محمد رزق يكتب: على طريق القاهرة نيويورك.. عادات والتزامات وفروق ثقافات
محمد رزق
شهدت مصر العديد من الإجراءات الإصلاحية في السنوات الأخيرة، وهي تعمل من أجل توفير حياة وطنية كريمة، آخذة على عاتقها كل سبل الحماية المجتمعية لصد أي عوائق تقف بينها وبين الانتقال التنموي ومسيرة التقدم في عدد من الملفات، ولا شك أن هذه الخطوات الجادة هي ضرورة من ضروريات الحياة خاصة، بعد اضطلاع شبابنا على الثقافة الأوروبية في العموم والثقافة الأمريكية في الخصوص.
على سبيل المثال، نجد أن ملف البنية التحتية من أهم ملفات الحكومات المتعاقبة في الولايات المتحدة الأمريكية، وكذلك المحافظة على رفاهية المواطن الأمريكي، وبالنظر في كيفية تقديم هذه الخدمات سنجد أنفسنا أمام دائرة كاملة تعمل على التفكير والتخطيط لخدمة الوطن والمواطن الأمريكي، وفي المقابل نجد أن الشعب الأمريكي كله مسئول عن تحقيق هذه التنمية، فضلاً عن المحافظة على المكاسب التي تقدمها الحكومات والمؤسسات، وبالتالي هناك شعور بالمسئولية تجاه ممتلكات الوطن والمواطن، حتى في ممتلكاتهم الخاصة، نجد أن بناياتهم السكنية من الخشب لتقليل حجم النفقات والمعيشة السطحية غير المكلفة والمبنية على تفاصيل غير ضرورية.
وهذا على العكس تماما لما يقوم به المصريين وغلبة ثقافة التكلفة الباهظة، والفواتير المتزايدة غير الضرورية، فعلى سبيل المثال نجد ثقافة مواد البناء الأسمنتية هي السائدة في مصر، وهي ما تزيد من الفاتورة الشرائية والوقوع في فخ الحاجة والعوز، على عكس البناء في الولايات المتحدة، والتي تسود فيه البناء الخشبي غير المكلف رغم قدرتهم المالية، لذلك يجب أن تتغير هذه الثقافة بشكل تدريجي، لتخفيض فاتورة الإنفاق على بنايات أسمنتية غير منتجة ولا تزيد من الإنتاج أو التنمية.
أما بالنظر للتجربة الأمريكية في مجال التعليم، سنجد أن الولايات المتحدة وضعت لنفسها نظام تعليمي وممارسات وتجارب تعليمية خاصة، حتى تربعت على عرش التعليم في العالم، فالولايات المتحدة الأمريكية هي واحدة من أقوى وأعظم الدول التعليمية بسبب تفردها بنظام خاص في البحث العلمي وجذب المتميزين من أنحاء العالم إلى هذه الجامعات المجانية، وتشجيع التعليم الفني والمهني، حتى أبرزت النجاحات المختلفة والمهمة في كافة القطاعات والمؤسسات، لأنها تقوم على أسس علمية وتعليمية أثبتت نجاحها.
في المقابل سيجد المتابع للحالة التعليمية في مصر، أن الحكومة بدأت بالفعل قبل 6 سنوات بالبحث عن المشروع الأصلح لتطوير منظومة التعليم المصرية بمختلف مراحله، لإحداث تطوير حقيقي، وبدأت الاستعانة بالخبراء في هذا المجال، بجانب توسعها في إنشاء الجامعات التكنولوجية، وهو ما يؤكد أن متخذي القرار المصري منفتحين على التطوير والتقدم.
لذلك، فجودة الحياة في الولايات المتحدة الأمريكية، لا يمكن عزلها عن العالم فهي تتأثر بما يتأثر به باقي دول العالم لأنها جزء منه، ولكن ما يختلف هنا أن أمريكا عملت بعد قيام النهضة الصناعية على قيام نهضة ثقافية وتنمية ثقافة العمل والبحث عن السعادة بالبذل والعطاء، وذلك بالتوازي مع العدالة المؤسسية والحكومية ومحاسبة المقصرين بالإضافة عدد من الأطر المجتمعية لتوفير حياة كريمة.
وفي المقابل، وبالنظر إلى الداخل المصري فإننا نلتمس في الحكومة سعيها الحثيث للإصلاح الهيكلي والمنظومي الشامل، وهو ما يستوجب وجود قناعة لدى المواطن المصري مع الصبر والمشاركة وتحمل المسئولية.
كما أنه لا شك في أن الالتزام بالضوابط والقوانين، هي أهم عوامل النجاح والرقي، فعلى سبيل المثال لن تجد هناك كسر متعمد لإشارات المرور في الولايات المتحدة الأمريكية، وهذا نابع للثقافة الشعبية الأمريكية، وقوة نفاذ القانون الأمريكي على الجميع، ما يضعنا على نتائج هامة، وهي أن الالتزام بتطبيق القانون هو عائد أساسي على نتائج التنمية، وبالتالي نحن في مصر نحتاج إلى ثقافة مبنية على احترام القواعد والقوانين لتكملة المسيرة التنموية للدولة الجديدة.
لذلك فإن الثقافة السادة والمعتقدات الفكرية للشعب الأمريكي لا يمكن عزلها عن عوامل تحقيق النهضة، خاصة أن هناك رؤية وهدف للوصول إلى تحقيق التنمية، فلن تجد تلوث بصري بين الأبنية في الولايات المتحدة كما نشهده هنا، وذلك لأن الثقافة هناك تراعي كل الجوانب، وهذا ما نحتاج إليه في الفترة القادمة، فلن يكون لدينا خطة للتنمية أو يمكننا إحداث نهضة حقيقية بدون عقلية وثقافية شعبية تنموية شاملة، يشعر فيها كل مواطن مصري بالمسئولية الشخصية عن كل ما ينتجه للصالح العام.
تابع موقع الجمهور عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا
تابع موقع الجمهور عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا
الجمهور، موقع إخباري شامل يهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري بما يليق بقواعد وقيم الأسرة المصرية، لذلك نقدم لكم مجموعة كبيرة من الأخبار المتنوعة داخل الأقسام التالية، الأخبار، الاقتصاد، حوادث وقضايا، تقارير وحوارات، فن، أخبار الرياضة، شئون دولية، منوعات، علوم وتكنولوجيا، خدمات مثل سعر الدولار، سعر الذهب، سعر الفضة، سعر اليورو، سعر العملات الأجنبية، سعر العملات المحلية.
أخبار ذات صلة
هل سيحل الذكاء الاصطناعي محل الإنسان في سوق العمل؟
-
نعم
-
لا
أكثر الكلمات انتشاراً