السبت، 21 ديسمبر 2024

11:20 ص

رئيس مجلس الإدارة

محمد رزق

رئيس التحرير

أمين صالح

رئيس مجلس الإدارة

محمد رزق

رئيس التحرير

أمين صالح

tru

أحمد محمد توفيق يكتب .. «أدينا بنسترجل» !

أحمد محمد توفيق

أحمد محمد توفيق

A A

كنت من أشد المناهضين لمقولة أن كُل الرجال قضوا نحبهم في أكتوبر ٧٣ حتى رأيت طابوراً طويلاً ممن يمارس رجولته من منطلق ذكوري بحت، دون مبرر، إلا "ادينا بنسترجل"!


ولعلي ممن يرون مقدار رجولة المرء يُقاس باتساع ابتسامة المحيطين به، لاسيما زوجته وأبناءه، إذا كان يُغدق عليهم بشعور الاهتمام، ويحيطهم بسياج الأمان الذي ينشدونه، كي يرجون الاستماع لصوت مفاتيحه في الباب لحظة عودته من الخارج، ويرونها مصدر سكينة واطمئنان.


وعلى النقيض، أرى عينة من الرجال ـ يتزايد عددهم بمنتهى الأسف ـ يُمارسون تصرفات ذكورية ظناً منهم أنها إثبات رجولة، حيث يفرضون تحكمهم في كل شيء يخص أسرتهم، كنوع من الوصاية والرقابة، وليس المسؤولية، وضرورة العلم بكل خطوة يخطوها أفراد أسرته، دون أي مساحات مرنة للحركة والتصرف، فضلاً عن ارتباط تواجده بينهم في المنزل بصراخ ونذير.

إن تلك التصرفات الذكورية تعكس قدراً ضئيلاً من الثقة في داخل من يسلكون هذا المسلك، فهو متمسك بخيار الشك تجاه كل من يحيطون به، وهو الأمر الذي نجد مُبرره في شخصية " سي السيد ”، الذي كان يفرض سياجاً من القمع على أفراد أسرته، وبخاصة زوجته "أمينة"، بينما يُمضي ليله غارقاً في الملذات والفجور، ثم يرتدي ثوب الفضيلة نهاراً، ولذا لا يثق أمثال "سي السيد" في المجتمع، ويكونون شديدي الخوف من البشر، ويظنون أن قمع أسرتهم حماية لهم.

هذه التصرفات الذكورية وإن كانت تشبع رغبة ذلك "الذكر" في إثبات ذاته، فإنها في واقع الأمر، لا تُسهم في تحقيق الانضباط المرجو، حيث تخلق سلوكاً مُضاداً من الخوف وبالتالي الكذب، للتخلص من سطوة هذا الأب المُتسلط، فالخوف يروي شجرة الكذب ويجعلها تنمو وتكبر في داخل الإنسان حتى تسيطر على كل ما يقوله، ليعتقد ـ بعكس القول الشائع ـ أن الكذب منجاة.

لا يقتصر الأمر على  "الكذب" إذا تتبعنا الصفات السلبية التي يغرسها مثل هذا النهج من التعامل "الذكوري"، فإنه أيضاً لا يُشعر الأبناء مثلاً بالأمان المنشود، وبالتالي البحث عن هذا الأمان المفقود في مصدر آخر، وفي دائرة بعيدة عن الأسرة التي تحولت الحياة بينها إلى جحيم لا يُطاق، الأمر الذي قد يُلقي بهم في براثن "شلل" غير سوية، وانحرافات لا حُدود لها، ومن ذلك طريق الإدمان، أو التطرف، وليس الأمر كما يبدو متناقضاً، فكلا الطريقين يمنحان الشخص شعوراً زائفاً بالأمان والثقة؛ ويُشكلان محاولة للتخلص من قيود هذا الأب الذكوري المتسلط.

والحقيقة، أن هناك دوماً خط رجعة يمكن للإنسان إتباعه إذا كان ذو عقل رشيد، يتدبر نتائج سلوكه، ويسعى لتقويم تصرفاته كل حين، من منطلق الحرص على أن يصبح له الأثر الإيجابي في حياة من حوله، ويكون عليه حينها تعويض الدائرة المحيطة به من خلال التواجد بشكل أكبر، واكسابهم الثقة المفتقدة، ومنحهم مساحة مرنة للحركة والتصرف تحت رقابته، دون أن يتخلى عن دوره ومسئوليته تجاه هؤلاء، بل تغيير التكنيك والخطط لتحقيق ذات الأهداف.

اتخاذ خطوة الزواج وتكوين أسرة ثم قرار الإنجاب، ُيمثل خياراً يتخذه الإنسان بكامل إرادته، ولا بد أن يعي أن ذلك يفرض عليه نمطاً أكثر إيجابية والتزاماً تجاه من حوله، حيث يصبح من الضروري أن يساهم في بناء أسرة قويمة، تكون لبنة سوية لمجتمع صالح، كما يجب أن يدرك أن فارقاً كبيراً بين أن تكون رجلاً.. وأن تمارس ذكورتك تحت زعم" "أدينا بنسترجل". 

search