علاء عصام يكتب.. إلى رجال الأعمال «أنتم السبب في التضخم»
علاء عصام
تابعت لقاء دولة رئيس الوزراء مصطفي مدبولي، مع عدد من رجال الأعمال منذ أيام، ورغم سعادتي بحالة الحوار التي تجريها الدولة مع الجميع للانتقال للحكم التشاركي أو ما يسمي بحكم الإرادة، إلا أن هناك عدد كبير من الملاحظات علي ما قاله هؤلاء، وأبرزهم رجل الأعمال هشام طلعت مصطفي، وللأسف لم أستمع لرد مقنع في مواجهتهم خلال اللقاء يرضيني.
وخلال اللقاء، أعرب هشام طلعت مصطفي عن غضبه وحزنه الشديد من وصول الفائدة في البنوك التي تتحملها الشركات إلي ٣٢٪ وهو بمثابة عائق أمام تجار العقارات علي حد وصفه، ولكن في الحقيقة أن هذه النسبة يتحملها المستهلكين وليس ملوك الساحل، لأنهم من يشترون هذه العقارات، كما أنني كنت معتقد بحسن نية أن هشام طلعت مصطفي سيتحدث عن مشكلات مصر بشكل حقيقي، ولكني اكتشفت أنه يبحث عن تسهيلات بنكية بفوائد أقل للمشترين حتي يساهم ذلك في زيادة مبيعاته هو وكل تجار العقارات.
لم تقف المهزلة عند ذلك بل ضرب مصنعي الحديد مصالح الشعب كالعادة عرض الحائط، وصرخوا في وجه الدولة، لأنها منعت البناء علي الأرض الزراعية بدعوي أن ٧٠٪ من المصريين لا يبنون، وطبعا هذا الحديث يعبر عن غضب مصنعي الحديد التي قلت مبيعاتهم من الحديد، ولا ينظرون إلي مصلحة دولة وشعب يعاني من تآكل الرقعة الزراعية بسبب البناء غير المنظم في الريف المصري علي مدار سنوات طويلة.
وعلي غرار إذا لم تستحي فافعل ما شئت يعود رجال الأعمال الذين شاركوا في اللقاء وينفون دور القطاع الخاص في إحداث التضخم الذي تعاني منه مصر، وقالها رجل الأعمال هشام طلعت مصطفي بوضوح: "لم يتسبب القطاع الخاص في حدوث تضخم"، ولكن في حقيقة الأمر القطاع الخاص هو المتسبب الأول في التضخم.
فعلي مدار ٧٠ عاما تراجع التصنيع في مصر مع بداية عهد الانفتاح وأصبحنا نعاني من خلل في الميزان التجاري تسبب في زيادة الواردات علي حساب الصادرات، ما ساهم في عدم قدرتنا علي توفير عملة صعبة من التصدير لشراء احتياجاتنا، وعدم توفير المنتج المحلي بنسبة مكون محلي كبيرة لتوفير احتياجات المصريين، وبسبب هذه السياسات التي تنم عن قوة شبكة الاقتصاد الاحتكارية والريعية علي حساب حق الفقراء في الحياة وبناء مجتمع إنتاجي متقدم أصبحنا نعاني من التضخم.
وكما يحاول رجال الأعمال نسب أزمة التضخم لاشتعال ثورات وحروب حول مصر من كل اتجاه ساهمت في خفض مصادرنا الدولارية من قناة السويس والسياحة، فدوما حجتهم تقع علي الأرض بلا أي تأثير، لا سيما وأن هذه السياسات تبناها القطاع الخاص المصري بالاشتراك مع صندوق النقد الدولي وخبراء المعونة الأمريكية منذ سبعينيات القرن الماضي، وأثارها تظهر مع كل أزمة تتعرض لها مصر، وفي الوقت ذاته هؤلاء يزدادون غني ونحن نزداد فقرا.
وأود أن أذكر قيادات القطاع الخاص أنهم حققوا ثرواتهم من التوريدات الحكومية، فلا داعي من إعلان غضبكم خلال اللقاء من دور القطاع العام ومؤسسات الدولة في الاقتصاد، لأن بصراحة شديدة منتجاتكم هي التي بيعت لبناء المشروعات القومية ومشروعات الدولة وأنتم سعداء بذلك علي عكس ما تصرحون.
وللحقيقة كنت مستغربا من عدم تفرقة رجال الأعمال خلال اللقاء بين معدلات النمو والتنمية، لاسيما وأن الفرق بينهما كبير للغاية فالأخيرة متدهورة، بينما معدلات النمو لا تعبر عن توزيع عادل للثروة في مصر أو تقدم اقتصادي، وعلينا أن نركز علي التنمية لإنقاذ مصر والمصريين، ونذكرهم أن معدلات النمو في عصر مبارك التي وصلت لـ ٨٪ لم ينتفع منها المصريين صحيا أو تعليميا أو حتي غذائيا.
وطبعا ذكر رجل الأعمال ياسين منصور أهمية تقنين أوضاع الاقتصاد غير الرسمي لوقف نزيف التهرب الضريبي في مصر بينما لم يأتي ذكر التلاعب الضريبي عبر منظومة الاقتصاد الرسمي وهو الأمر الذي يحتاج لوقفة، ومراجعة حتي نجد أموال ننفق منها علي التعليم وصحة المصريين.
وفي النهاية نحن مع الحوار دوما ولكن يجب أن نشهد رؤية اقتصادية إنتاجية تؤسّس لجيل جديد من المصنعين والمنتجين الوطنيين وتكون قوة الدولة المنتجة هي الأقوى والأكثر قدرة علي إدارة الاقتصاد وليس المحتكرين.
أخبار ذات صلة
الأكثر مشاهدة
ما هي توقعاتك لمواجهة الأهلي وشباب بلوزداد الجزائري في دوري الأبطال؟
-
فوز الأهلي
-
فوز شباب بلوزداد
-
تعادل الفريقين
أكثر الكلمات انتشاراً