الإثنين، 25 نوفمبر 2024

12:34 ص

رئيس مجلس الإدارة

محمد رزق

رئيس التحرير

أمين صالح

رئيس مجلس الإدارة

محمد رزق

رئيس التحرير

أمين صالح

"المبادرة المصرية لمحو أمية لغة الإشارة"

د. دعاء زهران

د. دعاء زهران

د. دعاء زهران

A A

"نرى في أبنائنا من ذوي الهمم، ما يجعلنا نفتخر ونعتز بما وصلوا إليه، وما حققوه من إنجازات غير مسبوقة في مختلف المحافل والمناسبات مما يعكس القدرات الاستثنائية التي يتمتعون بها وإمكانياتهم غير المحدودة، على مجابهة التحديات وتجاوزها وهو ما يعزز في ذات الوقت من طموحاتنا وتطلعاتنا تجاههم ويدفعنا إلى بذل الغالي والنفيس، في سبيل تمكينهم وتنمية مهاراتهم، وإتاحة الخدمات التدريبية والتأهيلية لهم واكتشاف مواهبهم وصقل إبداعاتهم الكامنة.

أود أن أغتنم هذه الفرصة، لأوجه جميع الجهات المعنية بالدولة للعمل على وضع المزيد من البرامج والخطط واتخاذ ما يلزم من إجراءات تنفيذية، ولتكن جهود تمكين أبنائنا من ذوي الهمم، جزءًا لا يتجزأ، من الأولويات التي تستهدف الارتقاء بحياة المواطنين بوجه عام".

ما سبق جزء من كلمة فخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية خلال احتفالية قادرون باختلاف عام 2022، مما يؤكد على وجود دعم رئاسي متواصل لذوي الهمم والارتقاء بحياتهم وتسهيل ما يواجهوه في الإدارات التنفيذية للمصالح الحكومية، وتطوير القوانين المصرية الخاصة بذوي الهمم بما يتماشى مع مستجدات العصر وفقًا لمستهدفات الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وهي دمج وتأهيل ورعاية قادرون باختلاف وتعزيز مشاركتهم السياسية كجزء أصيل في المجتمع المصري.

ولا عجب في ذلك؛ فدولة يونيو الوطنية، ومنذ عام 2014 وضعت على رأس أولوياتها تعزيز وحماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، والتي يمثل فيها قضية تعزيز وحماية حقوق الإنسان، ومكافحة التمييز خاصة ضد ذوي الاحتياجات الخاصة خياراً استراتيجياً، وهو ما تم ترجمته في الدستور المصري عبر (9) مواد منه خاصة بذوي الإعاقة في الدستور المصري لعام 2014، وتعديلاته لعام 2019.

والقانون رقم (10) لسنة 2018 الذي عرّف الشخص "ذي الإعاقة" في مادته الثانية بأنه: "كل شخص لديه قصور أو خلل كلي أو جزئي، سواء كان بدنياً، أو ذهنياً، أو عقلياً، أو حسياً، إذا كان هذا الخلل أو القصور مستقرا، مما يمنعه -عند التعامل مع مختلف العوائق- من المشاركة بصورة كاملة وفعالة مع المجتمع وعلى قدم المساواة مع الآخرين.

القانون أشار أيضا إلى التعريفات التالية:

التمكين: ويعني إزالة الحواجز، وتسهيل وإتاحة الفرص للشخص ذي الإعاقة لتطوير قدراته وإمكانياته للحصول على حقوقه، والنهوض بمسؤولياته، ومشاركته في التخطيط واتخاذ القرار في شئونه، وإسهاماته في تنمية المجتمع.

الحماية الاجتماعية: أي تمتع الأشخاص ذوي الإعاقة بجميع حقوقهم علي قدم المساواة مع الآخرين، بما في ذلك حقهم في الضمان الاجتماعي، وفي مستوى معيشي لائق ، وضمان مشاركتهم في البرامج والسياسات الاقتصادية التي تسهم في الحد من الفقر والاستبعاد وعدم المساواة، وتعزيز الاستقرار والتماسك الاجتماعي بهدف تلبية احتياجاتهم من خلال تأمين الدخل والوصول للرعاية الصحية والتضمين داخل المجتمع، وحمايتهم من الأزمات والكوارث، حتي يتحقق لهم الاستقرار الاقتصادي والعدالة الاجتماعية.

الرعاية: الخدمات اللازمة التي تقدم للأشخاص ذوي الإعاقة بما يتناسب مع نوع ودرجة ومدي استقرار إعاقتهم ، ومع ظروفهم الاقتصادية والاجتماعية، واحتياجاتهم، وميولهم، واختياراتهم، وحقوقهم.

ذكرت إحصاءات الاتحاد العالمي للصم أنه يوجد حول العالم نحو 72 مليون أصم، 80 % منهم يعيشون في البلدان النامية، ويستخدمون أكثر من 300 لغة إشارة.

مصرياً: يوجد ما يقرب من نحو 8 مليون مصري من الصم والبكم، يمثلون نحو 10% من الصم والبكم في العالم، يعاني نحو 90% منهم الأمية والبطالة، وذلك رغم أن قانون (10) لسنة 2018 نص في الباب الثالث منه وتحت عنوان "الحق في التعليم"، نصت المواد من 10 إلى 17 على حقوق جميع فئات ذوي الاحتياجات الخاصة على الحق في التعليم، وضرورة دمجهم تعليمياً، وتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من تعلم مهارات حياتية ، ومهارات في مجال التنمية الاجتماعية وتكنولوجيا المعلومات، لتيسير مشاركتهم الكاملة في التعليم.

ولأن لغة الإشارة هي جسر التواصل الوحيد بين فئة الصم والبكم والعامة من المتكلمين، وهي اللغة التي تعتبر من أقدم وسائل التواصل والتخاطب للصم والبكم، وقد ظهرت في إسبانيا في القرن 17 للتعامل مع من لا يملكون القدرة على الكلام والسمع.

فمن واجب الحكومات والمجتمعات والمنظمات إطلاق برامج تثقيفية تعليمية لتلقين هذه اللغة بهدف معرفة كيفية التخاطب مع هذه الشريحة. مؤسسات الدولة وبالشراكة مع المجتمع الأهلي والمدني اجتهدت في دعمهم من خلال توفير فرص التعليم والعمل لهم وان لم تكن ترتقي لطموح ذوي الإعاقة والتي تتأمل ان يتوافر لها ما يتوافر في المجتمعات المتقدمة التي تحرص على تأدية حقوق ذوي الإعاقة قبل غيرهم.

فالواقع يشير إلى أنه لا يزال هناك العديد من التحديات تجاه محو أمية أصحاب الصم والبكم، خاصة إذا ما نظرنا إلى عدد المدارس والفصول الخاصة بالصم والبكم نسبة إلى عدد تلك الفئة من المصريين، حيث تشير الإحصائيات إلى أنه يوجد نحو:

300 مدرسة مخصصة للصم والبكم على مستوى جمهورية مصر العربية، تخدم نحو 12 ألف طالب فقط، وتتنوع ما بين ابتدائي وإعدادي وثانوي، لكنها تركز في تعليمها على المهن التي تتناسب مع ضعاف السمع وتهمل الجانب التعليمي. رغم أن مصر كانت من أوائل الدول على مستوى المنطقة العربية التي اهتمت بتعليم تلك الفئة، حيث أنشئت أول مدرسة في مصر لتعليم الصم والبكم في عام 1904، وهو ما لا يتناسب مع حجم تلك الفئة المهمة من المجتمع، التي تمثل جزء أصيل لا يتجزأ من المجتمع المصري.

لذلك ومن خلال "المبادرة المصرية لمحو أمية لغة الإشارة" نسعى إلى بناء جسر جديد من التواصل مع أصحاب الهمم من الصم والبكم وضعاف السمع، بهدف تلبية احتياجاتهم وتسهيل ظروفهم في الحياة اليومية، والعملية. كما نهدف أيضاً إلى العمل على دمجهم بشكل كامل في المجتمع والاستفادة المثلى من قدراتهم الإبداعية، عبر تأهيلهم وتعزيز قدراتهم والبداية في ذلك هو محو أمية لغة الإشارة.

كما ندعو إلى تطوير شامل للبرامج التعليمية المخصصة لتلك الفئة على المستويات كافة. فمن ناحية لا بد من تطوير المناهج بشكل كامل، ومن ناحية أخرى يجب تأهيل المدرسين بشكل يمكنهم من التعامل مع ذوي الإعاقة السمعية. فمن النتائج المترتبة على عدم حصولهم على تعليم جيد، المعاناة الشديدة فيما بعد في الحصول على فرصة عمل مناسبة، وهذه واحدة من أهم التحديات التي تواجه هذه الفئة. إضافة إلى مشكلة التعليم الجامعي. وكذلك ضرورة العمل على إعداد حصر دقيق ومحدث لأعداد الصم والبكم وضعاف السمع في مصر، حتى يمكن العمل تأهيلهم ودمجهم في المجتمع المصري.

search