علاء عصام يكتب.. «النصر للسيارات» و«الغزل والنسيج» طريق مصر للإنتاج
علاء عصام
نجحت مصر خلال السنوات الماضية في تطوير شركتي النصر للسيارات التي تأسست عام 1959 في عهد الرئيس جمال عبدالناصر، والغزل والنسيج التي تأسست عام 1927 على يد طلعت باشا حرب، ورغم مرور سنوات قديمة على تراكم الديون على الشركتين، وتوقف الإنتاج، فإن هاتين الشركتين عادتا بقوة للإنتاج المحلي والتصدير.
خلال أحد عشر عاما في حكم الرئيس عبدالفتاح السيسي، حققت مصر نجاحا مبهرا على مستوى البنية التحتية في العاصمة والمحافظات، وأسست الدولة 14 مدينة جديدة حديثة وذكية، ساهمت في زيادة مساحة مصر العمرانية 5%، إذ أصبحنا نعيش على 12% من مساحة مصر بعد أن كنا نعيش على 7% فقط قبل عام 2014.
وفي ظل الصراع العالمي الذي نشهده وأثر سلبيا على الاقتصاد المصري، وقلل من مدخلات مصر الدولارية، حيث تأثرت قناة السويس بالحرب في البحر الأحمر وقل دخلها، كما تأثرت السياحة سلبا، وقلت نسبة مساهمة المصريين في الخارج عما كان من قبل، ما تسبب كل ذلك في ضعف موارد الدولة الدولارية.
وتحولت محنة الخلل في ميزان المدفوعات لصالح الواردات على حساب الصادرات إلى منحة، حيث انتبهت الدولة إلى ضرورة تقليل الواردات والبدء في دراسة الأسواق الخارجية وتطوير شركات القطاع العام وقطاع الأعمال، وتشجيع القطاع الخاص لزيادة الإنتاج المحلي وزيادة الصادرات، وستساهم هذه الإدارة في زيادة موارد الدولة الدولارية، ونتمنى أن تقلل من فاتورة الواردات الثقيلة التي تهدد جسم الاقتصاد بمخاطر كبيرة.
ويأتي مشروع إنتاج شركة النصر لسيارات وحافلات وبطاريات كهربائية، نموذجًا واضحًا لعملية الإنقاذ، لا سيما أن مصر حتى تستطيع أن تنافس في الأسواق الخارجية، كان عليها لزاما أن تنتج سيارات صديقة للبيئة وذكية وتتماشى مع منتجات الثورة الصناعية الرابعة، وهو الأمر الذي سيكون له نتائج إيجابية وسيساهم في زيادة نسبة الصادرات ويعمق من قدرتنا على المنافسة في الأسواق الخارجية.
وبالتوازي مع الفوائد الكثيرة محليا لهذه السيارات الكهربائية، ومنها قلة تكلفة الشحن مقارنة بتكاليف البنزين، وانخفاض تكاليف الصيانة أيضا في السيارات الكهربائية بسبب عدم تشغيلها بالمحركات التي تعمل بالزيت والذي سينعكس على المواطن بشكل إيجابي ويقلل إنفاقه، فهناك أيضا فوائد اقتصادية أخرى ومنها زيادة فرص العمل، وتوفير منتج مصري بنسبة مكون محلي 50%، وإنتاج البطارية في مصر بالاشتراك مع الشركاء في سنغافورة والصين ما يجعلنا نصل لنسبة مكون محلي يصل إلى 70% خلال 5 سنوات.
وللأسف عاشت مصر سنوات طويلة تُجمع قطع غيار السيارات عن طريق الاستيراد، ويستفيد المحتكرون في مصر من دفع جمارك بنسبة 20% على التجميع، وظلت نسبة المكون المحلي 30% ويُحسب من هذه النسبة 13% عمالة رخيصة، وطبعا لو قام نفس المحتكرين باستيراد السيارة كاملة من الخارج كانوا سيدفعون 100% جمارك، ولهذا اتجهوا نحو التجميع، وتحججت الحكومة بأهمية التجميع في توفير فرص عمل ودفع ضرائب، ولكن عندما نقارن بين التجميع والإنتاج المحلي الحقيقي سنجد فرقًا شاسعًا.
في حالة المصرية للسيارات ستنتج مصر أهم مكون في السيارة وهي البطارية، وستقوم بتصديرها كمنتح محلي بنسبة 100%، ولهذا تمثل عودة عمل هذه الشركة بهذا الشكل الجديد والتكنولوجي والحديث نقلة نوعية في منهج الإنتاج والتصنيع في مصر.
وعلى غرار النصر للسيارات عادت الغزل والنسيج، تنتج ملابس ومنتجات غزل حديثة، تناسب احتياجات السوق العالمية، وفي ظني تمثل هذه القفزة إحراجًا كبيرًا للقطاع الخاص، الذي يركز استثماراته في اقتصاد الربح والخدمات، رغم قدرته على التصنيع وزيادة نسبة المكون المحلي.
ولعل تحرك الدولة في مسار تقليل الواردات، وزيادة نسبة المكون المحلي ونجاحها، يكون بمثابة حافز لرجال الأعمال المصريين، الذين يجب أن يتحملوا مسؤوليتهم الوطنية لإنقاذ هذا الوطن المنهك من الاستيراد.
وأخيرا أدعو الدولة بنسج سياسة تصنيعية تجبر كل الفاعلين في الاقتصاد على التصنيع والإنتاج والتصدير، وإذا كان في العمر بقية سنوضح في مقال قادم كيف نفعل ذلك.
أخبار ذات صلة
الأكثر مشاهدة
هل تتوقع نجاح المبادرة الحكومية لتحويل السيارات من البنزين إلى الغاز؟
-
نعم
-
لا
أكثر الكلمات انتشاراً