الثلاثاء، 24 سبتمبر 2024

04:21 ص

رئيس مجلس الإدارة

محمد رزق

رئيس التحرير

أمين صالح

رئيس مجلس الإدارة

محمد رزق

رئيس التحرير

أمين صالح

دينا شرف الدين.. تكتب لمحات من مصر علي مر العصور«مصر الرومانية 1»

دينا شرف الدين

دينا شرف الدين

A A

 بما أن مصر كانت  أكثر بلاد البحر الأبيض المتوسط، قدرة على الاكتفاء بخيراتها وكانت غنية بالحبوب والفاكهة، وتنتج أرضها ثلاث غلات في العام، وكانت تصدّر الغلات والمصنوعات إلى الكثير من البلدان.
وقلما كان يزعجها ويقلق بالها حرب خارجية أو أهلية، ولكن يبدو أن «المصريين» لم يقدر لهم أن ينعموا بخيرات بلادهم و يعيشوا بالسلام الذي كانوا ينشدونه يوماً واحداً في تاريخهم كله، ذلك أن ثروتهم كانت تغري الطغاة أو الفاتحين واحداً تلو الآخر علي مدار خمسين قرناً من الزمان .

ووفقاً لكتاب الحياة في مصر في العصر الروماني ، و بعد مقتل يوليوس قيصر، درات في روما حرب أهلية طاحنة انتهت بانتصار أوكتافيوس وأنطونيوس على أعدائهم وسيطرتهم علي الإمبراطورية الرومانية .
ثم قاموا بتقسيم الإمبراطورية الي قسمين القسم الغربي ويحكمه أكتافيوس والقسم الشرقي يحكمه ماركوس أنطونيوس .

وعندما ذهب أنطونيوس الي القسم الشرقي فتن بجمال كليوباترا السابعة حاكمه مصر ، وفي عام ٣٧ق م، تزوجت كليوباترا من أنطونيوس في الوقت الذي كان لا يزال متزوجا ًمن أوكتافيا شقيقة أوكتافيوس مما أدي الي تأزم العلاقة بينهما، لدرجة أن أنطونيوس أعلن طلاقه من أوكتافيا ، وقام بتقسيم الأجزاء الشرقية من الامبراطورية الرومانية علي كليوباترا وابنها قيصرون.

لذا استغل أوكاتفيوس بعض الأخطاء التي وقع فيها أنطونيوس في الشرق لشن حملة سياسية شعواء ضده والتنديد بعلاقته بالملكة المصرية، وبحكم وجود أوكتافيوس في روما أستطاع أن يثير الرأي العام الروماني ضد أنطونيوس والملكة المصرية، حيث صور موقفه علي أنه قد حول الولايات  الشرقية كلها الي مملكة من الطراز الشرقي يجلس هو وكليوباتر علي عرشها ويورثها لأبنائهما وهو ما يعني خيانة الشعب الروماني.

و من جديد و لقرون أخري ، أصبحت مصر ولاية رومانية بعد أن هَزَمّ أوكتافيوس (الإمبراطور الروماني المستقبلي باسم أغسطس) خصمه  مارك أنتوني( أنطونيوس) ، وأطاح بعرش الملكة كليوباترا وضم المملكة البطلمية  إلى الإمبراطورية الرومانية، حيث شملت المقاطعة معظم مناطق مصر الحديثة باستثناء شبه حزيرة سيناء.

دخل الرومان مصر العام 30 ق·م وأصبحت إحدى الولايات بل صارت مصر من أهم ولايات الإمبراطورية الرومانية نظرا لأهميتها الاقتصادية، فمصر عرفت وقتها بأنها سلة غذاء الدولة الرومانية، وصارت الإسكندرية ثاني أهم مدن الإمبراطورية بعد روما واستمرت جامعة الإسكندرية (القديمة) بالعمل

وباستيلاء أغسطس (أوكتافيوس) على مصر وقضائه على حكامها البطالمة، بدأ عهد جديد في البلاد ، تصبح بمقتضاه مصر ، ولأول مرة في تاريخها الطويل ، تابعة لإمبراطورية أخرى، فمصر بما كانت تتمتع به من تاريخ قديم، وشأن متميز بين الأمم ، وموقع استراتيجي ، وقوة وثروة واسعة ، لم يكن من المفترض أن تصبح مجرد ولاية رومانية ، مثلها مثل باقي الولايات، ودون الدخول في تفاصيل الجدل  الذي دار بين المؤرخين عن وضع مصر، يمكن الجزم بأن مصر كان لها وضعا مميزا وفريدا بين ولايات الإمبراطورية الرومانية الأخرى.

فقد وضع فيها أغسطس قوات رومانية لتأمين سلامتها ، ووضعها تحت إشرافه المباشر، وفي سنة 27 ق.م قسمت الولايات الإمبراطورية إلى ولايات خاضعة للسناتو، وولايات خاضعة للإمبراطور ، وكانت مصر من الولايات الخاضعة للإمبراطور مباشرة

أما حاكم مصر من قبل الرومان فلم يكن كغيرة من الحكام الذين كانوا يعدون نوابا للإمبراطور تحت اسم قائمقام قنصل أو قائمقام بريتور ، وإنما كان لقب برايفكتوس أي وال أو حاكم عام واللقب الرسمي "حاكم عام الإسكندرية ومصر" ،  كما وضع الإمبراطور قاعدة ألا يزور مصر أحد من رجال السناتو أو من طبقة الفرسان إلا بإذن خاص منه .

وأصبح الإمبراطور الروماني هو الملك الرسمي للبلاد، يتمثل في شخصه ما تمثل في شخص فرعون من قداسة وتأليه ، وكانت تخلع عليه الألقاب المصرية المألوفة

وقد ترتب على ضم مصر إلى الإمبراطورية الرومانية فقدانها لاستقلالها السياسي ، وارتباط مصيرها بمصير الدولة الرومانية، وذلك على خلاف ما كان عليه الحال في العصر البطلمي، إذ كانت مصر دولة مستقلة تحكمها أسرة حاكمة من أصول مقدونية ، ولكنها تتشبه بفراعنة مصر في كل شيء.

أما من وجهة النظر التاريخية فإن تاريخ مصر السياسي تحت حكم الرومان، يختلف تماماً عن تاريخها في العصر البطلمي ، فلم يعد لها سياسة مستقلة أو تاريخ مستقل.

وتمتد فترة الحكم الروماني لمصر حوالي ثلاثة قرون، بداية من ضمها للإمبراطورية الرومانية على يد الإمبراطور أغسطس سنة 30 ق.م إلى تقسيم الإمبراطورية الرومانية في عهد الإمبراطور دقلديانوس (284 – 305 م) إلى غربية عاصمتها روما، وشرقية وعاصمتها بيزنطة (القسطنطينية فيما بعد) ووقوع مصر في نفوذ الإمبراطورية الرومانية الشرقية أو البيزنطية.

وعلى امتداد هذه القرون الثلاثة، اعتمد الرومان في توطيد سلطانهم في مصر على القوة، لذلك   وضعوا  الحاميات العسكرية في الأماكن الرئيسية، التي تمكنهم من السيطرة على كافة أنحاء البلاد ، في الإسكندرية وفي بابليون وفي طيبة وفي أسوان، ولم يكتف الرومان بالقوة العسكرية، ولكنهم لجأوا إلى الأساليب السياسية بتأليب عناصر السكان المختلفة من المصريين والرومان والإغريق واليهود على بعضهم ، ليضمنوا لأنفسهم إخضاع البلاد ، مما جعل الحياة السياسية في مصر خلال العصر الروماني تتميز بكثرة الفتن وشيوع الاضطرابات التي تباينت أسبابها، واختلفت مظاهرها تبعاً للعهود.

وبعد أن صارت مصر بالفتح الروماني إحدى الولايات التابعة للإمبراطورية الرومانية ، كان الإمبراطور يختار لمصر الولاة لتدبير الأمور، ولم يترتب على دخول مصر في الدولة الرومانية تغيرات هامة في إدارة البلاد ، لأن سياسة روما بوجه عام في خلال فتوحاتها في الشرق ، كانت تقضي بتجنب التدخل قدر الأماكن في نظم البلاد التي كانت فيها إدارة منظمة ، ولذلك فقد سارت الإدارة الرومانية على النظام الذي كان البطالمة قد وضعوه ، اللهم إلا بعد التعديلات ، وبعض التطور مع مرور الوقت.

و للحديث بقية.

search