فريدة الشوباشى تكتب.. الصحراء هى الحل
فريدة الشوباشي
من الأيام التي لا أنساها، كان يوم عودتي بعد أربع سنوات في باريس، لتقديم استقالتي من الإدارة القانونية لشركة أسمنت طرة، حيث كنت محامية بالشركة، وأصبت بصدمة شديدة بعد رؤية كورنيش النيل، الذي بدا وكأنه في بلد آخر بعد اختفاء اللون الأخضر المبهج وحلت مكانه، ألوان باهتة، من الطوب الأحمر و الأبيض.
قصدت مدينة حلوان لزيارة أمي المقيمة بها، وكنت أنتظر انتهاء المشهد المفجع من رؤية، عمارات جديدة، قبيحة المنظر فوق الأراضي الزراعية وحتى داخل النهر الخالد، غير أنه صدمني مشهد اختفاء النيل وراء هذه العمارات حتى وصلت إلى المدينة التي عشت فيها منذ طفولتي حتى زواجي ومغادرتها، بكيت أكثر من مرة يومها وقلبي ينزف من مشهد العدوان الغاشم على الأراضي الزراعية وكتبت استنكارا لما حدث، بينما لدينا صحراء لا نهاية لها.
وكما أشار رئيس الحكومة الدكتور مصطفى مدبولي منذ أيام إلى معارضي بناء المدن الجديدة في الصحراء بدلا من الأرض الزراعية، وهو ما مثل جهلا تاما بأهمية الحفاظ على هذه الأراضي، أو مخططا شريرا بالتهام الأرض الزراعية، خاصة في ظل انفجار سكاني هو بمثابة قنبلة موقوتة.
وقد أثبت كلام رئيس الوزراء وعي هذه الحكومة وإدراكها للمسؤولية الخطيرة، بالحفاظ على الأرض الزراعية المحدودة في وجود صحراء شاسعة.
وتساءلت يوم وصولي بعد سنوات من الغياب، أين مؤسسات الدولة من هذا العدوان الأثيم على الأرض الزراعية والذي التهم مساحات شاسعة من الدلتا، وكان معروفا أن المحليات غضت الطرف عن هذه الجريمة لقاء رشاوي كبيرة وعندما يعرض الأمر على القضاء يحكم بأن "يبقى الوضع على ما هو عليه" ولا شك أن مشاهدة المباني الجميلة التي أقامتها الدولة للملايين من المواطنين، وسكان العشوائيات المهينة يؤكد شعورنا بالارتياح، وازدياد الثقة في دولة ثلاثين يونيو بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي باتت تجربته في مصر نموذجا يحتذى به ومحل إشادة دولية كبيرة من معظم القيادات، خاصة تلك التي تزور مصر، وهو ما يفسر تنامي الثقة في التعاون مع مصر، كما عبر الرئيس الإستوني خلال زيارته هذا الأسبوع.
وقد أصبحت الإصلاحات التي تحققت مصدر جذب للتعاون الثنائي بيننا وبين العديد من دول العالم، أي فتح أبواب الأمل بالنهوض بالوطن وتنامي قدرته على استيعاب التكنولوجيا الحديثة في مختلف الميادين، وتوطين الصناعة، بما يضمن مستقبل الأجيال القادمة، وفتح أسواق العمالة ثم القضاء على البطالة.
إن ما يحدث على أرض الواقع هو أقوى وأنجع سلاح ضد حملات إطلاق الشائعات المسعورة، التي تهدف إلى تشكيك المواطن في إنجازات بلده، وهو ما فشل فيه الأعداء حتى الآن وسيفشلون فيه مستقبلا، حيث ظهر الحق وزهق الباطل، إن الباطل كان زهوقا.. وكما قال الشاعر المصري العظيم صلاح جاهين، نفوت على الصحراء تخضر نفوت، نفوت على الصحراء تخضر نشقى خدود الناس تحمـر والمسؤولية ما بين أحضاننا مقاديف تقربنا من البر.
وبالتأكيد يدرك الجيل الحالي أن مصر الثلاثين من يونيو تستعيد مكانها ومكانتها، في ظل قيادة وهبت حياتها للنهوض بالمحروسة حتى تكون أم الدنيا أد الدنيا بإذن الله.
أخبار ذات صلة
الأكثر مشاهدة
هل سيحل الذكاء الاصطناعي محل الإنسان في سوق العمل؟
-
نعم
-
لا
أكثر الكلمات انتشاراً