عمر مرموش، ابن الذوات المرفوض من شوقي غريب والمطلوب من جوارديولا

عمر مروموش، في عالم كرة القدم، كثيرًا ما نجد قصصًا مليئة بالتضحيات والمآسي، لاعبون نشأوا في ظروف صعبة وتحدوا الفقر والظروف الاجتماعية لتحقيق حلمهم، والذي كان يمثل الأمل الوحيد للهروب من واقعهم الصعب، لكن قصة عمر مرموش كسرت هذا النمط من الحبكة الدرامية التقليدية، ليضيف بعدًا مختلفًا في عالم الساحرة المستديرة، صانعًا بنجاحاته، بطلًا جديدًا في سماء الكرة الأوروبية.

تميزت قصة مرموش بامتلاكه رفاهية الاستسلام في كثير من الأوقات الصعبة التي عصفت به في بداية مسيرته بالساحرة المستديرة، لتعد مثالًا حيًا لمعنى التحدي والطموح، فمرموش، ابن العائلة المصرية الكندية، والذي نشأ في بيئة وفرت له كل ما قد يحتاجه من سبل الراحة، حيث توافر له كل ما قد يطلبه من رفاهية وتعليم في أرقى المدارس الأمريكية، اختار أن يتخذ طريقًا مختلفًا، مليئًا بالمخاطر والصعوبات، ليس من أجل المال أو لأنه مجبر على السير نحو ذلك الطريق، بل من أجل طموحه وحلمه، الذي رواده كثيرًا.

لم يكن عمر مرموش بحاجة إلى المال، ولم يكن في حاجة إلى القلق بشأن مستقبله، كانت حياته قد تبدو مضمونة لو اختار البقاء في دائرة الراحة التي وفرها له وضعه الاجتماعي، لكنه اختار أن يسلك الطريق الأصعب، اختار مرموش أن يثبت لنفسه أولاً وللعالم أجمع أن النشأة في عائلة غنية، لا تعني التنازل عن الأحلام والطموحات، لأنه تغاضى عن الطريق السهل وقرر بكامل إرادته خوض التجربة الصعبة التي كللت بتحقيق حلم غالبية لاعبي كرة القدم حول العالم.

اليوم، بعد سنوات من الصبر والإصرار، يرى مرموش حلمه يتحقق، انضمامه إلى مانشستر سيتي تحت قيادة المدرب الأفضل في تاريخ كرة القدم لم يكن مجرد خطوة في حياته الرياصية، بل كان تتويجًا لمسيرة مليئة بالتضحيات والاختيارات الصعبة، قصة مرموش ليست مجرد قصة لاعب كرة قدم، بل هي قصة شاب قرر أن يسير ضد التيار، لييثبت للجميع أن العزيمة والطموح يمكن أن يغيرا مجرى حياة الإنسان مهما كانت الظروف.

بدأ مرموش صاحب الـ26 عام، مسيرته الكروية في أكاديمية وادي دجلة، وكان الفرنسي باتريس كارتيرون، أول من صعده للعب في الفريق الأول بالنادي، بناًء على توصية من المخضرم علي أبو جريشة، نجم الإسماعيلي ومنتخب مصر الأسبق، بعدما تدرج الجولدن بوي في الفئات العمرية داخل نادي الغزلان، وشارك في أول مباراة رسمية في الدوري الممتاز يوم 8 يوليو لعام 2016، وكان وقتها يبلغ من العمر 17 عامًا فقط.

وتمكن مرموش في أول مباراة رسمية له مع وادي دجلة تحت قيادة كارتيرون، والتي كانت أمام الاتحاد السكندري في الدوري الممتاز، من صناعة هدف فوزه فريقه والذي سجله حسام عرفات، حيث انتهت المواجهة بفوز الغزلان بثلاثة أهداف مقابل هدفين لزعيم الثغر.

احتراف عمر مرموش من بوابة فولفسبورج

استطاع مرموش خطف أنظار العديد من الأندية بعد فترة قليلة خاضها رفقة الغزلان، وانتقل إلى فريق فولفسبورج الألماني عام 2017، بعدما خاض 18 مباراة مع وادي دجلة بواقع 736 دقيقة، ساهم خلالهم في 4 أهداف بواقع 3 أهداف وتمريرة حاسمة.

وبدأت رحلة عمر مرموش الشاقة، بعد انضمامه لفريق الشباب بنادي فولفسبورج، وتدرج داخل الفئات العمرية المختلفة، حتى تمكن من المشاركة للمرة الأولى رفقة الفريق الأول بالنادي في 26 مايو عام 2020، وكانت أول مباراة له في الدوري الألماني أمام فريق باير ليفركوزن، وانتهت المباراة بفوز فريقه بأربعة أهداف مقابل هدف، بينما شارك لأول مرة في الدوري الأوروبي في 5 أغسطس عام 2020، وتعرض فولفسبورج وقتها للهزيمة بثلاثية نظيفة أمام شاختار دونيتسك، في لقاء دور الـ16 من البطولة.

وعانى مرموش في بداية مسيرته الاحترافية، من صعوبة التأقلم مع الرتم السريع لمباريات الدوري الألماني واختلافها بالكلية عن طريقة اللعب في الدوري المصري، بالإضافة لابتعاده عن عائلته ورفاقه، وتغلب الجولدن بوي على تلك الصعوبات بعد تعلمه اللغة الألمانية ولغات أوروبية أخرى.

وانتقل مرموش إلى فريق سانت باولي الألماني في بداية 2021 واستمر حتى منتصف العام ذاته، وشارك في 21 مباراة، تمكن خلالهم من المساهمة في 10 أهداف، بواقع 7 اهداف و3 تمريرات حاسمة، ثُم عام لفريقه وخرج مرة أخرى على سبيل الإعارة لفريق شتوتجارت، والذي خاض معهم نفس عدد المباريات، إلا أنه نجح في المساهمة في 8 أهداف بواقع 3 أهداف و5 تمريرات حاسمة.

وعاد الجولدن بوي لفريق فولفسبورج مرة أخرى، قبل أن ينتقل إلى فريق آينتراخت فرانكفورت الذي شهد الفترة الذهبية في مسيرته، في الانتقالات الصيفية لعام 2023، ليصبح عدد المباريات التي خاضها مع فريق فولفسبورج 48 بواقع 1902 دقيقة، تمكن خلالهم من تسجيل 6 أهداف وصناعة أخر.

آينتراخت فرانكفورت.. العصر الذهبي لـ مرموش

رغم الظهور المميز لعمر مرموش والموهبة الكروية التي تحالفه منذ بداية مسيرته، إلا أن فترة تواجده مع نادي آينتراخت فرانكفورت، شهدت طفرة نوعية في مسيرة اللاعب لتمثل العصر الذهبي للجولدن بوي وبوابته للانضمام إلى أحد أكبر الفرق في العالم تحت قيادة أحد أفضل المدربين في تاريخ الساحرة المستديرة، وصاحب الأسلوب المميز والمنفرد في طريقة لعبه وتوظيفه للاعبين.

قدم مرموش مستوى مميز مع فريق فرانكفورت، قاده لخطف أنظار كبار الفرق الأوروبية، والتي دخلت في تنافس لضمه خلال الميركاتو الحالي، قبل أن يفوز به مانشستر سيتي، بعد إصرار بيب جوارديولا لضمه، بسبب حاجته الشديدة لأمكانياته، في محالوة للخروج بالسيتيزينز من الكبوة التي يمر بها، عقب تراجع نتائج الفريق وتحقيق العديد من الأرقام السلبية في بطولتي الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري أبطال أوروبا.

خاض مرموش مع فريق فرانكفورت 67 مباراة في جميع المسابقات بواقع 5215 دقيقة لعب، ساهم خلالهم في 57 هدف، بواقع 37 هدفًا و20 تمريرة حاسمة، وتمكن من وضع فريقه في مقدمة جدول ترتيب النسخة الحالية من البوندسليجا، حيث يحتل الفريق المركز الثالثة في ترتيب المسابقة، حيث سجل خلال الموسم الجاري مع فريقه خلال مشاركته في 26 مباراة في جميع المسابقات، 20 هدفًا وصنع 14 تمريرة حاسمة.

كيروش يقدم مرموش للجماهير المصرية

عانى مرموش من تجاهل مدربي المنتخبات الوطنية بمختلف فئاتها العمرية، حيث رفض شوقي غريب، ضمه للمنتخب الأولمبي خلال أولمبياد طوكيو 2020، مبررًا موقفه بكثرة تنقله بين فرق الدورى الألمانى، واصفًا إياه بأنه لاعب غير مستقر، ولن يضيف أكثر مما يملكه المنتخب من لاعبين محليين، مما جعل مرموش يصفه بأنه أكثر المدربين ظلمًا له في مسيرته الكروية.

ويعد البرتغالي كارلوس كيروش، المدير الفني السابق لمنتخب مصر، أول من  قدم عمر مرموش للجماهير المصرية، وذلك بعدما ضمه لقائمة الفراعنة لأول مرة في مسيرته، وكان وقتها في صفوف شتوتجارت، وذلك في مباراة ليبيا، بالجولة الثالثة من تصفيات كأس العالم 2022 التي أقيمت في قطر، وسجل الجولدن بوي هدف الفوز للفراعنة، وقدم مستوى مميز خطف أنظار الجماهير المصرية.