الأربعاء، 04 ديسمبر 2024

09:20 م

رئيس مجلس الإدارة

محمد رزق

رئيس التحرير

أمين صالح

رئيس مجلس الإدارة

محمد رزق

رئيس التحرير

أمين صالح

تامر أمين يكتب.. لبنان الحلم الضائع

تامر أمين

تامر أمين

A A

‏السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هذا الأسبوع سنتحدث عن اتفاق وقف إطلاق النار الذي بدأ هذا الأسبوع بين إسرائيل وحزب الله اللبناني وتم برعاية أمريكية فرنسية.


‏في البداية لابد أن اعترف أن هذا الاتفاق ليس إلا حبر على ورق لأنه ببساطة لا يحمل أي ضمانات حقيقية تضمن تنفيذه أو تضمن حماية الأراضي اللبنانية من القصف والعدوان الإسرائيلي عليها والدليل على ما أقول هو استمرار الهجمات الإسرائيلية المتفرقة على أنحاء مختلفة من لبنان وليس فقط الجنوب اللبناني الذي يتمركز فيه حزب الله كما أن البنود الموضوعة في الاتفاق تفتح الباب على مصراعيه ‏لإمكانية خرق الاتفاق ‏مثل بند ‏حق كل طرف في الدفاع عن نفسه وهي العبارة المقيتة التي طالما كرهتها لأنها الذريعة الدائمة التي يقدمها المجتمع الدولي وعلى رأسه أمريكا كهدية مجانية لإسرائيل من أجل العدوان على الدول العربية المجاورة لحدودها.


‏النقطة الوحيدة التي تجعلنا نرضى جزئيا على هذا الاتفاق هو أنه يعطي فرصة للشعب اللبناني لكي يتنفس ويعيش ويأخذ استراحة ولو مؤقتة من القصف والموت والدمار أما غير ذلك فالاتفاق مجحف وواهٍ.


‏السؤال هنا لماذا وافق الطرفان على وقف إطلاق النار؟


‏لنبدأ بموقف حزب الله فهو الأسهل والأوضح، طبعا سيستغل حزب الله هذه الفرصة ليعيد ترتيب البيت من جديد بعد أن تلقى ضربات موجعة وقويه أثرت بشكل كبير على بنيته التحتية وعلى عناصره القيادية وصولا إلى أيقونة الحزب حسن نصر الله وباقي القيادات كما أنها فرصة لإعادة الانتشار والتمركز بين قواته هذا بالطبع بالإضافة إلى محاولة تدعيم قدراته التسليحية والعسكرية خاصة ما يتعلق بالدعم الإيراني التسليحي.


‏أما على الجانب الآخر، فموافقة إسرائيل على الاتفاق هو الذي يبدو غريبا لأنه يمنح خصمه ‏ما ذكرناه من فرص في السطور السابقة؛ ولكن المراقب بدقة للمشهد الإسرائيلي يتأكد أن الكيان الصهيوني هو الذي يحتاج إلى هذه الفرصة الآن أكثر من أي طرف آخر نظرا للاستنزاف الشديد الذي تعرضت له إسرائيل في حرب بل حروب طويلة استمرت الآن لأكثر من 14 شهرا مما ترك أثرا سلبيا كبيرا على العتاد الإسرائيلي ومن قبله الجانب المعنوي والنفسي للجنود والمجتمع، أما الزاوية الأخرى فهي حالة الانقسام الموجودة داخل القيادة الإسرائيلية بين نتنياهو ومعاونيه ووزرائه إلى الحد الذي وصل بهم إلى التلاسن وتبادل الاتهامات ثم الإقالات المتتابعة لجنرالات الجيش.


‏وفوق كل هذه الأسباب تبقى رغبة الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته جو بايدن في أن يصنع إنجازا ولو بسيطا من وجهة نظره قبل أن يرحل من البيت الأبيض غير مأسوف عليه وهو ما دفعه للضغط على نتنياهو لقبول الاتفاق بأي ‫ثمن.


‏تتبقى هنا النقطة الأخيرة في هذا المشهد وهي النقطة الأهم (الشعب اللبناني) الذي للأسف لا حول له ولا قوة، ولا ناقة له ولا جمل في هذا الصراع سوى أنه الطرف الذي يدفع الثمن ويتعرض للضرب والقتل والتخريب، والحقيقة رغم عشقي للبنان وتضامني الكامل معهم إلا أنني لا أعفيهم من المسؤولية نظرا لحالة الشتات والانقسام والطائفية التي يعانون منها منذ عقود طويلة وهي التي أدت إلى عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي وفتحت الباب واسعا أمام الفراغ السياسي في الحكم بالإضافة إلى التدخلات الواسعة من القوى الخارجية إقليميا ودوليا في الساحة اللبنانية، فهذا الوطن يا سادة كنا نحلم له جميعا منذ زمن بأن يكون واحة للتعايش السلمي والازدهار السياحي والاقتصادي المتفرد بما يشكل نموذجا فريدا لما يحوي من مقومات ومزايا وفرص ولكن للأسف الشديد كغيره من الملفات في واقعنا العربي ما زال حلما ضائعا.

search