تامر أمين يكتب.. سوريا ومفترق الطرق
تامر أمين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هذا الأسبوع سنتحدث عن الملف الأهم والأسخن الذي قفز فجأة إلى سطح الأحداث دون سابق إنذار وبتطورات سريعة ومتلاحقة نكاد نلهث ونحن نتابعها، بالطبع أنا أتحدث عن الملف السوري.
يجب أن نؤكد في البداية أننا لا نتحدث عن دولة عربية شقيقة فقط بل سوريا بالنسبة للمصريين وطنا ثانيا وقلوبهم جميعا تميل للهوى السوري عشقا ومحبة هذا بالإضافة إلى أهمية سورية للأمن القومي المصري والعربي.
ثانيا يجب أن يكون توجهنا جميعا هو الوطن السوري ووحدته وسلامة أراضيه وشعبه دون النظر إلى انحيازات ومذاهب وأچندات، كما وجب التأكيد على أن كلامنا وتحليلنا لا ينطلق أبدا للدفاع عن بشار الأسد الرئيس السوري اللاجئ إلى موسكو حاليا لأنه بالتأكيد مسؤول بشكل مباشر عن مصيره ونهايته نظرا للأفاعيل التي ارتكبها طوال 14 سنة ماضية.
قبل أن نتطرق إلى الوضع الحالي للمشهد السوري وما يمكن أن يسفر عنه مستقبلا لابد أن نعود بالذاكرة إلى الوراء حتى نفهم كيف وصلنا إلى هذه النقطة.
البداية في عام 2011 عندما اندلعت تظاهرات شعبية في سوريا شأنها شأن بعض البلاد العربية الأخرى كتونس ومصر فيما عرف إعلاميا وسياسيا بالربيع العربي ولكن خلافا لباقي الأمثلة المذكورة استطاع بشار الأسد أن يحول هذه التظاهرات الشعبية إلى حرب أهلية مسلحة بين أصحاب الطوائف والمذاهب والأعراق المختلفة لكي ينجو هو ويستطيع الحفاظ على نظامه وحكمه ولم يكتفي الأسد بذلك بل عمد أيضا إلى الاستقواء ببعض القوى الخارجية وعلى رأسها روسيا وإيران من أجل أن يقدما له الدعم السياسي والحماية العسكرية التي تضمن بقاءه بالقوة على كرسي الرئاسة على عكس الإرادة الشعبية وبالفعل نجح بشار الأسد في هذا المخطط وبقى سنوات طويلة على هذا الحال حتى جاءت اللحظة التي لم يكن يتوقعها في نهاية نوفمبر الماضي وانقلب الحال رأساً على عقب بسبب صفقة دولية كبرى اتفقت فيها كل الأطراف على التخلص من بشار، ودعوني أفصح لكم عن ملامح هذه الصفقة التي تمت بإشراف وإخراج أمريكي كالمعتاد.
ببساطة أقنعت الولايات المتحدة روسيا بالتخلي عن دعم بشار في مقابل وعود من الإدارة الأمريكية الجديدة بإنهاء الصراع في أوكرانيا بالشكل الذي ترتضيه موسكو مع احتفاظ روسيا بقواعدها العسكرية الموجودة في سوريا وهو بالضبط ما تحتاجه روسيا لا أكثر، أما فيما يتعلق بإيران فهي بالأصل منشغلة بالتوترات السياسية والعسكرية مع إسرائيل بالإضافة إلى حرصها على إكمال المشروع النووي الإيراني والذي يبدو أنه أصبح أقرب إلى الاكتمال من أي وقت مضى هذا بالإضافة إلى الطمع التركي في السيطرة على المناطق الشمالية من الأراضي السورية التي تخضع بالفعل لسيادة الأكراد، كل هذه الأمور تجمعت في لحظة واحدة لكي يجد بشار الأسد نفسه وحيدا في المعركة دون غطاء حتى من الجيش السوري الذي أضعفه بشار بنفسه لاعتماده على حماية القوة الخارجية.
وليس خفيا عليكم أن كل هذه المخططات تصب جميعا في صالح الكيان الصهيوني الذي استغل الفرصة أفضل استغلال بضربات عسكرية مكثفة دمر خلالها كل ما تبقى من الجيش السوري سواء الأسطول الجوي أو البحري أو حتى سلاح الدفاع الجوى وهو ما يترك سوريا مستقبلا بلا جيش أو تسليح أو عتاد وهو غاية إسرائيلية كبرى في الأساس وهي التخلص من كل الجيوش العربية القوية التي يمكن أن تمثل تهديدا مستقبليا على وجود الدولة العبرية.
السؤال الآن: سوريا إلى أين؟
الإجابة بسيطة، فهناك طريقان لا ثالث لهما، إما الطريق الأول وهو أن يتولى الشعب السوري المدني غير المسيس مقاليد الأمور ويحافظ على استقلال ووحدة الأرض السورية ويقرر مصيره بنفسه كما فعل الشعب المصري في 30 يونيو 2013، وإما الطريق الثاني لا قدر الله و هو أن تستولي الجماعات المسلحة على مقاليد الأمور و تتحكم في مصير سوريا وفقا لانتماءاتها الكثيرة سواء التيارات الدينية التي انطلقت منها أو الأجندات الخارجية التابعة لكل القوى والأجهزة المخابراتية العديدة التي تتواجد وتعبث في الأراضي السورية.
الكرة الآن في ملعب الشعب السوري الذي يجب أن يكون صفا واحدا ويقول كلمته الفاصلة ويعلي مفهوم المواطنة لسوريا على كل انتماء أو طائفة أو مذهب، كان الله في عون السوريين وألهمهم الرشد والصواب.. اللهم آمين.
أخبار ذات صلة
الأكثر مشاهدة
من الأقرب لتولي منصب مدير الكرة في الأهلي؟
-
وليد سليمان
-
محمد شوقي
-
علاء ميهوب
أكثر الكلمات انتشاراً