الأدب العربى و ملحمة العبور

أجواء مفعمة بالزهو والشعور بالانتصار تملأ الوجدان كلما هل علينا شهر أكتوبر من كل عام بكل بما يحمله ويمثله، حيث تتجسد ملامح التلاحم الشعبي الذى جمع بين الشعب المصري بكل مكوناته، في واحدة من أروع لحظات تاريخنا المعاصر،  بكل ما بها تماسك وتوحد خلف هدفه الأسمى والأنبل وهو تحرير الأرض واستعادة الكرامة، حتى أن الأوراق الرسمية لوزارة الداخلية لم تسجل في أيام الحرب جريمة واحدة على الإطلاق، وهذا ما يحمل دلالة عظيمة ومهمة .

بعد نصف قرن من الانتصار العظيم يظل السؤال مطروحاً حول ما قدمه الأدب العربي عن أعظم حروبنا في العصر الحديث، وربما نجد الإجابة مؤلمة فيما قاله الشاعر الراحل نزار قباني عندما سئل عن هذا الأمر فأجاب :"أدب ضحل لا يرقى إلى قامة الدم، الذي أريق".

هذه الإجابة الكاشفة التي تحيلنا إلى حالة غياب الأدب – خاصة الرواية -  عن رصد تلك البطولات العظيمة كما قدم هوميروس عن "حرب طروادة" أو كما كتب "هيمنجواي"  في رائعته "وداعا للسلاح" وغير ذلك من أعمال خلدت الأحداث العظيمة وخلدت كإبداعات في وجدان الملايين.

لماذا اكتفى «توفيق الحكيم» بمقالة بعنوان "عبرنا الهزيمة" و "نجيب محفوظ" بعدد من المقالات حملت عنوان «دروس أكتوبر" ؟ .

لعل التجربة الأهم في أدب أكتوبر-السردي -كانت ما قدمه "جمال الغيطانى " في مجموعته القصصية " حكايات الغريب " التي رصد خلالها تجربته في العمل كمراسل حربى أثناء الحرب. كما قدم بعد الكتاب إبداعات عن الحرب من بينها مجموعة القاص قاسم مسعد عليوة والتي حملت عنوان " لا تبحثوا عن عنوان إنها الحرب "

وعلى مستوى الشع،ر فإن صلاح عبد الصبور وممدوح عدوان وعبد المعطي حجازي وفؤاد حداد وفؤاد قاعود وغيرهم قدموا عدد من القصائد بينما قدم حسن فتح الباب ديوانا كاملًا.

فهذا الوضع من ندرة الأعمال الأدبية  يتطلب  ضرورة الإهتمام بما يسمى "أدب الحرب" وأهمية تشجيع المبدعين المعاصرين على تقديم أعمال تتناول هذا الحدث العظيم خاصة أنه قد مر نص قرن وباتت تفاصيل الحرب واضحة وقد تبلورت بما يكفى في مخيلة كل مبدع.
وبمناسبة الاحتفال باليوبيل الذهبي للنصر العظيم هذه دعوة لفتح نوافذ الإبداع حول البطولات التي قدمها الجندي المصري منذ نصف قرن . وتتبنى الدولة متمثلة فى وزاراتها المعنية ومؤسساتها المختلفة مسابقات ومؤتمرات  كبرى للإبداع حول الحرب وتخصص نوافذ لنشر الأعمال المقدمة وإعادة طبع كل الأعمال الشعرية والقصصية والراوية التي قدمت حول تلك الملحمة الكبرى .