الجمعة، 18 أكتوبر 2024

07:17 ص

رئيس مجلس الإدارة

محمد رزق

رئيس التحرير

أمين صالح

رئيس مجلس الإدارة

محمد رزق

رئيس التحرير

أمين صالح

محمد فؤاد يكتب: مصر التي داخل الصندوق 3

د. محمد فؤاد

د. محمد فؤاد

مصعب فرج

A A

في المقال السابق من سلسلة "مصر التي داخل الصندوق"، انتقلت من توضيح أهمية علم الإدارة وفريضة تطبيق أدواته فيما يتعلق بإدارة الدول، إلى بعض الأمثلة العملية من واقعنا التي تعكس تجاهل أبسط مفاهيمه ومحدداته، خاصة مع اعتياد الأحاديث العنترية والآمال غير المبنية على خطط ومستهدفات ومعدلات تنفيذ، وكذا المطالبة بأفكار من خارج الصندوق، في حين أن ما بداخله كفيل بتصحيح المسار.

فكما أسلفت، لا بد أن ترتبط الطموحات والآمال، بقدرة العملية الإدارية على تحقيق المستهدف، وأن تنتقل من مجرد تصريحات فقط إلى خطط قابلة للتنفيذ على أرض الواقع مرفقة بمعدل تنفيذ ومستهدفات مرحلية وآليات رقابة ومتابعة وغيرها من أدوات علم الإدارة، الذي يعنى أساسا بالاستغلال الرشيد للموارد والقدرات المتاحة، حتى تكون الخطط قابلة للتنفيذ.

وحلقة اليوم تستكمل هذه الفكرة، فما في داخل الصندوق من أسس إدارية حال استخدامها في الغالب سوف تكون حلا للعديد من الإشكاليات التي تواجهها المؤسسات وكيانات الدولة، وفي حالتنا للأسف تقبع على رأس هرم الأدوات "المركونة" داخل الصندوق ما يعرف بالـ Key Performance Indicators أو مؤشرات قياس الأداء.

يعني ذلك أن تنفيذ ما يُعرف بالـ dashboard أو لوحة القيادة المعلوماتية التي تحتوي على مؤشرات أداء المؤسسة "الدولة في حالتنا" هو أمر أساسي للإدارة، والعمل بدونها هو أشبه بقيادة سيارة دون مؤشرات تبين السرعة أو مستوى أداء المحرك، أو حتى كفاية الوقود.. لا تعلم متى تتوقف وترتكن دائما إلى حتمية وجود منقذ وللأسف دون اتعاظ أو اعتبار لتجارب سابقة.

وينتقل الأمر من إطاره العام في إدارة الدولة، إلى وقائع أقل.. بالضبط كما حدث في واقعة وزير الصناعة الجديد مع أحد المستثمرين الذي يعاني من تعطل الحصول على سجل صناعي يلزمه من أجل تصدير "عسل أسود"، وتم تصوير واقعة وجوده وشكواه بالشكل الذي جعل البعض يُعجب بأداء الوزير الجديد وحسمه، ورأوا في ذلك أنه خير دليل على ما تحتاجه الصناعة من القضاء على روتين القطاع الحكومي.

أمر الوزير بإصدار سجل صناعي لهذا الصانع الذي التقاه أثناء تفقده مركز الخدمات الخاص بهيئة التنمية الصناعية، وإشكالتي هنا ليست في مدى علم الوزير بالفرق بين الرخصة والسجل الصناعي، فحتما سوف يتأتي ذلك مع الوقت، إنما تكمن في أن هناك خلطًا بين حسن إدارة الإجراء الرقابي الضروري وتجاوز الإجراء الضروري من أساسه وهو أمر كارثي إن تم.

وفي حالة هذا المستثمر وغيره، فإن المشكلة كانت في عدم إتمام المعاينة من قبل الجهات - التنمية الصناعية في حالتنا - في مستهدف زمني له وقت معياري محدد ولذلك فحل المشكلة ليس في تجاوز الإجراء بل في تعجيله وقياس أدائه، فبلا شك هناك فارق كبير بين كسر الروتين وكسر النظام العام نفسه، ولله الحمد تدارك الوزير الموقف لاحقا.. لعله اطلع على تفاصيل الأزمة وحاول تصحيح اتخاذ قرار سريع دون دراسة جميع الأبعاد ووازن بين مشكلة الشخص وضرورة إنفاذ الإجراء (المعاينة في حالتنا) والتي بدونها ننتقل حتما إلى عشوائيات صناعية وهو ما لا نريده بالطبع.

حسنا فعل الوزير بتطبيق ما يعرف بالإدارة عن طريق التجول management by walking around وهو أسلوب إدارة الأعمال، الذي يتضمن قيام المديرين بالتجول بطريقة غير منظمة في أماكن عملهم بشكل عشوائي للتحقق من الموظفين أو المعدات أو حالة العمل المستمر، وقد اتخذ اليابانيون هذا المبدأ فيما يعرف بالـ Gemba walk وهو مصطلح ياباني يعني "المكان الفعلي"، واتخذته تويوتا كمُدخل من مدخلات التغيير، لكنه ليس أسلوب إدارة في حد ذاته بل طريقة لدراسة المنظومة، لأنك كمدير لا تستطيع إدارة المنظومة بهذه الطريقة نظرا لاستحالة تعاملك مع كل الناس.

فالمبدأ الأساسي في حل أي مشكلة إدارية، هو إعادة تطويع النظام للتعامل مع مشاكل الكل وليس مشكلة الفرد، وهذا لا يتأتى إلا من خلال قياس مؤشرات الأداء والتي لا تأتي إلا من خلال ما يعرف بالـ process mapping أو رسم خطوات المنظومة وفهمها بشكل جيد فيما يعرف بالوضع الحلي أو الـ As is State وتحليل ما يعرف بالـ process pain points أي نقاط الألم في المنظومة والتي يتعطل عندها الإجراء، ثم يتم وضع زمن معياري لإتمام الإجراء وبالتابعية قياس الأداء الخاص به ووضعه في لوحة القيادة المعلوماتية، ليتسنى للمسئول قيادة المؤسسة من خلال المعلومة وليس من خلال التجول.

وقد تم تطبيق بعض من هذه الأسس في قطاعات مختلفة للدولة، بمستويات متفاوتة من النجاح لعل أشهرها تجربة وزيرة الاستثمار السابقة الدكتورة سحر نصر في مركز خدمة المستثمرين وما تم من مُنجز طيب في إدارة التواصل الجماهيري بشكل أكثر انتظاما، والذي خفتت وتيرته بعد رحيلها حتى انطفأ تماما، وهو يبرهن على أن الإدارة لا يجب أن تقترن بالشخوص قدر كونها مغروسة غرسا في المنظومة.

بدون هذه البديهيات سوف تظل إشكالية الدولة قائمة ومتمثلة في قرارات سريعة دون دراسات، لذا التنبيه بها أمر ضروري خاصة مع وقائع عدة أظهرت أنه قد تم تجاهلها، وحل موضعها أمور أخرى لا علاقة لها بإدارة أسرة بسيطة أو كيان صغير فما بالك بدولة بحجم مصر.. وللحديث بقية.

تابع موقع الجمهور عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا

تابع موقع الجمهور عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجمهور، موقع إخباري شامل يهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري بما يليق بقواعد وقيم الأسرة المصرية، لذلك نقدم لكم مجموعة كبيرة من الأخبار المتنوعة داخل الأقسام التالية، الأخبار، الاقتصاد، حوادث وقضايا، تقارير وحوارات، فن، أخبار الرياضة، شئون دولية، منوعات، علوم وتكنولوجيا، خدمات مثل سعر الدولار، سعر الذهب، سعر الفضة، سعر اليورو، سعر العملات الأجنبية، سعر العملات المحلية.

search