أيمن عبد المنعم يكتب.. ماتش الثانوية العامة «كسبان»
أيمن عبدالمنعم
أيمن عبدالمنعم
لم تترك الثانوية العامة كحال بعض الطلاب، ذكرى حسنة تجعلني أرويها كل عام لمن حولي، بل ولم أحقق حلمي بالالتحاق بكلية الهندسة جامعة القاهرة، قسم الهندسة الحيوية، نعم، لقد رسمت خلال فترة دراستي الثانوية خطة كاملة للكلية التي أنوي الالتحاق بها، والتخصص، والجامعة، بل ولن أبالغ إن قلت إنني قد حددت خطة العمل التي كنت أحلم أن تكون في «ميدترونيك» المختصة في تصنيع وابتكار الأجهزة الطبية.
ضغطة زر واحدة، جعلتني أقف في لحظة ذهول، كافة الأحلام التي رسمتها تبخرت في ثانية، أصبحت جزءً من الغلاف الجوي، لأدرك أنني أصبت حينها بشلل في التفكير، لم أعلم ما هذا الرقم، وإلى أين سأذهب، وكيف يتلخص مجهود 11 شهرًا كاملًا في هذا الرقم العجيب، الذي لم احلم به حتى في أحلام العصاري «العبثية» التي نرى خلالها دبًا يطارد كيس من الكاتشب.
مرت أسابيع قليلة، وحصلت على نتيجة التنسيق، التي أطاحت بي في كلية الإعلام جامعة القاهرة، وبدأت رحلة الدراسة بها والتي كانت بالنسبة لي غريبة، كيف تحولت من دراسة المعادلات والقوانين العلمية، إلى دراسة ما فعله نابليون خلال حملته الفرنسية، أو كيف تورط محمد علي في حرب المورة، أو مثلًا الحدود السياسية لدولة ألمانيا قبل الحرب العالمية الثانية وأثناء الحرب وبعد الاتحاد، أو نظريات نيقولا ميكيافيلي، كلها كانت كلمات بمثابة «رغي على الفاضي» بالنسبة لي.
في الوقت نفسه كنت أؤمن تمامًا أن القدر سيفرض نفسه عليَّ بصورة أو بأخرى، ما جعلني بعد أشهر من بدء الدراسة، أتعامل أنه قدر لا مفر منه، ثم تحولت الكلمات التي كانت لا تثير دهشتي في بادئ الأمر، إلى موضع بحث واهتمام، خاصة ما كنت أدرسه في مقرر مبادئ العلوم السياسية، والتي تحولت بعد ذلك من مقرر دراسي إلى موضع بحث ودراسة مكثفة، وجدت أن القدر كان صادقًا فلم يكن شغفي متجهًا نحو الرسومات الهندسية بقدر ما اتجه نحو محاولة فهم السياسة وربطها بالتاريخ وبمجريات الحاضر بل وسعيت في الوقت نفسه إلى محاولة استشراف المستقبل ورسم مسارات افتراضية للعالم وما يدور فيه وسواء أصابت أو أخطئت فإنها بالنسبة لي محاولات لتنمية الشغف الجديد.
ما وصفته خلال ما سبق هي رحلة قصيرة لكن في فترة زمنية ليست بالقصيرة، فهي رحلة بين ما كان يدور داخل عقلي من يأس لا نهاية له، وفي ظروف واقعية أجبرتني على التحرك من أجل محاولة تحويل القدر المفروض إلى رغبة وشغف لا ينتهيان.
ما أود نقله في تلك المقالة البسيطة، هو أن القدر بدوره واقع مفروض قبل أن يولد الإنسان، فقبل أن تكون نطفة كتبت كافة أقدارنا، من رزق وعمل ومقدار سعادتنا أو شقائنا، فبدلًا من أن تتعامل معه على أنه ثقل على قلبك، تعامل معه وأنه ضيف سيحل عليك في كل محطات حياتك، سواء كان حسنًا أو سيئًا، لأنه في سيأتي لا محالة ولن تكون محطة الثانوية العامة هي الأخيرة في حياتك بل إننا كبشر سنواصل السقوط والقيام وسنقع في الزلات وسنواجه سيء الأقدار وجيدها أيضًا ما دمنا نتنفس، إذا عزيزي تعامل مع الثانوية العامة كأنها «ماتش بلايستيشن» و«الشاطر» من يخلق نجاحًا لنفسه حتى وإن اختلف عن السرب، وإن كنت ضمن السرب فليكن نجاحك خاصًا.
أخبار ذات صلة
الأكثر مشاهدة
هل سيحل الذكاء الاصطناعي محل الإنسان في سوق العمل؟
-
نعم
-
لا
أكثر الكلمات انتشاراً