يا «سلام» ملكت قلوب الملايين

لا أفهم حقًا من يتقدم بالنقد للموقف الإنساني الرائع الذي قام به الفنان محمد سلام، ولا يستطيع عقلي تفسير من يتحدث عن قيامه بالعرض المسرحي والتبرع بالأموال للشعب الفلسطيني، فهل من المنطقي أن يقف على المسرح يغني ويرقص وإخواننا بفلسطين يتعرضون للقصف بشكل يومي، ويموت منهم الآلاف ويعطيهم المال الذي حصل عليه بسبب محاولته إضحاك الآخرين في وقت قلبه فيه ينفطر من الحزن.

هل يمكن أن يقف على المسرح ليقوم بالغناء والرقص في وقت يرى فيه صور وفيديوهات الأطفال القتلى والمصابين، وهو أمر لا يمكن أن يستوعبه عقل بشري حقًا، ولا أعرف كيف لأشخاص أن يهاجموا هذا الموقف، ويتهموه باتهامات غير مفهومة، وهو حر في رأيه وقراره.

وسيذكر التاريخ أن هناك فنانا مصريا رفض التربح بمبلغ مالي ليس بقليل، من أجل شعوره بالحزن والقهر على إخواننا بفلسطين، ولعل هذا الإعلان الذي قام به لدعم القضية الفلسطينية، يؤثر على مسيرته الفنية بالكامل بشكل سلبي، والله رأيت في عينه حزنا لا يستطيع أن يقدمه بشكل تمثيلي، وإنما هو نابع من داخل قلبه، ويتحدث ويبدو عليه الانكسار.

يا «سلام» ملكت قلوب الملايين، وأصبحوا جيشك الذي يدافع عنك في وجه كل من يهاجمك، ونجحت في توصيل إحساسك لنا، وظهر منك لا مبالاة بالأموال مقابل الإنسانية، وسنظل نذكر ما فعلته طوال حياتنا، ونستشهد به كموقف رجولي وبطولي، وضعت به الكثير من نجوم الفن الرافضين التوقف عن العمل في مأزق وأزمة، فهم يغضبون من الهجوم عليهم من الجماهير عندما تطالبهم بالتوقف عن العمل دعمًا للقضية، ويطلبون من الجميع أن يتركهم وشأنهم لأن هذه حياتهم الشخصية، ويستمرون في الهجوم على محمد سلام بسبب موقفه.

هو حقًا موقف غير مفهوم من بعض الفنانين، فمن المفترض عليهم إما القيام بما فعله محمد سلام، وإما على أقل تقدير دعم موقفه، أو الصمت التام وعدم توجيه نقد أو لوم، فليس كل يشترى بالمال، فهناك مبادئ ومواقف لا يقوم بها إلا الرجال.