قناة السويس.. حدوتة مصرية
وليد عتلم
د. وليد عتلم يكتب:
"حدوتة مصرية"؛ عنوان لأحد أجمل أفلام السينما المصرية، للمبدع يوسف شاهين، وصاحبها أغنية أجمل لصوت مصر الأصيل محمد منير بنفس العنوان، وكلمات عبد الرحيم منصور، وألحان قيثارة الجنوب أحمد منيب.
مصر بلد الحواديت والمواويل، لكن قناة السويس "حدوتة" خاصة، وما بين الافتتاح الأول للقناة نوفمبر 1896 إلى الافتتاح الثاني في أغسطس 2015 قصة رمز وطني، وبطولة مصرية تتجاوز الــ 150 عام، شامخة شاهدة على موقع مصر في قلب العالم، والقناة شريان الحياة التجاري لمصر والعالم.
والقناة "حدوتة مصرية" خالصة حفرت بأيدي العمال والفلاحين المصريين، شهدت نحو 120 ألف شهيداً لتصبح منذ فرمان الامتياز الأول الذي منح فرديناند ديلسبس حق إنشاء شركة لشق قناة السويس في 30 نوفمبر 1854، لذلك ومنذ الشق الأول لقناة السويس (610 قبل الميلاد)، مروراً بفرمان الامتياز 1854، وحفل افتتاح القناة 1869، ثم التأميم والعدوان الثلاثي 1956، ونكسة يونيو 1967، ثم إعادة افتتاح القناة يونيو 1975، والشق الثاني للقناة لقناة السويس الجديدة في أغسطس 2015، أصبحت قناة السويس رمزاً وطنياً للإرادة والتحدي في مواجهة الاستعمار، ومواجهة الأزمات والتحديات التي كان آخرها أزمة السفينة الجانحة.
والقناة أيضا هي حدوتة وعنوان للتطوير للتنمية؛ وهو ما حدا بالدكتور جمال حمدان إلى وصف القناة في كتابه الصادر عن دار عالم الكتب للنشر والتوزيع عام 1975، والمعنون بــــ "قناة السويس: نبض مصر" بأنها "نبض مصر"، والقلب النابض في النظام العالمي. وليس أدل على رؤى حمدان من حديث الأرقام التي لا تكذب ولا تتجمل؛ فعبر قناة السويس ـــــ تبعا للإحصائيات ــــ يمر نحو 10٪ من إجمالي حركة التجارة العالمية، وما يقارب 25٪ من إجمالي حركة بضائع الحاويات عالميا، و100% تقريبا من إجمالي تجارة الحاويات المنقولة بحرا. وبلغت إيرادات قناة السويس 9.4 مليار دولار في السنة المالية 2022-2023، مقابل 7 مليارات دولار في السنة المالية السابقة 2021-2022. وتستهدف الدولة المصرية زيادة مساهمة القناة في الناتج الـمحلي الإجمالي لقناة السويس بنسبة 7% ليرتفع الناتج من 100.5 مليار جنيه عام 20/2021 إلى 107.6 مليار جنيه في عام 2022-2023، وكذلك زيادة الناتج إلى ما يعادل 118.4 مليار جنيه، بنسبة زيادة 17.8% عن العام السابق.
ورغم الأهمية الاستراتيجية للقناة قديماً وحديثاً؛ تبقى الحاجة ملحة لزيادة الوعي والمدرك العام بتاريخ القناة ودورها الاستراتيجي، خاصة في مواجهة الحملات الدورية الممنهجة لتشويه القناة والحديث الدائم عن ممرات بديلة لها، والتقليل من الأهمية الاقتصادية والاستراتيجية لمنطقة خليج السويس بشكل عام، وهو ما يستدعي بالضرورة زيادة المساحة المخصصة لقناة السويس في مناهجنا الدراسية، وتغطيتنا الإعلامية.
على سبيل المثال؛ كتاب الدكتور جمال حمدان سابق الذكر، وكذلك الكتاب الصادر عن الهيئة العامة للاستعلامات في عام 2020 بالتعاون مع الجمعية المصرية للدراسات التاريخية، والصالون البحري المصري، والذي جاء تحت عنوان: قناة السويــس الماضي...الحاضر... المستقبل (1869-2019)، وهو مؤلف جامع حول قناة السويس منذ الشق الأول لها في عهد المصريين القدماء، شارك في تحريره نخبة من المؤرخين والمختصين. والذي اختم منه بما قاله الشاعر الكبير صلاح جاهين في قناة السويس، بمناسبة انسحاب المرشدين الأجانب من القناة بعد التأميم؛ حيث قال جاهين:
محلاك يا مصري وانت ع الدفة
والنصرة عامله في القنال زفة
حيوا الرجال السمر في السفينة
حيوا اللي جاهدوا عشان ما يفرح وادينا
أنا قلبي فاكر لسه مين اللي جارحه
ولولا يوم النصر ما اتلم جرحه
شفت القنال في إيدين رجال من بلادي
رفرف عليهم قلبي من كتر فرحه
حقا؛ قناة السويس "حدوتة أصيلة مصرية" كانت وستبقى رمز الإرادة الوطنية.
أخبار ذات صلة
الأكثر مشاهدة
هل سيحل الذكاء الاصطناعي محل الإنسان في سوق العمل؟
-
نعم
-
لا
أكثر الكلمات انتشاراً