محمد رزق يكتب: يجب تخارج الدولة وتمكين القطاع الخاص
محمد رزق
محمد رزق
مما لا شك فيه أن الدولة تواجه تحديات صعبة نتيجة للمتغيرات العالمية، هذه التحديات تستوجب مضاعفة الجهود الحالية لضبط الإنفاق، وكسب ثقة المستثمرين والمؤسسات الدولية، عبر إصلاحات جادة تفضي إلى نتائج سريعة على أرض الواقع، تتضمن أول الحلول ضبط الإنفاق الحكومي، والعمل على زيادة حصيلة النقد الأجنبي.
القطاع الصناعي الذى يساهم بحوالي 17.1% من الناتج المحلي الإجمالي وبنسبة 28.2% من إجمالي العمالة المصرية، ومن الممكن العمل على زيادة مساهمة القطاع في الناتج المحلى الإجمالي.
كما أن ثقة المستثمر الأجنبي تأتي من ثقة المستثمر المحلي، وبالتالي من الضرورة أن تواصل الحكومة النظر في المشكلات التي تواجه المستثمرين، والعمل على تذليل العقبات أمامهم.
هذا إلى جانب أن الحكومة وضعت استراتيجية مرنة لاحتواء الصدمات الداخلية والخارجية بتبني مُستهدفات للاستثمارات الخاصة لتصل إلى نحو 600 مليار جنيه عام 23/2024، بالتزامن مع ذلك أطلقت الدولة «وثيقة سياسة ملكية الدولة»، التي من شأنها فتح آفاق رحبة للاستثمارات الخاصة في مصر، فضلاً عن برنامج الطروحات الحكومية.
وتستهدف الدولة المصرية، زيادة حصة القطاع الخاص بالنشاط الاقتصادي لتصل مشاركته لـ 75%، بدلاً من النسبة الحالية التي تتراوح بين 25 و30%، أرى في وثيقة ملكية الدولة، طريقة مُثلى لنقل الملكية والإدارة للقطاع الخاص، لإتاحة العديد من الرؤى والخطط التنموية.
وليس ضروري تخارج الدولة بالكامل، إنما قد تمنح حق الإدارة فقط وفقا للمصلحة العامة، فمن الضرورة عودة القطاع الخاص لدوره الهام في الحياة الاقتصادية والذي يساهم في زيادة معدل النمو إلى ما بين 7-9% لتوفير فرص عمل وخفض معدلات البطالة.
أضف إلي ذلك أن سوق الاستثمار المصري، يحتاج لتسويق جيد خلال الفترة المقبلة، بإطلاق مبادرات لتعزيز دور القطاع الخاص ورفع نسبة مساهمته في الإنتاج، وهو ما سيكون له مردود إيجابي على السوق المحلي، ما يستوجب التسويق الجيد لفكرة الخصخصة والتي أصبحت كلمة «سيئة السمعة» بسبب ما شاب بعض عمليات البيع لشركات القطاع العام الخاسرة، في عهود سابقة، من حملات هجوم غير موضوعية، فشلت أمامها الدولة في الدفاع عن وجهة نظرها لإحياء هذه الشركات من خلال بيعها لمستثمرين محليين أو أجانب.
أما الآن فقط أصبح دور القطاع الخاص، لا يختلف عليه أحد، وظهرت الدولة أكثر حرصاً على إشراك هذا القطاع في قيادة مسيرة النمو الاقتصادي، وقد أقول إن الدولة لأول مرة يكون لديها إيمان كامل بأهمية دور القطاع الخاص، في القطاعات الجديدة، خاصة التكنولوجية والصناعية، وهو ما يستوجب إعادة النظر في فلسفة بيع شركات القطاع العام الخاسرة، وأيضاً الرابحة، فلن يستمر نجاح إدارة الدولة للمشروعات الاقتصادية إلا بتغيير نمط الإدارة على الأقل، ونقل إدارتها لشركات رائدة، تقوم في الأساس على اقتصاديات السوق الحر.
لقد كان برنامج الطروحات الحكومي، مؤشراً على جدية الدولة لتنفيذ هذا التوجه، الذي تأخر كثيراً، ولا يجب أن يستمر هذا التأخر، لأسباب بعضها متعلق بالبيروقراطية، وأخرى بسبب سعر البيع، أو تخوف المستثمرين من منافسة الدولة، أو بسبب مستقبل العمالة الموجودة بهذه القطاعات، وهو ما سنقدم فيه رؤية كاملة في مقال آخر، ولكن أود أن أذكر القائمين على برنامج الطروحات، بمثل مصري قديم «خسارة قريبة أفضل من مكسب بعيد»، فالتأخر في البيع يتتبعه مزيد من الخسائر وعدم الثقة في جدية التخارج، خاصة في المجالات التي ستحتفظ فيها الدولة بنصيب من المنافسة، تفرضها أبعاد لها أهمية خاصة لدور الدولة.
الأهم الآن هو أن يكون التخارج من بعض القطاعات قائماً على إعطاء القطاع الخاص، منافسة عادلة، تستوجب إلغاء بعض الميزات لمثيلتها في القطاع العام أو الموازي، ليستمر في السوق الأحق في المنافسة، فقواعد السوق الحر كفيلة أن تضبط نفسها بنفسها، وأن تبقي على الأفضل، لمن يقدم أفضل منتج أو خدمة بأفضل سعر، وهو ما ظهر في تنفيذ أغلب المشروعات القومية خلال السنوات العشر الأخيرة، فقط أظهرت شركات القطاع الخاص قدرة وكفاءة في تنفيذ هذه المشروعات، تستحق عليها، إعطاءها فرصة أكبر ومجالات أوسع للعمل والتوسع.
أخيراً.. يجب أن تتوقف فوراً حملات الهجوم والتشكيك وأيضاً الخوف من رجال الأعمال والمستثمرين، خاصة الأجانب من بعض الدول، وهي حملات يقف ورائها جماعات لا تبتغي خيراً للاقتصاد المصري، بعد أن أصبح مهيئاً بفضل الإرادة السياسية، للانفتاح على العالم، ودخول حلبة المنافسة العالمية، فمزيد من التأخير يعنى الابتعاد أكثر عن ميدان المنافسة، في مرحلة هي الأهم للاقتصاد المصري للانطلاق نحو أفاق أوسع، تضع مصر في المكانة التي تستحقها.
أخبار ذات صلة
الأكثر مشاهدة
هل سيحل الذكاء الاصطناعي محل الإنسان في سوق العمل؟
-
نعم
-
لا
أكثر الكلمات انتشاراً