الشيخ خالد حسن يكتب.. استخدام العقل في تثبت العبادة

لقد كرَّم الله سبحانه وتعالى الإنسان بالعقل وميزه على سائر المخلوقات،  حيث جعل من الأحكام الشرعية والعلمية وغير ذلك من أمور الدنيا،  وإلا وقد يختم كل آياته التي تدل على تلك الأحكام فيقول عز وجل(أفلا تعقلون) ويقول عز وجل (قد فصلنا الآيات لقوم يعقلون)، ونريد أن نبين ميزة العقل الحقيقية ، وهي أن الله وهبنا عقولا لكي نعبد الله عن فَهم ، لأن العبادة عن فهم ترسخ القيم الروحية فينا ، بل وتجعل القلب الذي يتلقى إشارة من العقل يثبت فيه الإيمان،  لأن الإيمان يزيد وينقص كما أخبرنا - صلى الله عليه وسلم على (الإيمان يزيد وينقص).

وقد كان إبراهيمُ عليهِ السلامُ لهُ السبقُ في استخدامِ منهجِ التأملِ والانتقالِ مِن حالٍ إلى حالٍ للوصولِ إلى الحقيقةِ، رافضًا منهجَ التقليدِ وإلغاءَ العقلِ، وسجلت الآياتُ الكريماتُ هذا المنهجَ الفريدَ في الاستدلالِ، قالَ تعالَى: {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ * فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ * فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَاقَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ * إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ}.(الأنعام: 76 - 79).

 غير أن العقل إذا غاب رُفع عنه أي تكليف شرعي وحكمي ومعلومٌ أنَّ العقلَ مناطُ التكليفِ فإذا غابَ العقلُ رُفِعَ التكليفُ عن العبدِ، فعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَبْلُغَ، وَعَنِ الْمَعْتُوهِ حَتَّى يعقل " إن ذلك ليس فحسب، فإن العقل عند تغذيته بما هو يفيد من علوم وترسيخ تلك العلوم النفيسة المفيدة، وأقصد العلوم الشرعية وعلم العقيدة والتوحيد التي تستند دائما إلى الأدلة العقلية مع الأدلة النقلية من الكتاب والسنة ، وهذا كله يجعل العقل محصنًا كل التحصين من العبث فيه أو جعله آلة مطاعة الأمر لأي فكر يخالف فكر ديننا الحنيف لأن كل ما هو في غير ديننا ويخالفه فهو ردّ ، لذلك قال - صلى الله عليه وسلم- (تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله وسنتي).

(اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا،  وارزقنا الثبات على دينك)