علاء عصام يكتب.. «الفاشية والصهيونية عرائس أمريكية لمص دماء الشعوب»
علاء عصام
أنتجت الثورة الفكرية في أوروبا، مُنجزات علمية وفلسفية عظيمة، ساهمت في تأسيس عقد اجتماعي حرر الشعوب من سطوة حكم الكنيسة والملوك والأمراء، وأصبح للأوروبيين دساتير تُعطيهم حقوقا، وتُحمل الملك لأول مرة التزامات تجاه شعبة، بعد أن كان قراره هو الأوحد باعتباره ممثلا عن السماء، وقراراته تسير على رقاب الجميع.
وعلى الرغم من ما حققته أوروبا من منجزات ليست فقط سياسية وفلسفية، بل أيضا علمية وإنتاجية، لكن هذه الثورة الفكرية أنتجت لنا أيضا طبقة تمتلك الآلة البخارية والنقود، وطبقة أخرى مطحونة تعمل أكثر من خمسة عشرة ساعة، وتتكدس في هناجر المصانع لكي ينتج عمالها قهرا أرباحا لا حصر لها في جيوب الرأسماليين، الذين يمثلون نسبة قد لا تزيد عن 2% من مجمل سكان العالم المُستعبدين.
وظلت هذه الطبقة تنمو وتشكل نظاما اقتصاديا رأسماليا عالميا في أغلب أنحاء أوروبا، وانطلقت رياحها عبر الاستعمار إلى أمريكا الشمالية، بداية من القرن السابع عشر وصولا إلى القرن العشرين.
وظهرت الأفكار اليسارية الطوباوية وبعدها النظرية العلمية الماركسية، لمقاومة الرأسمالية التي تطحن طبقة العمال والفلاحين والفقراء والُمستغلين، ولُتقدم لنا نظاما علميا وعالميا وتقدميا يحرر العالم من الإمبريالية، وهى أعلى مراحل الرأسمالية، ونعني بها استعمار الطبقة الرأسمالية لدولنا الأفريقية ودول الجنوب والشرق، لاستغلال مواردنا وعمالنا بالقوة والقتل والقهر، لتعظيم أرباح هذه الطبقة بلا حدود.
ولم يكن أمام هؤلاء الطُغاة سوى صناعة الأفكار الفاشية والنازية، ودعمها بكل السبل، لإخماد الثورات الشيوعية في أوروبا وأمريكا وباقي أنحاء العالم.
وكلما تصاعد غضب الفقراء في أوروبا والأمريكتين وروسيا والصين ومختلف دول العالم، وآمنوا بالشيوعية سبيلا للخلاص من مُلاك الآلة ونير الاستعمار، خططت ودعمت وتساهلت الطبقة الرأسمالية مع الفكر النازي بألمانيا، والفاشيين في إيطاليا والصهاينة في فلسطين، مما جعل بريطانيا تدعم تأسيس دولة إسرائيل بكل ما تملك من أموال وقوة عسكرية وتقدم علمي، ويتيح رجال أعمالها الفرص لهتلر وموسوليني للتمدد أوروبيا في مواجهة الشيوعيين.
وكان نجاح الثورة البلشفية في روسيا عام 1917 وانتشار الأحزاب الشيوعية في الصين ومصر وكل قارات العالم في الربع الأول من القرن العشرين، يكاد يعصف بهذه الطبقة المستعمرة والمستغلة للعالم، مما جعل أباطرتهم يدعمون الحزبين النازي بألمانيا والفاشي في إيطاليا، وكذلك جماعة الإخوان في مصر، والفاشيون اليابانيون وإلى آخره من الجماعات الفاشية، لمجابهة الأحزاب اليسارية وغضب الفقراء.
ومثلما قال كارل ماركس مؤسس النظرية العلمية الاشتراكية "الدين أفيون الشعوب"، استطاع الفاشيون والنازيون أن يصنعوا الانحياز العرقي والآري، مخدر آخر شديد الخطورة لتجنيد ملايين الفقراء، واقتيادهم نحو القتل والتعصب والعنف، مما يجعلهم جيشا لهتلر وموسوليني والبنا، يُكفرون العلم والثورة العلمية والاشتراكية وكل منجزات الثورة الفكرية، التي صنعتها الطبقة الرأسمالية نفسها.
وأدركت هذه الطبقة الرأسمالية سهولة هزيمة الفاشيين والنازيين، حتى لو على أنقاض ملايين الفقراء والمُستغلين عبر سنوات طويلة، وحتي لو اضطروا للتحالف مع الزعيم السوفيتي ستالين واليساريين مؤقتا في الحرب العالمية الثانية.
وبالطبع هم يُدركون أن الحرب مع الفاشية والنازية والمتأسلمين، ستخصم من قوة وموارد الدول الشيوعية والفقراء، الذين مازالوا في بداية بناء قوتهم ومعسكرهم الاشتراكي، ولذلك استعانوا بالجهاديين من أفغانستان للقضاء على السوفييت.
بينما الرأسمالية البريطانية والفرنسية والأمريكية الشمالية الوليدة، قادرة على النمو والاستمرار، مستقوية بما حققته من ثروات مالية وعلمية وقوة عسكرية مهولة، في سنوات أطول سبقت المعسكر الاشتراكي بثلاثة قرون على الأقل، إلى جانب قدرة الرأسمالية علي قصقصة أظافر الفاشية، واللعب بهم كالدمية، فيما بعد، لمحاربة أي فكر ينحاز للفقراء ويعادي الرأسمالية والسامية المصطنعة.
وعبر سنوات من النضال الشعبي في القرون الماضية، اقتنعت الشعوب في كل أنحاء العالم، بألا تفرق بين الصهيونية والفاشية والنازية والمتأسلمين، بل أصبحت أكثر وعيا ونضالا ضد كل هؤلاء وتعتبرهم عرائس في يد الرأسمالية، وتهتف الشعوب بكل جوارحها فلتسقط الرأسمالية الغربية صانعة الفاشية والصهيونية، ومن وراءهم أمريكا.
وفي النهاية ذهبت أنا المصري ابن حزب التجمع خلال شهر نوفمبر الحالي، ضمن وفد الحزب، للمشاركة في مؤتمر عالمي بفنزويلا الأمريكية الجنوبية، ضد الفاشية والإمبريالية الأمريكية، وانتهزتها فرصة لأقص على البرلمانيين المشاركين من 70 دولة، ذكريات الشعب المصري في مواجهة جماعة الإخوان الفاشية في ثورة 30 يونيو 2013، ومسيرة نضالنا ضد الفاشية والصهيونية حتى الآن.
أخبار ذات صلة
الأكثر مشاهدة
هل يستطيع ترامب إنهاء الحرب على غزة ولبنان والصراع الروسي الأوكراني قريبا؟
-
نعم
-
لا
أكثر الكلمات انتشاراً