الخميس، 12 ديسمبر 2024

05:32 ص

رئيس مجلس الإدارة

محمد رزق

رئيس التحرير

أمين صالح

رئيس مجلس الإدارة

محمد رزق

رئيس التحرير

أمين صالح

Margins

هبة سامي تكتب: سوريا والشرق الأوسط الجديد

هبة سامي

هبة سامي

هبه سامى

A A

‏منذ سنوات بدأت تظهر أطماع الغرب في المشرق العربي وبدت جلية في إسقاط الدول وتقسيمها منذ عام 2000 بدءا بالعراق مرورا بتونس واليمن وسوريا وليبيا والسودان ومصر، ولأن العالم العربي لا تهدأ صراعاته ولا أصوات التفجيرات هنا وهناك أخذت سوريا منحنى خطرا بهروب بشار الأسد عقب تخلي القوى الداعمة له بعد حروب داخلية استمرت لأعوام طويلة دُمرت فيها سوريا ونزح أبناؤها إلى العديد من دول العالم، لتبدأ تساؤلات عديدة حول مستقبل سوريا في الأيام القادمة.

‏دعم إعلامي غير مبرر للإرهاب رأيناه سابقا ونعرف جميعا عواقبه الوخيمة حين يتقدم زعماء التنظيمات الإرهابية بتوجيه أنظارهم نحو الحياة المدنية لدخول السياسة من أوسع أبوابها الخلفية ضمن صفقات داخلية ودولية ليس لها سوى مصالحها الشخصية التي لن تعم على سوريا بشيء من النفع  بل إنها مجرد جزء في استكمال حلقة إعادة تشكيل القوى في الشرق الأوسط التي تستغل موقعه وثرواته لنفسها، لأن امتداد هذا الإرهاب الذي ارتدى عباءة السياسة وخلع ملابس الحرب سينال أمن المنطقة بأكملها في فرصة لعودة التنظيمات الإرهابية الأخرى كداعش كما أنه هو نفسه كان جزءا من تنظيم القاعدة..

‏خرج رئيس وزراء سوريا على شعبه في مظهر وطني حكيم حيث تحدث عن تواجده في وطنه للحفاظ على مرافق الدولة وأن حكومته مستعدة للتعاون مع أي سلطة لنقل أعمال الدولة إليها بشكل سليم ومنظم ولكن في الحقيقة لازلنا نتساءل من سيكون لديه أحقية الاستيلاء على ذخيرة الجيش السوري النظامي ومقدراته العسكرية بعد فقدان الدولة لحكومتها وربما لحدودها أيضا والذي يظهر هشاشة الدولة السورية وسقوط مناعتها في صراعات لم يحظ  بغنائمها سوى هذا الغزو الإرهابي.

‏من سيستطيع أن يدير دولة في هذه المرحلة الانتقالية من تاريخها؟ وهل يمكن الوثوق بشخصية الجولاني الذي يتنقل بين وجه المحارب السلفي المتسامح حينا والوجه السياسي العسكري الليبرالي حينا آخر؟ كما يمكننا التشكيك بتعاونه مع إسرائيل في قصف غرب وجنوب سوريا بحجة عدائه لبشار الأسد وقطع أذرعه التي تتمثل في إيران وروسيا والصين وإسقاط هذه القوى في المنطقة الآن مع إسقاط كيان الدولة السورية.

‏بات جليا لدى المتابعين لما يحدث في منطقة الشرق الأوسط أن تقسيم الدول إلى دويلات على رأس أي خطة قادمة ولكن فيما يخص إسرائيل مثلا نرى هناك بوادر حفاظ على حدودها  مع سوريا آمنة عن طريق الاستيلاء على الجولان السوري، فضلا عن تواجد قواعد روسية وأمريكية ويد لإيران متمثلة في حزب الله ومليشيات عراقية وقوات تركية وفتن مذهبية طائفية (الحرب بين السنة والشيعة) داخلية لم يستطيع نظام الدولة نفسه إحكام قبضته حول هذا الملف حتى الآن.

‏وبالنظر لتاريخ سوريا القديم وحضارتها العريقة وثقافتها وموقعها الجغرافي حيث تمر بها أقدم طرق التجارة في التاريخ ومدنها الاستراتيجية، تدخل سوريا نفقا مظلما وتسير طريقا مروعا نحو المجهول لا نرى في الأفق سوى أسماء متعددة لتنظيمات تشبه القاعدة أو تتبع عقيدتها في المسير، فمن الحاكم الذي سيمكنه قمع كل هؤلاء ! حروب طائفية، قوى مستعمرة خارجية تعيش بالداخل وغزو إرهابي داخلي وخارجي تمكن من إحكام قبضته وضربات إسرائيلية هنا وهناك؟ من سينتهي ومن سيبقى؟ وهي جميعها قوة متناقضة المصالح لم يجمعها شيء سوى إسقاط النظام في الدولة السورية.

‏لم ينج سوى مصر ضمن محاولات الإسقاط والتقسيم في الوطن العربي رغم استمرار محاولات إضعافها اقتصاديا بشكل متعمد لسنوات، فكيف سيكون مستقبل الوطن العربي بعد توالي سقوط دُوله على يد شعوبه الضعيفة التي اتبعت طريق الجهل والظلام؟ متى سوف ننتبه لهذه الحرب الشرسة التي يخطط لها منذ أعوام بدقة بالتخريب الفكري والتسليح والتدريب القتالي والتفريق وتطبيع الثقافات؟ ومن سيكون على رأس المخطط في المرة المقبلة؟ 
حفظ الله الوطن..
 

search