محمد رزق يكتب: رقم قومي للعقارات
محمد رزق
بدأت مصر التاريخ بإنشاء أو حضارة إنسانية تنجح في إنشاء مجتمع، ونقلت الإنسان من العزلة والانطواء إلى التشارك والتكامل، فكان التطور هو سمة أساسية من سمات المصريين في العصور الأولى، أو ما وصل إلينا من مهد البشرية، فالمصري هو من وضع أسس أول هيكل إداري لدولة بيروقراطية، وصنع أول حضارة إنسانية قبل 7000 سنة لها طراز معماري متميز على ضفاف هذا النيل، يظل شاهداً على عظمة هذا الشعب وما يمكن أن ينجزه، ولعل ما فعله الرئيس السيسي من إعادة بناء مصر الجديدة لتلحق بركب التطور العالمي في كل المناحي، خاصة البنية التحتية والنهضة العمرانية، بعد ما مر بها من فترة اضمحلال كادت أن تجعل من العاصمة مسكنًا للعشوائيات، هو إعادة لفترة النهضة العمرانية في فصول تاريخها المميز.
أٌقول هذا وأنا أنظر إلى إعداد وزير العدل المستشار عمر مروان، مشروع قانون يؤسس للرقم القومي العقاري، ليتماشى مع سياسة الرئيس السيسي في إعادة مصر على الطريق الصحيح في ظل مشروع البنية المعلوماتية للدولة المصرية، وضمن استراتيجية الدولة نحو التحول الرقمي، والذي يهدف إلى حوكمة كل ما يخص الثروة العقارية، وتيسير الإجراءات في هذا القطاع، من خلال إعداد منظومة حصر وإدارة الثروة العقارية؛ وتهدف المنظومة لحصر وإدارة العقار في جميع أنحاء الدولة، والوصول إلى رقم قومي لكل عقار داخل مصر؛ لحفظ الملكيات وتقديم الخدمات بسهولة وفي أقل مدة زمنية ممكنة، بجانب تقليل المخالفات والتعديات وجذب الاستثمارات من جميع دول العالم إلى مصر في القطاع العقاري.
قد يبدي البعض اندهاشه أو استغرابه من مصطلح إنشاء رقم قومي موحد للعقارات، ولكن هذه المنظومة قادرة على إلحاق القطاع العقاري المصري بركب التطور العالمي في هذا المجال، فهي ستحتوى على قاعدة بيانات موحدة ومركزية لجميع أنواع المنشآت العقارية، بجانب تحديد اشتراطات البناء في المحليات والمجتمعات العمرانية، إضافة لتوفيرها بيانات الترخيص والمخالفات الخاصة بكل عقار، وتحديد قيمة الضرائب العقارية التي سيتم تحصيلها بعد ذلك، وبيانات الملكية من خلال الشهر العقاري، وكذا بيان التصرفات التي تمت، بالإضافة إلى التقسيم الإداري لكل جهة ولاية، وبيانات الاستهلاك من المرافق بما في ذلك المياه والكهرباء والغاز.
لذلك فأنا أؤيد هذا المشروع، فكل بناء في مصر يجب أن يكون له "رقم قومي" يكون بمثابة بطاقة شخصية، تعلن من خلاله الدولة أن هذا البناء مكتمل الأركان القانونية وكفاءة البناء، وهو ما يساعد في زيادة الأمان عند شراء العقارات؛ حيث يقيس عدد الإجراءات والوقت والتكلفة المتعلقين بنقل ملكية عقار، ويتضمن أرض ومستودع معياري مسجل وخال من الخلافات العقارية بعد شرائه، كما يُعد خطوة متقدمة لإيجاد بيئة استثمارية متطورة بفضل توفر معلومات الملاحة الجغرافية والتي سيوفرها النظام، كما أن له دورا كبيرا في عمليات إنقاذ الأرواح والممتلكات الخاصة والعامة؛ بسبب سهولة وصول الجهات المختصة إلى الموقع المحدد، بجانب توفير خدمات اللوجستيات وعملية التخطيط وإيصال الخدمات والأمور القانونية إلى جميع المناطق.
ولم تكن مصر الدولة الأولى أو الوحيدة التي تلجأ إلى إنشاء رقم قومي موحد للعقارات، فسبقها العديد من الدول ولعل أبرزها في منطقتها العربية المملكة العربية السعودية، والإمارات؛ ففي السعودية تم استحداث وتطوير نظام التكويد في المملكة ويسمى "العنونة"، بينما يأتي نظام العنونة في إمارة أبو ظبي طبقًا لرؤية الإمارات 2030.
أخبار ذات صلة
الأكثر مشاهدة
هل سيحل الذكاء الاصطناعي محل الإنسان في سوق العمل؟
-
نعم
-
لا
أكثر الكلمات انتشاراً