دكتور وليد عتلم يكتب.. المحليات وفوضى التشطيبات
دكتور وليد عتلم
من وصية إمامة بنت الحارث لابنتها أم إياس "تنغيص النوم مغضبة"، فما بالنا بتنغيص الراحة على مدار الساعة، كفاكم الله شر السكن في عمارة 365 يوم في السنة تشطيبات تخصص إجازات رسمية وأعياد، يعني شنيور وإزعاج من السابعة صباحًا حتى بدايات اليوم الثاني يفتقد للتحضر والذوق، دون ضابط أو رابط ورقيب.
لا ترتقي المجتمعات إلا بارتقاء وتحضر البشر والعمران، وتجربتنا العربية عامة والمصرية على وجه الخصوص تخبرنا بأن هذا التحضر وذلك الارتقاء لا يأتي إلا بالتنظيم والانضباط المفروض قانونًا على المواطن.
المثالان الأبرز على ذلك في مجتمعنا؛ الأول فوضى ومخالفات البناء وما نجم عنها من تشوه عمراني ومعماري خانق خاصة على مستوى القاهرة والجيزة، والثاني المرور وما تضج به شوارعنا وطرقنا من مخالفات وتجاوزات رغم كل الإجراءات الانضباطية!!.
فمع الأسف الشديد، ومع تراجع السلوك والذوق العام للمجتمع أصبح هناك خلط شديد ما بين الحرية الفردية والمسئولية العامة، النموذج الأبرز في ذلك أعمال التشطيبات الداخلية والديكور في الشقق السكنية خاصة في الأحياء والمدن القديمة على مستوى القاهرة والجيزة، وما تمثله تلك الأعمال من فوضى وإزعاج شديد لباقي سكان العقار دون ضابط أو رابط.
وعلى مستوى الأعمال الداخلية التي تتم دون مراجعة هندسية، وتحت مزاعم الحرية الشخصية في تجهيز بيتي كما يحلو لي فقد تؤدي إلى كوارث كبيرة ولنا في عديد الحوادث عظة وعبرة، الواقعة الأقرب إلى ذهني؛ واقعة انهيار عمارة جسر السويس؛ حيث قام صاحب مصنع ـ كان يستأجر طابقين بالعقار كمصنع ملابس ـ بعمل تعديلات أزالت أعمدة حاملة رئيسية في المبنى بدعوى التشطيبات الداخلية في غفلة من مسئولي الحي، وكذلك سكان العقار ما أدى إلى انهيار كامل العقار على ساكنيه.
هنا دور اتحادات الملاك في العمارات السكنية والحق في اتخاذ موقف قانوني سريع لمنع أي كارثة، لكن قبل ذلك هو دور المحليات ومسئولي المتابعة بالأحياء، التي تتم تلك الأعمال تحت مرأى ومسمع من الجميع.
وكانت اشتراطات التخطيط والبناء الصادرة في مارس 2021، تشمل أعمال الديكور والتشطيبات الداخلية، وكانت تنظم أعمالها وتضع حدًا للفوضى الناجمة عنها، وتشترط الحصول على ترخيص من الحي قبل الشروع في أعمال التشطيبات الداخلية مع متابعة مختص من الإدارة الهندسية بالحي لتلك الأعمال ومدى تأثيرها على السلامة الإنشائية للعقار.
ومع العودة للعمل بقانون 119 لسنة 2008، فالمادة (39) من الباب الثالث الخاص بتنظيم أعمال البناء تناولت تنظيم أعمال التشطيبات الخارجية فقط، فهل يعني ذلك قصور التنظيم القانوني لأعمال التشطيب والديكور الداخلية؟!!!.
أما عن الإزعاج الناتج عن تلك الأعمال بسبب عدم مراعاة البعض لراحة الآخرين وافتقادهم للذوق العام وطغيان الأنانية الفردية على سلوكهم بدعوى الحرية الشخصية، فالقانون هنا واضح فيما يتعلق بعقوبات إزعاج الجيران، وفقًا للقانون رقم 58 لسنة 1937 والمٌعدل بالقانون رقم 189 لسنة 2020. ولم يعد الجار للجار، بل أصبح الجار للجور والإزعاج.
أخبار ذات صلة
الأكثر مشاهدة
في رأيك.. هل نجحت وزارة التربية والتعليم في حل أزمة تكدس الفصول الدراسية؟
-
نعم
-
لا
أكثر الكلمات انتشاراً