الخميس، 19 سبتمبر 2024

08:13 م

رئيس مجلس الإدارة

محمد رزق

رئيس التحرير

أمين صالح

رئيس مجلس الإدارة

محمد رزق

رئيس التحرير

أمين صالح

محمد رزق يكتب: ثقافة مصر ولا فهلوة اليابان

المهندس محمد رزق

المهندس محمد رزق

A A

بعض الناس يظنون أن الدين هو مصدر الأخلاق، والحقيقة أن الأخلاق سبقت ظهور الأديان السماوية، فهي مرتبطة بالتركيب الفسيولوجي للإنسان.. راجع ما تركه الفراعنة على جدران المعابد، والبرديات القديمة، التي تحدثت عن ضرورة التحلي بالقيم والأخلاق والصدق والأمانة وإتقان العمل، قيم أصبحنا في أمس الحاجة إليها في الوقت الحالي ومستقبلا، ليس على المستوى الاجتماعي، وإنما على المستوى الاقتصادي.
             

جزء كبير من الأزمة الاقتصادية، مرتبط بشكل أساسي بمفهوم الأخلاق، الأمثلة كثيرة ومتعددة في العديد من القطاعات، فلابد أن يتحلى التجار والمصنعين والموردين بأخلاق الكلمة، وتنفيذ الوعود فهي أقوي من أي عقد علينا أن ننظر لأنفسنا أين كنا أيام الأخلاق والقيم والمبادئ وأين نحن الآن بعد انتشار “الفهلوة” والوعود الزائفة، فتقدم الدول يقاس بمدي أخلاقها وتعاملاتها المادية وسمعتها الطيبة، علينا أن ننظر إلي دول متقدمة مثل اليابان والدول الإسكندنافية كيف أصبحت مصدر ثقه للعالم كله.

 وأيضاً السياحة التي  تعتبر من أهم الروافد الاقتصادية، سواء في ضخ العملة الأجنبية أو توفير فرص العمل، ومع ذلك تعامل الكثير منا مع السائح الأجنبي  بدون أخلاق، بداية من سائق التاكسي وصولا إلى المرشد السياحي، وهذا لا يمنع من أن هناك العديد من الفئات التي تعمل في المجال السياحي، هنا تدرك أهمية مفهوم الأخلاق في التعامل مع السائح، لأنهم يعرفون أن السياحة صناعة مستمرة، الخطوة الأولى في استمرارها هو الانطباع الطيب عن البلد التي زارها السائح، والصورة الذهنية تتشكل لدى السائح مع أول شخص يتعامل معه عقب خروجه من الطائرة.

الانطباع الطيب الذى نتركه لدى السائح، في حد ذاته استثمار طويل الأجل يفترض أن تركز عليه حملات الترويج السياحى، في الداخل أولا، ما الفائدة من إنفاق ملايين الدولارات على الحملات الخارجية لجذب السياحة ؟.. وقد يؤدى سلوك فردى في صناعة دعاية مضادة، والسلوك الفردي هنا ليس مقصود به تعامل مباشر مع السائح الأجنبي. 


أيضاً ثقافه الشعب في سلوكيات غير منضبطة في إشارة مرور أو استخدام ألة التنبيه بدون مبرور قد تساهم في صناعة صورة ذهنية سلبية .
لابد أن يعود الشعب المصري إلي ما كنا عليه قديما من صفات الحب والتآخي وإعلاء مصلحه الوطن ومصلحه الشعب فوق كل شيء ولا ينظر كل شخص إلي مصلحته الفردية علي حساب أي شىء آخر، فالأزمات الاقتصادية جزء كبير منها هو ثقافه الشعب وشراء الدولار والذهب دون الحاجه واحتكار السلع وطمع التجار وغيرها، فما الذي حدث للشعب المصري المعروف بالحب والترابط و إعلاء المصلحة الكلية علي المصالح الشخصية.  

تحدثنا في مقال سابق عن أهمية السياحة بالنسبة لمصر، التي تمتلك خمس آثار العالم، إذا كنا نتحدث عن السياحة الثقافية، والعديد من الشواطئ والمحميات الطبيعية والصحارى والوديان، إذا كنا نتحدث عن السياحية الترفيهية، حتى السياحة العلاجية نمتلك فيها  الكثير من المواقع وكذلك البنية التحتية في صورة فنادق ومطارات وشبكات طرق وغيرها من وسائل صناعة السياحة، لكن هل كل هذا يكفى بدون "معاملة حسنة " هل يكفى مع وجود ظاهرة "الخرتية"، راجع معدلات التدفق السياحي في المغرب وفى اسبانيا، مفهوم السياحة هناك مختلف في الشكل والمضمون، السياحة ليست زيارة عابرة، وإنما صناعة مستمرة ، لسبب بسيط جدا أن القائمين على هذه الصناعة هناك نجحوا في تحويل السائح نفسه الى وسيلة دعاية، ما الذى يجبر السائح الأجنبي على الحديث عن تجربة سيئة .  

الصناعة لا تختلف عن السياحة، فيما يتعلق بالأخلاق، مهما كان نوع المنتج في الدول الصناعية، التكنولوجيا ليست وسيلة الترويج الوحيدة ، وإنما هناك مفهوم أخر مرتبط بـ " السمعة" .. هل السمعة الحسنة بعيدة عن الأخلاق، أم جزء مكمل لها، هذا هو جوهر الصناعة خامة جيدة مصنوعة بطريقة جيدة " بدون فهلوة " تساوى منتج جيد قادر، على الوصول إلى الأسواق العالمية بدون حملات ترويج، المنتجات الجيدة مثل الأخلاق الجيدة تفرض نفسها على الجميع، لذلك مطلوب منا إذا أردنا تحقيق طفرة اقتصادية تغير السلوكيات العشوائية والانتهازية التي استفاد منها البعض ولكنها أضرت باقتصاد الدولة التي يعيش فيها الجميع .

أخيرا، لابد لنا أن نعود إلي الأصول والتربية والعيب والحرام واحترام الكبير والعطف وتعليم الصغير وغيرها، من العادات التي فقدت.

search