محمد رزق يكتب: هل تجد مصر ضالتها في السياحة؟
محمد رزق
محمد رزق
«حلوة يا بلدي» كلمات تغنت بها الفنانة داليدا، وهي تعبر عن شوقها لمصر، التي كانت وما زالت أرض الحضارات، لدى مصر أكثر من ثلثي أثار العالم، وعلى الرغم من ذلك فإننا نقف عاجزين أمام مظاهر الإهمال الواضحة في المعالم السياحية.
أعطت الدولة اهتماما كبيرا لملف السياحة من خلال موكب المومياوات الملكية، واحتفالية طريق الكباش، والمتحف المصري الكبير، ومتحف الحضارة، وترميم الدولة العديد من الأماكن السياحية في محاولة لجذب السياح، إلا أن عدم الترويج لهذه الإنجازات بطرق صحيحة يقف حائلا أمام عودة مصر لمكانتها كبوصلة سياحية.
عين السائح وتجربته وهو يجوب المعالم السياحية في مصر، هي النافذة التي يقيم بها العالم التجربة السياحية، فالكاميرا التي يصور بها الشارع ويتجول بها بين المحال التجارية في مصر، هي أهم دعاية يجب رعايتها وتقديم الدعم الكامل لها، كما فعلت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في بداية انفتاحهما على السياحة، وبدأتا تجذبان المشاهير ونجوم مواقع التواصل الاجتماعي، لقضاء تجربة سياحية فعلية ونقلها للعالم.
الشعب المصري يحتاج لإدراك قيمة المعالم السياحية، فمشاهد القمامة المتكدسة أمام المساجد والمتاحف والمعابد تؤثر على ترتيب مصر السياحي، وتجعل بعض السياح ينفرون منها، ويختارون أن يسافروا إلى أماكن تحافظ على المظاهر الجمالية في المعالم السياحية.
اعتاد الشعب المصري على التعامل باعتيادية بالغة مع المعالم السياحية الأمر الذي جعلهم يهملون، ويشوهون جمالها، كما أن نظرات التنمر والسخرية من السياح تعطي انطباعًا سيئًا عن المصريين الذين عرفوا لعقود طويلة بأنهم شعب ودود ومسالم.
سيطر الجشع على بعض التجار والباعة، فأصبحوا يسلبون السياح أموالًا طائلة، مقابل خدمات زهيدة، ليكتشف السائح أنه وقع في شباك النصب، مطالبًا الدولة بضرورة وضع تسعيرات واضحة للمحال التجارية السياحية، ومعاقبة الباعة الذين يمارسون النصب على السياح.
تعوم مصر على كنوز حضارية عظيمة، إذ تضم آثارا فرعونية، ويونانية، ورومانية، وقبطية، وإسلامية، وحديثة، لذلك لابد من إعادة الدولة لسدة الوجهات السياحية العالمية، وجذب الملايين من السياح، وجني مليارات الدولارات من خلف ملف السياحة.
تبذل الدولة المصرية جهودا كبيرة في الترويج للسياحة الدينية بشكل خاص، إذ رمم معبد بن عزرا، أحد أشهر المعابد اليهودية في مصر، والذي كان مخصصا ليهود الغرب الأشكناز، وقادت الحكومة المصرية مبادرة ترميم مساجد آل البيت، وخلال عام 2024 ستجعل مصر مسار العائلة المقدسة مزارا سياحيا عالميا.
ظهرت جهود الدولة المصرية في إحصائيات عام 2023، والتي أشارت إلى زيادة أعداد السياح الوافدين إلى مصر بنسبة 11.6%، إذ وصل عددهم إلى ما يزيد عن 13 مليون سائح، وارتفعت إيرادات السياحة لـ14.4 مليار دولار، ومن المتوقع أن ترتفع أعداد الزيارات السنوية للسياح، لتصل إلى 15.2 مليون شخص حتى عام 2027.
وتنتابني الغيرة عندما أجد دولة مثل فرنسا عهد السياح الوافدين إليها 90 مليون سائح وإيرادات تتجاوز 58 مليار يورو في دولة لا تمتلك 1% من آثار مصر ولا مقوماتها السياحية، فمتحف اللوفر أغلب آثاره مصرية فهل هذا يعقل؟
وبحسب التوقعات فمن الممكن أن تزيد عائدات مصر السنوية من السياحة لتصل إلى 17.4 مليار دولار/ سنويًا في عام 2027، وفقا للخطى التي تسير على دربها الدولة المصرية، فمن الممكن أن نصل لزيادة بنسبة 100%، لكن بشرط تثقيف الشعب المصري بطرق حماية المعالم السياحية، وترك انطباع لطيف لدى السياح، ليروجوا إلى عظمة مصر.
أتمنى من كل مواطن أن يشعر بدوره المجتمعي، وأن يكون على قدر الثقة لتمثيل وطنه أمام العالم، وأن يحظى بحب وقبول السائح، وألا ينظر إليه على أنه حفنة من الدولارات، يجب أن يسرقها ويرحل، مطالبا الدولة المصرية بضرورة العمل على برامج تثقيفية وتوعوية للشعب المصري، لحثه على التعامل المثالي مع الآثار والسياح.
أخبار ذات صلة
هل سيحل الذكاء الاصطناعي محل الإنسان في سوق العمل؟
-
نعم
-
لا
أكثر الكلمات انتشاراً