شارون العقد الجديد
أيمن عبدالمنعم
أيمن عبدالمنعم
في 16 سبتمبر عام 1982، وفي غرب العاصمة اللبنانية بيروت، وبأحد مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان الذي يدعى صابرا وشاتيلا، نفذت مجزرة كانت واحدة من المجازر البشعة التي شهدها الشعب الفلسطيني، منذ النكبة الأولى عام 1948.
مجزرة دامية استمرت لثلاثة أيام تسببت في سقوط بين 750 إلى 3500 قتيل من المدنيين الأبرياء، والتي كانت في عهد رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي ووزير الدفاع حينها ارئيل شارون، الذي بالمناسبة ارتبط اسمه بالعديد من المجازر فى حق الشعب الفلسطيني منذ النكبة الأولى وحتى مجزرة صبرا وشاتيلا، مرورًا بمجزرة منطقة قبية الواقعة في الضفة الغربية عام 1953، وحتى مجزرة جنين التي وصفت حينها، بأنها مجزرة حفرت في أذهان الناس مشاهد لا يمكن أن ينسوها.
وبالعودة مرة أخرى إلى صبرا وشاتيلا، نجد أن فظاعة المجزرة أجبرت المجتمع الإسرائيلي على التحرك ضد شارون واتخاذ خطوات رسمية كانت في ظاهرها بهدف محاكمته، أما باطنها والذي ظهر واضحًا مع مرور الوقت كان مجرد اجراء صوري لا قيمة له، فعقب المجزرة عقدت إسرائيل لجنة تحقيق قضائية اسمها «لجنة كيهان»، إلا أن التقرير النهائي لتلك اللجنة أعفى شارون من المسؤولية المباشرة عن تلك المجزرة، على الرغم من كونه وزيرًا لدفاع الاحتلال حينها، ومع بدايات القرن الحادي والعشرين، تولى شارون في الفترة من 2001 وحتى 2006، رئيسًا لوزراء الاحتلال، ليكون شاهدًا وسببًا، حينها في العديد من الأحداث التي هزت العالم كانتفاضة الأقصى الثانية، والتي دامت لخمس سنوات كاملة والتي كانت فريدة بالنسبة للعالم، وخلفت وراءها 4412 شهيدًا.
عدد الشهداء في الانتفاضة الثانية كان مذهلًا للعالم وقتها، حتى جاء شارون العقد الجديد كما أصفه، أو بنيامين نتنياهو الزعيم اليميني المتطرف، والذي وقعت في عهده أيضًا مجازر عدة، آخرها وأبرزها والتي ما زالت مستمرة حتى اللحظة، العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة.
العدوان الذي وضع الفلسطينيين تحت وطأة حرب غاشمة، خلال ستة أشهر فقط تمكن من أن يقطع غزة من جذورها، لا يعبأ في عملياته بدماء الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ العزل، الذين تساوت منازلهم بالتراب حتى كاد لا يعرف الحديد من الرمل.
ومع تزايد وطأة العدوان، بات المجتمع الداخلي الإسرائيلي يرضخ لضغوطات الغرب، فتخرج المعارضة تطلب في كل لحظة إقالة نتنياهو، بعدما كلف إسرائيل مالًا وأبناءً في حرب لا يعلم ما إن كانت أهدافها واقعية وقابلة للتحقيق، أم أنها مجرد أهداف يخلق منها مبررًا وذريعة لكي يستمر في حربه التي لا يعلم لها نهاية بعد.
ولكن بمقارنة بسيطة فإن شارون الجديد أو بنيامين نتنياهو، أثبت المقولة بأن هناك تلميذًا قد يتفوق بمراحل على أستاذه، فخلال ستة أشهر استطاع أن يغير مفهوم المجزرة لدى الناس، فشارون وخلال الانتفاضة الثانية التي دامت لما يقرب من خمس سنوات، أسقط برصاص الاحتلال 4412 شهيدا، على عكس تلميذه النجيب نتنياهو الذي قتل خلال 6 أشهر تقريبًا، ما يزيد عن 33 ألف شهيد فلسطيني بدم بارد.
والواضح جليًا للجميع أن المتعاطفين مع القضية في أنحاء العالم، خاصًة داخل الوطن العربي أصبحوا يركضون خلف تصريحات المعارضة الإسرائيلية، ظنًا منهم بأنها تصريحات تخرج عن ضمير استيقظ من نومه، إلا أنهم لو ركزوا قليلًا لوجدوا أن التاريخ ألقى لهم دليلًا من قبل، بأن نتنياهو لا يختلف كثيرًا عن سابقه، وأن المجتمع الإسرائيلي في صابرا وشاتيلا هو ذاته المجتمع الإسرائيلي في مجزرة غزة، وأن الضمير الإسرائيلي سيظل كما هو، يستخدم دعاية تظهرهم لناقصي العقل كأنهم ملائكة وتسقط كل يوم ريشة من أجنحتهم، وأن العالم شيطان يتآمر أمامها، فضمير إسرائيل قٌتل مع الطنطورة ومع دير ياسين، وأحرقت جثته مرة تلو الأخرى في كل مرة ينفذ فيه الاحتلال مجزرة جديدة، يقتل وراءها طفل أو أم أو شيخ، لم يسعوا سوى للحصول على فرصة للحياة بعيدًا عن الاحتلال ومجازره.
تابع موقع الجمهور عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع الجمهور عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا
الجمهور، موقع إخباري شامل يهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري بما يليق بقواعد وقيم الأسرة المصرية، لذلك نقدم لكم مجموعة كبيرة من الأخبار المتنوعة داخل الأقسام التالية، الأخبار، الاقتصاد، حوادث وقضايا، تقارير وحوارات، فن، أخبار الرياضة، شئون دولية، منوعات، علوم وتكنولوجيا، خدمات مثل سعر الدولار، سعر الذهب، سعر الفضة، سعر اليورو، سعر العملات الأجنبية، سعر العملات المحلية.
أخبار ذات صلة
الأكثر مشاهدة
هل سيحل الذكاء الاصطناعي محل الإنسان في سوق العمل؟
-
نعم
-
لا
أكثر الكلمات انتشاراً