علاء عصام يكتب.. مقاومة الثقافة "السلفية" السائدة بقيم ثقافية حداثية "بديلة"
علاء عصام
عاشت مصر سنوات طويلة منذ عصر الانفتاح الاقتصادي، الذي تبناه الرئيس أنور السادات في مسار ثقافة الاستهلاك بكل موبقاتها ولعناتها، وكان قادة هذا الفكر هم السلفيين، لاسيما وأنهم من سمح لهم بقيادة هذا النمط من الاستهلاك من الخارج والداخل.
وكان الهدف من تمكين السلفيين هو القضاء علي خصوم السادات وأمريكا وإسرائيل من اليساريين، بل وصل العداء لليبراليين الذين يملكون وجهة نظر إقتصادية إنتاجية، وتحرض علي بناء مجتمع ليبرالي، وكان هؤلاء قلة قليلة قضي عليهم وكما نقول في لغتنا العامية "ما خدوش غلوة".
وتلاقت أهداف هؤلاء السلفيين من نجوم جماعة الإخوان والجماعات الأصولية، ورجال الأعمال الذين تأثروا بهم، مع البيروقراطية المصرية التي تنموا وتترعرع فسادا، في ظل هذا النمط الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الاستهلاكي.
ورسخ هذا النمط الاستهلاكي أنماط ثقافية، ترفض إعمال العقل والمنطق أو الإيمان بهم، في فهم وتحليل تجارب الحياة وتجارب الدول المتقدمة الأخرى، والنزوح نحو هاوية الدروشة والأنشطة الدينية والغرام برأي رجال الدين في كل كبيرة وصغيرة.
وأخذ أغلبية شعبنا أقباطا ومسلمين من يدعون لمعاداة الأخر نموذجا لهم واقتنعوا بأفكارهم المعادية، لحقوق المرأة، والفلسفة، والاندهاش، وتمرين العقل علي الإبداع، والانطلاق نحو التفكير العلمي، وقيم الحداثة، وأصبحوا نماذج لهذه الأغلبية، بل رسل بل في بعض الأحيان صدقوا انهم ألهة وأصحاب مفتاح الجنة، ودعمت السلطة الفكرة وتحولت لثقافة سائدة تتغول في كل المؤسسات الشبابية والثقافية والشعبية والريف.
ولا يمكن بأي حال الانطلاق نحو "الجمهورية الجديدة" إلا من خلال ثقافة بديلة، تعبر عن مجتمع ينطلق نحو الحداثة والتنوير، بعد أن تخلص من حكم وتحكم الجماعات الإرهابية في حياته لأكثر من 70 عام.
ونحن في حزب التجمع باعتباري أحد أعضائه، نري أن المجتمع الإنتاجي الصناعي سيغير هذه الأنماط الثقافية السائدة، وسيكون مفتاح طريقنا نحو مجتمع الحداثة والتنوير وإعمال العقل، ولكن إلي أن نشهد تقدما في هذا المشروع الإنتاجي الذي لا غني عنه، قد نري أن سلطة دولة 30 يونيو ومطلقين شعار الجمهورية الجديدة، يجب أن يتبنوا مع الأحزاب والمثقفين وقادة الرأي والفنانين الذين شاركوا السلطة وكانوا في حضن شعبهم في ملحمة ثورة 30 يونيو نموذج ثقافي بديل للنموذج السلفي الرجعي السائد.
وفي ظني أن تمسك السلطة بشعار "تجديد الخطاب الديني"، بشكل خاص، قد لا يتناسب مع التحول إلي الثقافة البديلة، لاسيما وأن الخطاب الديني المستنير كان له رجالة الذين أمنوا بالحداثة عن تجربة ومنهم "رفاعة رافع الطهطاوي ومحمد عبدة وعلي عبدالرازق"، فهل نحن رأينا خلال ١٠ سنوات قادة دين مستنير بهذا الثقل وهذا التأثير.
والسؤال الأهم في ظل انتشار منصات السوشيال ميديا وتمددها، والتي وصل تأثيرها عبر الموبيل علي فرد فرد من أفراد الأسرة، هل دعوة الدولة لتجديد الخطاب الديني وتعقيداته، ستجد صداها وستكون اكثر تأثيرا في مواجهة أصحاب خطاب الكراهية ومعاداة قيم الحداثة والتنوير.
كما علينا أن لا ننسي أن تراجع تأثير الأعلام الكلاسيكي، من "قنوات وصحف"، يلعب دورا سلبيا في تقوية أهداف تجديد الخطاب الديني، وهذا الإعلام الكلاسيكي كان كفيل لتنجيم مشايخ السبعينيات والثمانينات والتسعينيات إلي بداية القرن21ولنا في "مصطفي محمود والشيخ الشعراوي وعمرو خالد ويعقوب ومحمد حسان وغيرهم" أسوة ومثل في السيطرة علي عقول المصريين والنزوح بهم نحو هاوية الرجعية ومعاداة الحداثة عبر هذا الأعلام الكلاسيكي إلي جانب الزوايا وصلاة الجمعة.
وفي مغارب الدنيا ومشارقها تسبق الأفكار والأهداف الأدوات والسبل، وعلينا أن نفكر في أنشطة وفاعليات ومناهج دراسية واستغلال لمواقعنا الشبابية، لدهش وتحريض أبنائنا وأهلنا نحو احترام "قيم العمل الحديثة وأن يكون العقل والتفكير المادي والعلمي طريقنا للإنتاج والإبداع واحترام الأخر وحقوقه طالما يحمل جنسية وطنة والدخول في عملية نضال واسعة ترسخ قيم تحديث طريقة تفكير العائلة والأسرة والقبيلة وجعلهم أكثر احتراما للقانون وحقوق الطفل والمرأة ".
وأخيرا دعونا نضع استراتيجية لثقافة بديلة وعصرية تغذوا أهدافها وانشطتها وأفكارها مناطقنا الشعبية والريف والمدارس والجامعات في أسرع وقت ممكن والسؤال ألم يحن الوقت لنبدأ؟.
أخبار ذات صلة
الأكثر مشاهدة
هل سيحل الذكاء الاصطناعي محل الإنسان في سوق العمل؟
-
نعم
-
لا
أكثر الكلمات انتشاراً