الانقلابات العسكرية في إفريقيا
دكتور حسن شايب دنقس
حسن شايب دنقس
شهدت القارة الإفريقية خلال العشر سنوات الماضية ستة عشر انقلاباً بحسب إحصائية أجراها مركز العاصمة للدراسات السياسية والاستراتيجية في السودان، هذا إن دل إنما يدل على عدم الاستقرار السياسي في تلك القارة التي يبلغ عدد دولها 54 دولة، جُلها شهدت انقلابات عسكرية تعقبها فترات انتقالية ومن ثم إجراء انتخابات يفوز بها تيار سياسي، لكن تعاود الانقلابات العسكرية كرتها مرة أخرى.
أسباب الانقلابات العسكرية في إفريقيا
غياب الحكم الرشيد، الذي يؤدي إلى الفساد والاستبداد السياسي والاقتصادي في الدولة، بالإضافة إلى التمييز العرقي والإثني الذي بدوره يؤدي إلى تنامي الأصوات التي تنادي بضرورة الإصلاح السياسي في الدولة، تعقبها سطوة سياسية من النظم الحاكمة بسن مزيد من القوانين والتشريعات المجحفة التي تعمل على تكميم الأفواه.
سوء الاقتصاد
التنمية الاقتصادية غير المتوازنة وعدم استغلال الموارد الاستغلال الأمثل، بجانب الفساد الاقتصادي الذي يلازم الأنظمة الحاكمة.
حكم الفرد وتمديد فترات الحكم
التشبث بالحكم من سمات رؤساء الدول الأفريقية ما أن تقترب فترة انتهاء الولاية يبدأون بسَن قوانين من البرلمان تعمل على تمديد فترات حكمهم، كذلك توريث الحكم للأبناء والعائلة.
الخدمات الصحية والتعليمية
تعاني القارة السمراء من ضعف بائن في الخدمات الصحية والتعليمية، نتيجة لسوء التخطيط والإدارة اللذان تنتشران فيها وغياب عنصر المحاسبة.
الانتخابات
الانتخابات في الدول الإفريقية يشوبها كثير من اللغط بسبب عدم الشفافية والنزاهة في إدارتها، حيث تعمل دول التنافس الدولي على دعم نظم الحكم الموالية لها في الانتخابات الرئاسية والإقرار والاعتراف بنتائجها، وإن شهدت خروقات وإلباسها ثوب الديمقراطية من أجل الحفاظ على مصالحها.
النخب السياسية الإفريقية
النخبة السياسية في الدول الإفريقية غير قادرة على إدارة دولها بالصورة المثلى؛ لأن معظمها أداة طيعة للدول الكبرى من خلال رعايتها لهم بالمنح التعليمية في الدول الأوروبية والأجنبية كما تعمل فرنسا الآن على ضمان تخرج النخب العسكرية الإفريقية من الأكاديميات العسكرية الفرنسية.
التنافس الدولي
التنافس والصراع الدولي الكبير الذي تشهده القارة الإفريقية هو من أجل الموارد، ولذلك تعمل دول المحاور على استمالة النظم الحاكمة وضمان ولائها حتى وإن جاءت بديمقراطية مزيفة وعرجاء من أجل تحقيق أهدافها وغايتها.
غياب الرؤية الوطنية
بسبب عدم اتفاق الأحزاب السياسية في الدول الإفريقية على القيم والثوابت الوطنية التي تحكمها وما هية المصالح العليا للدولة، وعدم الممارسة السياسية الراشدة للأحزاب وعجزها عن التفريق بين الحكومة والدولة الحكومة متغير والدولة ثابتة، فالأحزاب الإفريقية حينما تعارض الدولة وتعمل على هدمها من أجل إزاحة النظام.
الاتحاد الإفريقي
بالرغم من المجهودات السياسية التي يبذلها في القارة السمراء، إلا أنه مستلب الإرادة ويكيل بمكيالين في كثير من القضايا بسبب تقاطع مصالح الدول الإفريقية فيما بينها، بالإضافة إلى الهيمنة العالمية التي تؤثر عليه سلباً في القضايا السياسية والاقتصادية.
كل هذه الأسباب إن اجتمعت أو تفرقت مهدت إلى قيام انقلابات عسكرية سئم شعب إفريقيا منها، جعلته من أغنى قارات العالم بموارده إلى أفقر شعوب القارات بسبب طغمة حاكمة جثت عليه، جعلته يتسول قوت يومه يقطع الفيافي والصحارى والبحار في هجرات غير شرعية من أجل حياة كريمة علها أن يجدها في الغرب!
مستقبل إفريقيا
يرنو الجيل الإفريقي الجديد إلى خروج إفريقيا من براثن مستنقع الاستعمار البغيض لا سيما الفرنسي، الذي ما فتئ ينخر في جسد إفريقيا المريض، لذلك ارتفاع الوعي السياسي الإفريقي يهدد المصالح الفرنسية ودول التنافس الدولي، بل يهدد أمنها القومي باعتبار أن إفريقيا تمثل لهم الثروات الاقتصادية، فلا بد لإفريقيا أن تقودها حركات التحرر الوطني الديمقراطي الجديد التي تعمل على إعادة السيادة لدولها والاستفادة القصوى من مواردها.
أخبار ذات صلة
الأكثر مشاهدة
هل سيحل الذكاء الاصطناعي محل الإنسان في سوق العمل؟
-
نعم
-
لا
أكثر الكلمات انتشاراً