نحو سياسة ثقافية للجمهورية الجديدة عمادها «التنوير والحداثة والتفكير النقدي والعدالة الاجتماعية»
النائب علاء عصام
علاء عصام
انتقلت مصر بعد ثورة 30 يونيو لمجتمع أكثر انفتاحا على كل المستويات، فخلال 10سنوات تراجعت كل محاولات سرقة الهوية المصرية وتغيير ملامحها الوسطية، من قبل المتحدثين باسم الله وتجار الأديان.
وما زالت أجيال تشهد على ممارسات وأفكار جماعة الإخوان الإرهابية والسلفيين على مدار 70 عاما سبقت ثورة يونيو.
ومما لا شك فيه أن هناك بعض الأسر المصرية رضخت للإيمان بمعتقدات أكل عليها الزمن وشرب بل تجاوزها الزمان والعالم المتقدم، وتعبر عن صورة سطحية وشكلية وشديدة الانغلاق للدين بداية من تكفير الفن ومعاداة شركائنا في الوطن، والتمايز عليهم، وعدم التسامح في حق أصحاب الرخص في الفرائض، ومعاقبة المصريات على مظهرهن والذي هو حق لهن وصول إلى معاداة العلم والفلسفة والحداثة بكل مرادفاتها.
فقد عشنا سنوات طويلة نخاصم قدرة العلم على تطوير المجتمعات وتحسين حياة الناس وصحتهم العامة، وكان المتأسلمون يكفرون وسيلة إثبات النسب "dna" والتي كان وما زال لها دور في إنقاذ الأطفال والفتيات من استهتار بعض الشباب.
وفي حقيقة الأمر فهذا التحليل الهام له دور في العديد من الأزمات الطبية والعلاجية وما زال هناك رفض من المؤسسات الدينية الرسمية لزراعة الأعضاء رغم أهمية دورها في إنقاذ الناس من فقد البصر والعيش بأجهزة جسم سليمة.
والتاريخ لن يغفل عن عمليات القتل والترويع والاغتيال التي نالت المفكرين والشعراء والمستنيرين، إلى جانب هجوم المتأسلمين بكل أنواع الأسلحة على الطالبات في الجامعات ومحال الذهب في الصعيد والتي كانت ملكا لإخواننا الأقباط في سبعينيات وأوائل ثمانينيات القرن العشرين.
ولم يقتصر الأمر على ذلك فحسب بل وصل بالإرهابيين إلى حرق الكنائس وقتل الضباط وإظهار أبشع صور الأجرام والترويع ولكنها إرادة الله وإصرار الشعب ووطنية الجيش ومؤسسات الدولة الذين أنقذوا مصر من هذا المشروع التخريبي والمعادي للحداثة.
ولقد قاومت الدولة المصرية ومؤسساتها الإعلامية وعلى رأسها الشركة المتحدة كل هذه الأفكار الإجرامية وأظهرت للمصريين كذب وضلال هؤلاء الإرهابيين من خلال الدراما بداية من مسلسل الاختيار وصولا لمسلسل الحشاشين ولكن المؤسسات المعنية بنشر أفكار الحداثة والتنوير التي تعبر عن الجمهورية الجديدة ما زالت نائمة نوما طويلا.
فلا زالت المدارس بلا مسرح وأنشطة فنية وثقافية، ولا زالت أيضا وزارة الثقافة غير قادرة على تطوير قصور الثقافة كما أن أغلب الجامعات الحكومية والأزهرية في معاداة مع النشاط الثقافي الذي يحض على الفكر التقدمي والعلم الحديث والتسامح والمواطنة.
وفي ظني يجب أن نصغي سويا كدولة ومجتمع مدني «سياسة ثقافية» نحدد من خلالها قيم وشعارات وأهداف الجمهورية الجديدة التي تجاوزت ما قبل 30 يونيو من انغلاق ومعاداة للعلم والانطلاق إلى سياسة ثقافية تنويرية.
كما أن السياسة الثقافية كما وضح معناها في كتب مفكرين كثر وعلى رأسهم وزير الثقافة الأسبق جابر عصفور وكذلك الدكتور نبيل عبد الفتاح وتحدث الأخير عن مفهوم السياسة الثقافية في كتابة "الحرية والحقيقة" تحديات الثقافة والمثقف المصري.
وللحقيقة نسج المثقف الكبير نبيل عبد الفتاح جمل في كتابه الحرية والحقيقة في غاية الجمال وأهمها عندما فرق بين السياسة الثقافية والخدمات والأنشطة الثقافية ومن هنا يتضح لنا حسب ما فهمت أن مصر في حاجة لوضع سياسة ثقافية تحرض على التفكير النقدي ودعم المبدعين الشباب والانفتاح على العلوم الحديثة ورفض الانغلاق والفكر الظلامي ومقاومتهم من خلال أنشطة وخدمات ثقافية تنفذها الدولة بالاشتراك مع القطاع الخاص والمجتمع المدني في كل المواقع الشبابية والنسائية والعمالية والريف والمناطق الحدودية.
وكان وزير الثقافة الأسبق جابر عصفور رائد في فكرة المجموعة الثقافية والتي قدم بها تصورا ومشروعا متكاملا عندما كان وزير وطلب حينها بإنشاء مجموعة وزارية ثقافية على غرار المجموعة الاقتصادية في الحكومة وتكون مهمتها نسج سياسة ثقافية مع المجتمع المدني والقطاع الخاص وتنفيذ الأنشطة والخدمات الثقافية عبر هذه الوزارات المعنية ومنها وزارات «الثقافة والتربية والتعليم والتعليم العالي والآثار والأوقاف».
فبعد التوافق على شعارات الجمهورية الجديدة يجب أن تنعكس في مناهج تعليمية وأنشطة ثقافية داخل المدارس والجامعات، كما يجب أن نعمل على تغيير طرق الامتحان التي تعتمد على الحفظ إلى طرق جديدة تطلق عنان التفكير النقدي الحر وعلى هذه المجموعة الثقافية أن تنشر المسارح الشعبية والفرق الفنية المتنقلة في الريف والنجوع المصرية لنشر المحبة وقيم المواطنة والتسامح بين المصريين واكتشاف الموهوبين.
ومن ضمن السياسات الثقافية علينا أن نوكل للقطاع الخاص مهمة مساعدة الدولة في بناء معمل علمي حديث بكل محافظة يكون من شأنه اكتشاف الموهوبين في الابتكارات الحديثة ومنها الذكاء الاصطناعي وعلم الحفريات والاختراعات المختلفة ومن خلال هذه المعامل ننفتح علي الباحثين الأجانب من كل العالم المتقدم لنقل الخبرات ومساعدة أبناء مصر على الاختراع والنجاح.
أخبار ذات صلة
الأكثر مشاهدة
هل سيحل الذكاء الاصطناعي محل الإنسان في سوق العمل؟
-
نعم
-
لا
أكثر الكلمات انتشاراً