الإثنين، 23 ديسمبر 2024

05:12 م

رئيس مجلس الإدارة

محمد رزق

رئيس التحرير

أمين صالح

رئيس مجلس الإدارة

محمد رزق

رئيس التحرير

أمين صالح

tru

أحمد الكومي يكتب.. تغريبة القافر ثنائية الماء والصخر

أحمد الكومي

أحمد الكومي

A A

عبر الكاتب العماني زهران القاسمي في روايته «تغريبة القافر» الحاصلة على جائزة البوكر العربية لعام 2023، عن ثقافة الخرافة والأساطير، التي تسيطر على مجموعة بشرية، كما استطاع بأسلوبه السردي أن يدخلنا في خصوصية قرية صغيرة تحيط بها الجبال مع وادي متدرج، في عالم يعتمد على المطر، وعلى قنوات المياه، ويجمع بين الرعي والزراعة.

سالم القافر، لديه قدرة على تتبع مصدر المياه بأذنه الخارقة، ويحفر القنوات لتجميع مياه الأمطار ويزيح الصخور عن القنوات المغلقة، ثنائية «الماء والصخر»، فالماء يعني الحياة، والصخور التي تحجب الماء تعني الموت.

مريم غانم امرأة حامل تهبط إلى قعر البئر مستعينة بحبل ينقطع قبل أن تصل إلى قاع البئر، ثم تفارق حياة غرقا فيه،  يتجمع أهل القرية نساء ورجالا على حافة البئر لينتشلوا جثتها فلاحظوا حركة في بطنها فتقدم واحدة من السيدات لشقت بطن مريم وتخرج الجنين إلى الحياة.

تحكي الرؤية علاقة الإنسان بالماء، في ثنائية تناقض بين الماء الذي يشكل حياة الناس وكذلك يشكل موتهم غرقا، ثم تنتهي الرواية بحالة الانبعاث للحياة مرة أخري عبر قيام سالم بشق طريق الصخرة فيقول الراوي عن سالم: « فقد إحساسه بالأشياء من حوله، تحول فجأة إلى إعصار هادر من الغضب، رفع مطرقته وهوى بها على الصخرة، وعاود ذلك مراراً وتكراراً حتى ارتج المكان، وبدأ الغبار يتصاعد من الحجارة المتساقطة، تتالت الضربات، وتحول جسده كله إلى يدين لا هم لها إلا ضرب ذلك الجبل الجاثم أمامه كأنه يضرب كل ما عاشه منذ كان طفلًا، يهوي بالمطرقة على سجنه، على غيابه، على اليأس من مغادرته تلك العتمة، على شوقه الجارف إلى زوجته، على الهدير الذي يصم أذنيه ويمنعه من سماع أي شيء سواه، على العزلة التي تمتد وتمتد، وعلى الفكرة التي لا يرغب في مواجهتها… لم يكن يعلم أن جسد الصخرة يتداعى أمامه، كان غائباً في غضبه، متحداً مع مطرقته في هدم كل الجدران التي واجهته، وهو الوحيد، الغائب، السجين، الموجوع، الجائع، العطش… تداعت الصخرة أمامه، وانفتح الخاتم على النفق الطويل، فانطلق الماء بقوة وجرف معه كل شيء».

هكذا تنتهي حكاية سالم القافر منذ ولادته التي ارتبطت بالماء، فأمه ماتت غرقا، ووالده طمر تحت قناة أحد الأفلاج بسبب انهار السقف عليه، وهو يحبس في قناة أحد الأفلاج ليبقى يقاوم للبقاء حيا فتنفتح أمامه الصخر وينطلق الماء ومعه كل شيء.

search