د. وليد عتلم يكتب لـ«الجمهور».. جدل التأريخ من يونيو إلى يوليو
د. وليد عتلم يكتب لـ«الجمهور».. جدل التأريخ من يونيو إلى يوليو
الأقدار كتبت أن يحتل شهرا يونيو ويوليو مكانة بارزة في الوجدان والتاريخ المصري، ما بين الهزيمة والانكسارات، والانتصارات؛ فكانت نكسة يونيو 67 ونكسة يونيو 2012، ثم تجسيد الإرادة الشعبية، وعودة الوعي والروح للإرادة الشعبية المصرية، المصرية في يونيو 2013.
وكانت ثورة يوليو 1952 وما صاحبها من تحولات عميقة في بنية المجتمع المصري لا نزال نتأثر بها حتى الآن، ثم يوليو 2013، الذي بدأ بعزل مندوب الجماعة المحظورة من رئاسة حكم مصر في الثالث من يوليو 2013 عقب اجتماع القوى السياسية والقوات المسلحة. ثم التفويض الشعبي الأكبر في التاريخ المصري الحديث في الرابع والعشرين من يوليو 2013 لمجابهة التطرف والإرهاب واقتلاع جذوره.
هذه المحطات التاريخية المؤثرة في تاريخ مصر قديما وحديثا، لا يزال يتجدد الجدل بشأنها ما بين التأييد الشديد والمعارضة الحادة، خاصة وأن حال الدولة المصرية قبل تلك المحطات والأحداث مختلف تماما عما بعدها، لذلك مع ذكرى هذه الأحداث وموعدها كل عام يتجدد الجدل وتثار الأسئلة حول من يؤرخ للتاريخ المصري؟
والسؤال الثاني هو كيف نقرأ التاريخ؟
حول أهمية التاريخ والتأريخ؛ يقول الكاتب الكبير أحمد بهاء الدين في كتابه "أيام لها تاريخ" أن "التاريخ هو الفرق بين الإنسان الواعي، وغير الواعي".
وعن أهمية التأريخ يقول "الإنسان حيوان له تاريخ!
ما معنى ذلك؟
معناه أن الميزة الأولى التي تميز الإنسان من غيره من المخلوقات هي أن كل جيل من البشر يعرف تجارب الجيل الذي سبقه ويستفيد منها، وإنه بهذه الميزة وحدها يتطور".
وهو هنا يتفق مع مقولة أن التاريخ هو معمل السياسة، فهو ذاكرة الأمم، تستخلص منه الدروس والعبر، ومراحل تطور الأمم ومسالكها السياسية والاجتماعية وحتى العسكرية من المهم على سبيل المثال قبل أن تشرع في التفاوض مع أي دولة من الدول أن تتبع تاريخ سلوكها التفاوضي في قضايا مماثلة تاريخيا لتعرف مع من تتفاوض، إثيوبيا تقدم لنا حالة عملية مناسبة في هذا الشأن.
ما يوضح أهمية معمل التاريخ بالنسبة للسياسة، وحتى على المستوى الداخلي للأمم من يتتبع تاريخ الجماعة المحظورة يستنتج دونما عناء أن ما سلكته الجماعة ما بعد 2011 هو سلوكا طبيعيا لجماعة ولائها الأول والأخير للجماعة وللتنظيم الدولي وليس الدولة المصرية.
بالنسبة للسؤال الأول؛ جزء منه يتعلق بالعلاقة الملتبسة بين الأحداث المجردة ووقائع التاريخ، ووجهة نظر كاتبيها، ميولهم وآرائهم وتوجهاتهم السياسية. فالمؤرخون قد يتفقون على وقوع حدث ما معين، وتاريخ حدوثه. لكن تفسير وتحليل هذا الحدث، يختلف من مؤرخ لآخر وتلك هي المشكلة.
والجزء الآخر يتعلق بمدى تأثير السياسة على عملية التأريخ ذاتها، أو بمعنى آخر "تسييس التاريخ".
فيما يتعلق بالسؤال الثاني الخاص بكيف نقرأ التاريخ؟
خاصة لغير المتخصصين، فالشق الأكبر منه يقترن بمدى "حياد الرصد والتأريخ" للمصدر أو للمؤرخ أو حتى للعمل الدرامي الذي نأخذ عنه التاريخ. وبمعنى آخر عمن نأخذ التاريخ؟
بالنسبة لثورة يوليو 1952، وبعيداً عن الجدل حولها تأييدا ومعارضة، فقد حظيت باهتمام ونصيب كبير من التوثيق والتأريخ؛ علمياً، وأدبياً ودرامياً، لكن من بين هذا الكم الكبير من الكتابات والدراسات يدور السؤال حول مدى حيادها وحياد أصحابها في عرض الوقائع وتحليل الأحداث.
في رأيي ـــ وتتفق معه أو تختلف ــ وبعيداً عن دراما يوليو 1952 التي اتسمت في كثير منها بالشعبوية والعاطفة السياسية، أتصور أن من أفضل محاولات التأريخ والتوثيق لثورة يوليو 1952 على سبيل المثال لا الحصر، كتابا للصاغ الأحمر، فارس الديمقراطية، وأحد رجالات الثورة وصناعها خالد محيي الدين المعنون بـــ "الآن أتكلم".
أيضا كتاب "الثورات" للمفكر المصري الكبير سلامة موسى، وحديثاً كتاب "من يكتب تاريخ ثورة يوليو؟ .. القضية والشهادات" للشاعر والكاتب الكبير فاروق جويدة.
التساؤل الذي طرحه جويدة كعنوان لكتابه يأخذنا لقضيتنا الثالثة؛ "من يكتب تاريخ ثورة يونيو 2013؟ وما تلاها من أحداث في يوليو 2013". هذا التساؤل تزداد أهميته في ضوء أن قطاعا كبيرا من أجيال السوشيال ميديا منصرف بشكل عام عن القراءة، والقراءة التاريخية خاصة.
لذلك حسنً فعلت الدولة المصرية في إطار معركة الوعي والمدركات في التوثيق الفوري للأحداث من خلال مسلسل "الاختيار" وأجزائه المختلفة وغيره من الأعمال الدرامية التي تناولت تلك الفترة، مع مراعاة تجنب أخطاء أعمال يوليو 1952 الدرامية من خلال عرض محايد للوقائع والأحداث.
قبل أن تترسخ محاولات التشويه والتزييف المستمر لحقبة يونيو 2013 من قبل الجماعة المحظورة ومنصاتها.
وباعتبار أن ذلك الطريق الأسهل والأقرب لمعطيات الواقع الحالي الذي يفضل الشاشات عن الكتب والمانشتات.
موقع "الجمهور" أخذ على عاتقه مسؤولية التوثيق المحايد لتلك الفترة من خلال أحد أبرز من ساهموا وصنعوا أحداث 30 يونيو، حيث يقدم النائب محمود بدر عرضاً وتوثيقا لتلك الفترة عبر موقع "الجمهور" والتي اعتبرها شهادة على العصر وللتاريخ بالقطع سوف تحتاج لها الأجيال القادمة في المستقبل، وهو ما يضع على عاتق الجميع تقديم تأريخ محايد دون تشويه او تزييف باسم الدين.
أخبار ذات صلة
الأكثر مشاهدة
هل سيحل الذكاء الاصطناعي محل الإنسان في سوق العمل؟
-
نعم
-
لا
أكثر الكلمات انتشاراً