علاء عصام يكتب.. إلى الشيخ حسان (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ)
علاء عصام
لم أكن أبدا من محبي "الشماتة" أو من يخوض في نشر فضائح البشر؛ لأنني دوما مؤمن بأن ابن آدم يخطئ قاصدا أو غير متعمد في بعض الأحيان، ولكنني أشعر بالاشمئزاز عندما يحاكمنا دعاة السلفية كل يوم على سلوكياتنا الطبيعية شديدة الإنسانية، ويصل بهم الأمر لتكفيرنا نيابة عن الله، ويحكمون بقتلنا، وفي ذات الوقت يفعلون كل الفواحش والجرائم ببجاحة لا نظير لها.
فكلما تذكرت تحريم السلفيين، سلوك وعادات وحياة المصريين شعرت بالغضب والمرارة، بداية من الحكم على الأكل باليد اليمنى أو اليسرى، وفرض الحجاب والنقاب بالقوة، ومنع عمل المرأة، مرورا بتحريم الغناء والمسرح والسينما والفن بشكل عام، وصولا لتكفير كل من هو غير سلفي، ووصف المصريين بالمرتدين الذين يعيشون في مجتمع الجاهلية.
وللأسف الشديد تأخرنا سنوات طويلة عن العلم والتطور العالمي واللحاق بالثورات العالمية الأربعة، بسبب تكفير العلوم ومنجزاتها في مختلف العصور، فكان السلفيون في القرنين الثامن والتاسع عشر يكفرون علوم الكيمياء والفلك والحفريات، بدعوى مخالفتها للقرآن وأحكامه.
وفي الوقت الذي كان الغرب يخترع الآلة البخارية في ثورته الصناعية الأولى، ويشرع في صناعة القطارات في ثورته الصناعية الثانية، كان المصريون يُحاسبون وُيحاكمون على الإبداع ونقل علوم الغرب، من مشايخ الولاية العثمانية، وأبناء ابن عبدالوهاب فيما بعد، ويُحاكمون بالسجن والقتل إذا جاهروا باكتشافات في الكيمياء أو الفيزياء تجعلنا نلحق بالعلم المادي الحديث، وما حققه من منجزات عملاقة.
وتوالت عملية التكفير والتحريم واستخدام العنف والسلاح على مدار القرنين العشرين والواحد والعشرين، وظهر وجه هؤلاء «القبيح» قبل ثورة 30 يونيو بمائة عام، ووصل الأمر لضرب أخواننا الأقباط بالجنازير وحرق محلات الذهب بالصعيد، والاعتداء الوحشي على الطلاب والطالبات المصريات، إذا رفضن ارتداء الحجاب أو في حالة نظموا معرضا للرسم أو مسرحية في حرم الجامعة.
وظل الصراع بين الشعب المصري المحب للحياة، والذي يمثل الفكر الوسطي المعتدل في المنطقة العربية، وبين الظلاميين المتخلفين المعادين للعلم والحداثة، إلى أن ثار الشعب ثورته على الحكم الديني في 30 يونيو، ومن هنا تأكدنا أن شعبنا كشف سلوكيات الإرهابيين والسلفيين والمتأسلمين، الذين ذبحوا مواطن شيعي خلال حكم محمد مرسي الإخواني في أبو النمرس، وحرقوا الكنائس وقتلوا 500 مسلم سني يصلون في أحد مساجد سيناء، وروعوا المصريين، وكادوا يدمرون حياتنا وسلامنا وتماسكنا واستقرارنا وحياتنا وجيشنا وحدودنا ودولتنا جمعاء.
ذات هؤلاء الذين خرجوا من منبع سلفي واحد يرتكبون أبشع الجرائم وأبسطها على مدار سنوات، ومازالوا يطلقون على أنفسهم دعاة ويقفون على ناصية الجنة والنار، وكلما حاكمونا أسأل نفسي من يحاسب هؤلاء على جرائمهم من قتل وحرق وتكفير، إلى أن قبض عليهم يتزوجون القاصرات ويتعاطون المخدرات، ويقطعون جسد الأطفال تحت اسم الختان؟.
وفي النهاية سيُحاكم الداعية ابن الشيخ حسان بالقانون الوضعي على اتهامه بتعاطي المخدرات، فهو للأسف يُطلقون علية أيضا داعية ورجل التقوى والإيمان والصلاح، وفي المقابل سنتسامح ونقبل نحن المصريين ببراءته أو إدانته طالما مازال متهما، وسنقبل بحكم قضائنا عليه بالأدلة المادية وبتجرد ومساواة وحقوق كاملة في التقاضي والدفاع والإثبات، وليس بالخرافة والجهل وادعاء النبوة والتحدث باسم الله، بينما سيظل هؤلاء يحتكرون الحقيقة والإيمان ومفتاح الجنة.
وأخيرا وليس آخرا هل ستقبل يا شيخ حسان بمحاكمة ابنك بقوانينكم الغيبية والعدائية والقاسية، أم أنك الآن ستُحلل القوانين الوضعية ودرجات التقاضي المنطقية والموضوعية التي وضعها البشر، لإنقاذ ابنك بكل السبل؟!!.
أخبار ذات صلة
الأكثر مشاهدة
هل يستطيع ترامب إنهاء الحرب على غزة ولبنان والصراع الروسي الأوكراني قريبا؟
-
نعم
-
لا
أكثر الكلمات انتشاراً