ثقة المصريين فى قيادتهم أكبر بكثير من مغازلة مرشح رئاسي للإخوان
مصطفى عنبر
مصطفى عنبر
لا صوت يعلو فوق صوت الانتخابات الرئاسية القادمة، والتي من المقرر أن يتم الإعلان عن موعدها قريبا وفقا للهيئة الوطنية للانتخابات، وقد اتخذت انتخابات 2024 زخما لم تشهده انتخابات رئاسية سابقة، فنجد أن عددا "معتبرا" من المرشحين أعلنوا رغبتهم في خوض انتخابات الاستحقاق الرئاسي، ومعظمنا يعلم هؤلاء المرشحين، لكن ليس كعلمهم بالقوات المسلحة المصرية والجيش المصري العظيم.
لا شك أن من حق من تنطبق عليه شروط الترشح للانتخابات الرئاسية ويرى فى نفسه القدرة على قيادة دولة كبيرة بحجم مصر داخليا وخارجيا، وإدارة حياة أكثر من 100 مليون مصري، أن يترشح ويخوض التجربة، ولكن هناك حالة شديدة الخصوصية تجمع الشعب المصري بجيشه وقواته المسلحة، تجعله يميل إلى إعطاء أبناء هذه المؤسسة الوطنية مسؤولية إدارة الدولة، هذه الحالة بدأت من زمن بعيد وازداد توهجها، حين تلاحم الشعب مع جيشه لتحرير مصر من الملكية وإعادتها لأبنائها، ثم التلاحم العظيم في حرب 1973 لتحرير مصر من الاحتلال الإسرائيلي، فظهر معدن الجيش الأصيل وضرب أروع الأمثلة في الإقدام وتصدر الصفوف والتضحية والفداء من أجل مصر فقط، فلم يوافق على الرضوخ للأمر الواقع والاستفادة بمليارات الدولارات على حساب أرضه، بل كانت مصر قبلته التي حج إليها متوكلا على الله وإرادة شعبه.
هنا ولدت حالة كبيرة من "الثقة" التي جمعت الشعب المصري بقواته المسلحة، حالة من الصعب جدا محوها أو حتى اختراقها، لأن الشعب شاهد بعينه كيف كان يضحي الجيش المصري من أجل أرضه ويقدم الغالي والنفيس، فكان قرار العبور قرارا مصيريا، وكان استرداد كل الأرض المحتلة إرادة حقيقية فرضت نفسها، وكان القبول بالسلام انتصارا كبيرا، لذلك هذه الثقة من الصعب جدا أن تجدها في مرشح مهما بلغت معرفتك به.
وقد يظن بعض المرشحين أنهم بمغازلتهم جماع الإخوان، لحصد أصوات مناصريهم في الانتخابات، أن هذا سيحسم الأمر، فالشعب المصري الذي هو أكبر من الإخوان وأنصارهم بملايين المرات، مازال يلفظ هذه الجماعة، لما شاهده المصريون من تخبط واهتزاز الأيادي في اتخاذ القرارات وقد يكون أحيانا لدرجة العبث. والكل يعلم أن مصر لا بد لها من حاكم قوي يستطيع لم زمام 100 مليون مواطن، تمام كرب الأسرة في بيته فإن لم يكن قويا ويستطيع أخذ قرارات مناسبة وصحيحة سينعقد فرط هذه الأسرة. وكذلك في العمل، فإن لم يكن رئيس العمل ذو شخصية قوية وقيادية، لن تسير الأمور بشكلها الصحيح وسيسود الهرج والمرج.
أقول هذا الكلام، وأنا أعلم أننا في أزمة اقتصادية، أعاني منها مثلكم تماما، لكن حكم مصر قضية مختلفة عن ارتفاع أسعار أو أزمة اقتصادية تضرب العالم كله، ونئن منها في مصر، ولكن هناك أخطارا أخرى أبشع بكثير من الأزمة الاقتصادية، لا يوجد حائط صد لها سوى الجيش المصري، شاهد عزيزي القارئ محاولاتهم لإعادة تقسيم الدول مرة أخرى، تأجيج الخلافات بين الشعب الواحد حتى يصل للاقتتال كما يحدث في السودان والعراق وسوريا وليبيا واليمن، ولا تقول إن مصر بعيدة عن هذا، أو عصية عليهم، فدائما مصر في مرمى الهدف ودائما يحاولون زجها في صراعات، ولكن قوة وصلابة الجيش المصري العظيم بدعم شعبه العظيم يحول دون ذلك، ويكون الصخرة التي تتحطم عليه معاول ضرب هذا البلد الغالي.
أمر طبيعي أن يكون هناك اتفاق واختلاف على نظام الحكم، وهذا يحدث في كل دول العالم، فلن تجد نظاما أو حكومة تحصل على تأييدا مطلقا، ولكن نحن كمصريين نعتز جدا بموضوع "الثقة" ونقدرها ونعطي لها الأولوية، لأن الثقة لا تولد إلا من رحم مواقف حقيقية وقد تكون مصيرية، والميزة في ثقة الشعب المصري في جيشة أنها تتجدد كل يوم، فتجد هذا يشكر في الخدمات التي تقدمها مستشقيات القوات المسلحة للمدنيين، وهذا يشيد بمستوى تشطيب شقته التي حصل عليها من المشاريع القومية وتقوم عليها القوات المسلحة، وهذا سعيد بتوفير الجيش للسلع الاستهلاكية بأسعار أقل من السوق كنوع من المساندة في التخفيف على عبء المواطن.
فمن يتخذ قرارات وطنية مصيرية كتحرير مصر من الملكية، أو تحرير سيناء من الاحتلال، وغيرها من المواقف التي قدم فيها الجيش نفسه وأرواحه فداء للوطن، وثبت أن الغاية من كل هذا هي لوطنية وحبه لبلد، هو الأجدر بتحمل مسؤولية إدارتها وإن تعثرت الظروف أمامه
أخبار ذات صلة
الأكثر مشاهدة
هل سيحل الذكاء الاصطناعي محل الإنسان في سوق العمل؟
-
نعم
-
لا
أكثر الكلمات انتشاراً