الجمعة، 22 نوفمبر 2024

03:43 ص

رئيس مجلس الإدارة

محمد رزق

رئيس التحرير

أمين صالح

رئيس مجلس الإدارة

محمد رزق

رئيس التحرير

أمين صالح

صبري فواز، موهبة فنية لن تتكرر مرتين

شهاب عمران

شهاب عمران

شهاب عمران

A A

تستهويني دائماً الأدوار الثانوية أكثر من أدوار البطولة، تستهويني عبقرية المُخرج الذي يقف خلف الشاشة في الظل ويرسم المشاهد بعبقرية وحرفية شديدة أكثر من نجوم الصفوف الأولى.. أهتم بمعرفة مؤلفي السيناريوهات والأغاني أكثر من المطربين وأبطال الأعمال.. وأشعر أنني بحاجة للاهتمام بكل هؤلاء الأبطال الحقيقيين، أو بمعنى آخر رجال الظل وأعتبر نفسي أحد هؤلاء.


كانت بداية معرفتي بالفنان «صبري فواز » من خلال الدور الأهم وصاحب الجماهيرية الكبيرة عِند الجميع في فيلم "كلمني شكرًا" عام ٢٠١٣، أسعدني وأضحكني كثيرًا وأسعد كل جيلي وترك بصمة وأثرا عند جمعنا بخفة ظله في دور الشيخ عرابي، وأبكاني معه أيضا عندما بكى على طفله المريض في نهاية الفيلم.. من أول نظرة وأول مشهد أدركت أنني أمام تحفة فنية، وشخصية معجونة موهبة من ساسه إلى رأسه كما يُقال عندنا في القرية، أدركت أنني أمام رجل باقي من رائحة أعمام الشغلانة الأوائل ومُتقن للصنعة، للدرجة التي تجعلني أقولها صراحة صبري فواز هو الوحيد الذي ينهدم معه الجدار الفاصل بين الحقيقة والتمثيل عندي.


قبل عام كنتٌ رفقة الفنان طارق عبدالعزيز عليه رحمة الله في سهرة من سهرات ليلة الخميس التي يملؤها الدخان والضحكات الساخرة، وأثناء الحديث والنقاش في الفن والأدب وحالة اللاموهبة والجهل التي سيطرت على شباب الوسط الفني.. وأن الصفوف الأولى أصبح يشغلها منقوصى ومعدومي الموهبة، وأنه رغم كل هذا الزحام لا أحد، وأننا نسمع جعجعة ولا نرى طحنا، نحن بحاجة إلى جيل يمتلك الموهبة وجيل يقرأ لتنمية الموهبة.. وأخبرته في آخر الحديث أن عظمة محمود حميدة وخالد الصاوي وصبري فواز تكمن في ثقافة هؤلاء الأدبية والعمل المستمر على تنمية الموهبة التي ملأت الأرض فناً وتركت لنا إرثاً فنيا ذاخرًا ومليئاً بالدرر.


أحببت صبري فواز الشيخ في مسلسل "أبو عمر المصري" للدرجة التي جعلتني أتيقن أنني أمام رجلٌ مُتقن لكتاب الله منذ الصغر، ولم يلبث حتى جعلني أكره صبري فواز الشيخ مصطفى في "جواب اعتقال" ذلك الشيخ القادر على التلون بطريقة غير طبيعية داخل الفيلم من أوله إلى آخره أمام الشاشة داعية وسطي يحبب الناس في الدين بطريقته السلسة البسيطة التي يفهمها العوام قبل أهل التخصص، وفي المسجد مُهيج بارع جدًا قادر على أن يجعل الشاب يقوم من مجلسه لينضم إلى صفوف الجماعات الإرهابية عن طيب نفس، وشخص ثالث آخر وهو رفقة صديقه الشيخ عبدالله.. أدهشني صبري فواز وهو يحمل اسمي مرتين مرة وهو شهاب باشا في ملحمة "موسى" ومرة وهو شهاب مدير الشركة في  "على بابا"، ببساطة كل أعماله تمسّ في نفسي وترا خفيًّا، يبكيني ويضحكني ويتقافز بي كما يشاء.


عظمة الشاعر الرائع والممثل الأروع صبري فواز، تكمن في أنه يشبه بالتحديد فارس قرر معركة وحده، وخاضه وحده، وكان سلاحه فيها الموهبة، ولكن في النهاية أنهى المعركة وكانت الغنيمة جماهيرية ومحبة في نفوس الجميع.. مؤخرًا من خلال اهتمامي بهذه الشخصية أدركت جانباً خفيًا في حياته وهو الشعر، في النهاية صبري فواز هو خلاصة التجربة وحلاوة الزمن، وهو التحفة الأثرية الباقية من رائحة عم نجم، ومن فلسلفة جاهين، ومن تترات الأبنودي وحجاب.. دائما لكلمات قصائده مفعول السحر، فهي تلملم شتات أمرنا والمتبقي من شظايا أفئدتنا.. كلماته هزت شيء ما بداخلي، وداعبت أعماقي، وألقت حجرًا في بركة نفسي الراكدة.. صبري فواز بكل بساطة قادر على أن يحمل الماضي على ظهره دون أن يهتز، وقادر على أن يعزف المواويل حارات، 
وهو الذي أخبرنا أن لمعة العيون خمّارات.. وليست فقط لمعة العيون خمّارات بل بمداد عينيها حروف صينية، لم يفهموها وأنا قاموس أعرف كل اللغات.. الخلاصة صبري فواز فنان وشاعر معروف عند كلنا ومحبوب عند جمعنا.

search