أحمد الكومي يكتب.. هجان
أحمد الكومي
الفيلم السعودي (هجان)، هو بمثابة نقلة لصناعة الفيلم السعودي، عمل فني مدهش يجعلك تتفاعل معه بوجدانك، حبكة فنية متناسقة وسلسة، مشاهد وحوار وإيقاع سردي منسجم ودقيق وواقعي، أداء مبهر لفريق العمل.
الفيلم جعلني كمشاهد أدخل في خبايا وأسرار سباقات الهجن، وجذبني على مدار ساعتين بحبكته الفنية ودقة وواقعية مشاهده.
بالنسبة لي لا يبهرني أفلام الحركة واختلاق المشاهد التراكبية المبهرجة، وإنما يبهرني أن ينقلني العمل الفني إلى حالة من المشاعر الداخلية والإحساس بالشخصيات ومناقشة الأفكار الدفينة والقناعات خلف الفعل الإنساني وربط الحبكة بالزمان والمكان.
يروي فيلم (هجان) قصة الطفل مطر وأخية غانم، وهما يتيمان يعيشان في صحراء تبوك، غانم يدخل سباق الهجن، ثم يحدث له حادث مأسوي أثناء السباق عن طريق خدعه سببها مالك الهجن المتسلط جاسر، ويموت غانم في حلبة السباق أمام أخيه مطر.
يدخل مطر سباق الهجن ويفوز في منطقته، فيطلب منه بيع ناقته (حفيرة)، وبعد محاولات يذهب مطر وناقته للعمل تحت سلطان مالك الهجن جاسر لتنطلق رحلة مطر في اكتشاف ألاعيب جاسر وتسلطه على الهجانة، فيبحث مطر عن طريقه نحو الحرية.
الممثل عبدالمحسن النمر برع في تقديم دور جاسر مالك الهجن القاسي الذي يرغب في الانتصار بأي ثمن لتخليد اسمه في لوحة الشرف، لأن فوز جاسر بسباق الهجن على المستوى المحلي أكبر من مجرد انتصار، إنه علامه على المكانة الاجتماعية والوجاهة بين كل وجهاء سباقات الهجن.
الطفل الرائع عمر العطوى برع في دور الصبي مطر الذي يكتشف أن جاسر كان السبب وراء وفاة شقيقة غانم، فيسعي للانتقام تارة وللهروب إلى الحرية مع ناقته (حفيرة) تارة أخرى.
المخرج المصري المبدع أبو بكر شوقي قدم عملا فنيا رائعا، فنقلنا على مدار ساعتين من التفاعل مع الأحداث ومع حوار شيق وصراع ممزوج بحس إنساني يتفاعل مع وجدان ومشاعر المشاهد.
المؤلفان عمر شامة ومفرج المجفل، قدما سيناريو شيق وقصة ذات مغزى عميق، في ظل تعطش السينما لهذا النوع من القصص التي تعكس التجارب الإنسانية، والتي تقدم حبكة حركية جذابة تجذب انتباه المشاهد، ولذلك أقول العمل السطحي الفقير فنيا ينتهي بعد مشاهدته أو بعد خروجك من السينما فهو للتسلية، بينما العمل الغني فنيا يبقى ويخلد.
أخبار ذات صلة
الأكثر مشاهدة
هل تتوقع نجاح المبادرة الحكومية لتحويل السيارات من البنزين إلى الغاز؟
-
نعم
-
لا
أكثر الكلمات انتشاراً