فريدة الشوباشي تكتب.. البيروقراطية عدو شرس
فريدة الشوباشي
من أكثر الأمور التي تُدخل الطمأنينة إلى قلوبنا، وتشيع الثقة بمستقبل واعد، الخطوات المتعددة التي تقوم بها الدولة للقضاء على البيروقراطية وآثارها المدمرة على الوطن.
وقد شرح رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي ما سببته البيروقراطية من خسائر من جهة، إضافة إلى كونها مصدر الضرر الحقيقي لأحلام المواطن بخروج مصر من كابوسها الخانق.
وأذكر أنني عندما كنت أعمل في باريس نبهت إلى إجراء بيروقراطي لا يليق بدولة مثل فرنسا تعتمد على المنطق، حيث كان على زوجي الراحل علي الشوباشي مطالب بكتابة إقرار بحالته العائلية وطبعا أنني زوجته وأن نبيل ابنه ووجهت سؤالي للسلطات الفرنسية، يمكن إلا أستمر زوجة لعلي، لكن كيف يقر كل عام بأن نبيل ابنه؟ ووافقني وقتها العديد من الأصدقاء.
ومن مساوئ البيروقراطية التي تضعها في موقع العدو أنها سمحت بتفشي آفة الرشوة بصورة مفزعة، ومعيقة لأي قرار بناء، ولن أنسى أبدا ما حدث لي وأنا أغادر إلى باريس في منتصف السبعينيات، أن طلب مني الموظف المسؤول منحي تأشيرة الخروج، شهادة ليسانس الحقوق!
وكدت أجن لتعطيل دخول ابني للمدرسة وقلت للرجل، إن الليسانس كان يعلق علي جدران المنزل، أيام جدي ولكني أقدم لك المستندات المعقولة، مثل شهادة إخلاء الطرف من الشركة التي أعمل بها والتصديق على استقالتي، وشهادة نقابة المحامين بأن سجل خدمتي نظيف تماما، مع ذلك نظر إلى الرجل في برود وهو يقول لي، أنا عايز الليسانس! هرعت جريا الي مكتب اللواء عصام الرمالي، إن لم تخني الذاكرة بخصوص اسمه، رئيس المجمع وقتها ورويت له ما جرى وأنا أردد باستنكار، أنا ممكن أكون حاصلة على ليسانس الحقوق ولا أكون محامية، إنما يستحيل أن أكون محامية بدون ليسانس الحقوق.. نظر لي اللواء بعمق ووضع تأشيرة علي الورق تقول، تمنح تأشيرة الخروج فورا، عدت إلى طابور طالبي تأشيرة الخروج وما أن رآني الرجل إلا وصرخ في وجهي، قائلا، يا ست انتي مش قلت لك هاتي الليسانس؟
أجبته بحدة، اقرأ التأشيرة، قرأها الرجل وامتقع وجهه وكأن بيني وبينه ثأر، ومنحني التأشيرة، ولدى مغادرتي القاعة قال لي الموظف المسؤول عن تنظيم الجمهور: يا أستاذة كنتي حطيله في الجواز عشرة جنيه كان أعطاك التأشيرة فورا، كدت أصرخ استنكارا وأنا أقول له: يعني لو أنا جاسوسة ووضعت له في الجواز ورقة بخمسين جنيه، يمنحني التأشيرة؟ اجابني الرجل بثبات، نعم يا أستاذة.
وظلت ذكرى هذا اليوم حاضرة في وجداني بعد هذه السنوات، وأنا أشعر بأن واضعي التعقيدات الخانقة أمام أي إنسان يريد قضاء حاجة أو الحصول علي حق مشروع، وأي إجراء يتعلق بموافقة الدولة، عليه رشوة المسؤول عن تقنين الطلب مما أضر بمصلحة مصر، وقد أكد الدكتور مصطفى مدبولي، تيسير الإجراءات، خاصة ما يتعلق منها بالاستثمارات المفيدة للوطن وللمواطنين، مؤكدا أن الانتقال قريبا إلى الرقمنة سيتيح آفاقا جديدة في مسيرة الجمهورية الجديدة الواعدة باستعادة مصر مكانها ومكانتها، حيث إن الآلة لن تطلب، الشاي بالياسمين بل ستخدم الهدف بمعاييرنا الجديدة التي أكدت الحكومة تطبيقها، للتيسير على المستثمرين، لصالح المجتمع بكل فصائله، وتطهير مصر من البيروقراطية القاتلة.
أخبار ذات صلة
الأكثر مشاهدة
هل تتوقع إنهاء الحرب على غزة ولبنان بعد فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية؟
-
نعم
-
لا
أكثر الكلمات انتشاراً