الجمعة، 22 نوفمبر 2024

07:21 ص

رئيس مجلس الإدارة

محمد رزق

رئيس التحرير

أمين صالح

رئيس مجلس الإدارة

محمد رزق

رئيس التحرير

أمين صالح

تامر أمين يكتب.. استيراد الفنكوش

تامر أمين

تامر أمين

A A

‏السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هذا الأسبوع، سنتحدث في قضية أراها من وجهة نظري المتواضعة، مسألة مصيرية فيما يتعلق بمستقبل الاقتصاد المصري، بل يتعلق بمستقبل الوطن ككل، ألا وهي قضية الاستيراد والتصدير وعلاقتهما بالصناعة وتوطينها.

‏أولا وقبل كل شيء لابد أن نعترف بأن الحياة مجموعة من الاختيارات وهذه الاختيارات هي التي تحدد توجهات الاقتصاد بشكل أساسي، ثم تتحول هذه الاختيارات بعد تحديدها والاستقرار عليها إلى مجموعة من السياسات والقرارات الحاسمة، التي تتماشى وتوافق مع التوجهات والاختيارات.

‏نحن في وطن يمر بأزمة اقتصادية وضغوطات دولية ومحلية كبيرة، تفرض علينا إيجاد حلول وأفكار لتجاوزها، لذلك علينا أولا أن نحدد الاتجاه وفي رأيي أن بلدا مثل مصر في هذه الظروف ليس لها بديل سوى التوجه وبقوة نحو التصنيع الوطني الشامل، فهذا هو الأساس المتين الذي يجب أن يعتمد عليه الاقتصاد المصري مستقبلا بدلا من الاعتماد طوال الوقت على محاولات جذب الاستثمارات والتجارة.

صحيح أن الاستثمار الأجنبي مهم ومفيد لكن لا يجب أن يكون هو الأساس بل هو مكمل اقتصادي ممتاز، نعود هنا إلى كلمة السر (التصنيع) والذي أهملناه كثيرا خاصة في فترة ثورة 25 يناير وما بعدها وآلاف المصانع التي أغلقت أبوابها وما زال الكثير منها مغلقا حتى اليوم، هذه المصانع يجب أن تفتح أبوابها من جديد وأن تزال مشاكلها وتعثراتها، بل يضاف إليها مئات المصانع الأخرى وفق خريطة تصنيع متكاملة تضعها الدولة بناء على الاحتياجات والمتطلبات ويتم التركيز في هذه الخريطة التصنيعية على ‏الصناعات الغذائية والصناعات الثقيلة والصناعات الدوائية والصناعات البتروكيماوية والعديد من المجالات الحيوية الأخرى، التي تعتبر ركيزة لقاعدة التصنيع الوطني وهذه الطفرة المطلوبة في القطاع الصناعي تستلزم حزمة تشريعية توفر كل التسهيلات والتيسيرات الممكنة لانطلاقة هذا القطاع مع وضع الضوابط الحاكمة والقانونية بالطبع.

‏ويتزامن مع هذه القفزة الصناعية المأمولة سلسلة من القرارات والسياسات الأخرى التي تضبط ميزان الاستيراد والتصدير في مصر، فليس معقولا أو مقبولا على الإطلاق أن تكون دولة تعاني أزمة في توفير العملة الصعبة ومع ذلك نستورد سلعا كمالية وترفيهية بمليارات الدولارات سنويا، فهذا في نظري إهدار كبير للثروة ‏وسوء استخدام للإمكانات المحدودة المتاحة ويجب هنا أن تتدخل الدولة من خلال الحكومة بقرارات تنظيمية تمنع استيراد مثل هذه السلع الترفيهية ولو مؤقتا، حتى يمكن استثمار حصيلة العملة الصعبة المتاحة في استيراد السلع الأساسية ومكونات الإنتاج والتصنيع المطلوبة، لتشغيل المصانع وعجلة الإنتاج وهذا ليس تقييدا أو تحجيما للتجارة كما يظن البعض، بل هو تنظيم ضروري لتعظيم الاستفادة بالإمكانات المتاحة والإدارة الرشيدة لرؤوس الأموال.

ولقد أثلج صدري تصريحات الرئيس السيسي منذ أيام فى افتتاح محطة قطارات صعيد مصر،  عندما أشار إلى ضرورة إعادة النظر في حجم ونوعية السلع والبضائع التي يتم استيرادها من قبل المستثمرين، فهذا معناه إدراك من القيادة السياسية لطبيعة المرحلة وكيفية الوصول إلى حلول لمشاكلنا الراهنة.
و‏أتمنى أن يكون كلام السيد الرئيس بداية لتوجه حكومي رشيد ينتج عنه سياسات وقرارات عاجلة عاقلة تضبط ميزان الاستيراد، بما يصب في صالح تعظيم القطاع الصناعي وتوفير العملة الصعبة للاحتياجات الأساسية لهذا الوطن.

search