق هؤلاء العرافين فقد أشرك بالله، لأن اليقين الثابت بالله يجب أن يهديك إلى كذب وادعاء هؤلاء المنجمين بالجملة حتى لو صدقت بعض مزاعمهم ورسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه، لم يكن يتنبأ بل كان يؤكد أن كل ما يقوله كان وحياً يوحي به إليه سيدنا جبريل عن رب العزة سبحانه وتعالى وبالتالي فإن التوكيل الحصري للغيب والمستقبل لله وحده لا شريك له فيه.
هذا من الناحية الإيمانية والعقائدية، أما من الناحية الأخرى فتصديق مثل هذه الخزعبلات والمزاعم إنما يدل على سطحية العقول وتخلف في طريقة التفكير، فلا يوجد أبدًا أناس يحترمون عقولهم ويتبعون المنهج العلمي والعقلي في التفكير، ينزلقون إلى هذا المستوى المتدني من السذاجة والسطحية وأنا أؤكد لكم أن المجتمعات التي تنتشر فيها أكاذيب وزعم التنبؤ والتنجيم هي مجتمعات الخرافة والشعوذة والجهل وهي كلها صفات بالتأكيد تؤدي إلى التخلف والرجعية والفوضى.
ورغم كل ما ذكرنا، فأنا متأكد أن الأيام القادمة خصوصا ليلة رأس السنة، سنجد هؤلاء العرافين في كل وسائل الإعلام ومواقع التواصل، يبثون سمومهم وأكاذيبهم للناس ويتقاضون عن ذلك مبالغ مالية طائلة وتزداد شهرتهم ويكثر عدد متابعيهم، لله الأمر من قبل ومن بعد وحسبي الله ونعم الوكيل.
أخبار ذات صلة
الأكثر مشاهدة
ما هي توقعاتك لمواجهة الأهلي وشباب بلوزداد الجزائري في دوري الأبطال؟
-
فوز الأهلي
-
فوز شباب بلوزداد
-
تعادل الفريقين
أكثر الكلمات انتشاراً