السبت، 06 يوليو 2024

01:39 م

رئيس مجلس الإدارة

محمد رزق

رئيس التحرير

أمين صالح

رئيس مجلس الإدارة

محمد رزق

رئيس التحرير

أمين صالح

ERGdevelopments

محمود جاويش يكتب .. القضية وسرقة التعاطف

 محمود جاويش

محمود جاويش

لا شك أن قوات الاحتلال الإسرائيلي ارتكبت واحدة من أكبر المجازر في التاريخ الحديث بحق أهالي غزة، شهدها العالم بفضل وسائل الإعلام الحديثة، وأقصد هنا الـ"سوشيال ميديا" التي أوصلت كل جرائم آلة القتل الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني، لكل سكان الكرة الأرضة تقريباً، وهو ما انعكس في خلق حالة دعم غير مسبوقة من شعوب العالم تجاه الشعب الفلسطيني، تعوض به هزائم متوالية ظلت قائمة لعشرات السنين لإصال صوت الشعب الفلسطيني لشعوب العالم قبل قادته وسياسييه، وهو نجاح دفع ثمنه عشرات الآلاف من الشعب الأعزل، أجبره وضعه المأزوم ليكون ضحية صراع أيدولوجي لجماعات صهيونية ودينية متطرفة.


وعلى الرغم أن الشعب الفلسطيني هو من دفع الثمن، وهو من أبهر العالم بتمسكه بأرضه وقضيته العادلة، إلا أن هذا الإنجاز يتم سرقته عن قصد لصالح جماعات لها مصلحة في أهداف غير وطنية في استمرار الصراع، بل وتصعيده واتساع رقعته، نسبت لنفسها زوراً الانتصار على جيش الاحتلال الإسرائيلي، وسوقت تضامن شعوب العالم لنفسها، رغم أن التضامن العالمي هو انحياز للإنسانية وإدانة لقتل الأبرياء من النساء والأطفال، وهدم المنازل، فإذا سألت أي من المتضامنين في العالم مع الشعب الفلسطيني، ستكون إجابته إنه ضد قتل المدنيين والأطفال والنساء، وضد ما فعلته حركة حماس أيضاً في 7 أكتوبر بحق الإسرائيليين، بل سيتهم حركة حماس بالإرهاب أيضاً جنباً إلى جنب مع آلة القتل الإسرائيلي، ولكن ما تفعله الحركة الآن هو ما يمكن وصفه بـ"السرقة"، فقد احترفت حماس سرقة التعاطف الدولي لشرعنة عمليتها في 7 أكتوبر، وإن نجحت حتى الآن في تسويق هذه الفكرة في المحيط العربي، لكنها لن تنجح في تسويقه للعالم.


هذا التسويق وهذه السرقة لحالة التعاطف العالمي، هو ما جعل حركة حماس تختزل مفاوضات وقف إطلاق النار في تحقيق أهدافها فقط، والعودة بقطاع غزة إلى يوم 6 أكتوبر، وكأن شيئاً لم يكن، فلا حديث عن حل الدولتين أو العودة لحدود 1967، أو قضية تهويد القدس، وأصبح هدفها فقط إعادة سيطرتها على قطاع غزة، ولتبقى القضية الفلسطينية كما هي، إذا.. ماذا جنى الشعب الفلسطيني بعد هذه التضحيات التي دفعها طواعية ومرغماً، إذا كان ما تطلبه حركة حماس إعادة الوضع السياسي والجغرافي إلى ما كان عليه قبل عملية 7 أكتوبر، وترفض قطعياً الحديث عن إعادة إدارة القطاع للسلطة الفلسطينية أو غيرها، حتى آخر مواطن فلسطيني.
 

لقد تورطت حركة حماس في سرقة التفاوض على حل الدولتين ومفاوضات القضية الفلسطينية ومحورها الضفة والأقصى، وصنعت قضية جديدة، وهي تدمير واحتلال قطاع غزة من جديد، لتقضي ولو مؤقتاً على القضية الفلسطينية الحقيقية، وهي حل الدولتين، وصدرت للعالم أزمة جديدة في قطاع غزة، استهلكت فيه مساع كل الدول الفاعلة وأولها مصر، لتشغلها بقضايا "حمساوية الصنع"، من إدخال المساعدات وعلاج للجرحى، والضغط على الجانب الإسرائيلي ومواجهة مخطط التهجير، وتحمل ابتزاز الحركة وأذنابها، وهو دور دأبت مصر على تحمله طواعية، باعتبار القضية الفلسطينية هي القضية الأم لمصر شعباً وقيادة.


في النهاية، هل تفيق قيادات حركة حماس، وتعي أن القضية الفلسطينية أكبر من الحركة ومن السلطة، وأن حل الدولتين أهم من تقاسم السلطة أو الاسحتواذ على قطعة من الأرض واتخاذ شعبها رهينة.