السبت، 06 يوليو 2024

02:50 م

رئيس مجلس الإدارة

محمد رزق

رئيس التحرير

أمين صالح

رئيس مجلس الإدارة

محمد رزق

رئيس التحرير

أمين صالح

ERGdevelopments

وليد عتلم يكتب.. مكتسبات وتحديات

د. وليد عتلم

د. وليد عتلم

الدكتور وليد عتلم

يقول عالم السياسة الأمريكي الشهير سيدني فربا Sidney Verba، إن الإحساس بالهوية الوطنية هو أهم المعتقدات السياسية على وجه الإطلاق، وهو ما يعني وفقا لسيدني فربا «شعور كل أو غالبية الأفراد بالولاء للنظام السياسي القومي بما يساعد على إضفاء الشرعية عليه، ويضمن مساندتهم له باستمرار بغض النظر عما يتحصلون عليه من منافع».

«هذا التأييد المستمر من شأنه تمكين النظام من تخطي مختلف الأزمات والمصاعب التي تجابهه»، بحسب فربا الذي يضيف: «من ناحية أخرى، يعتبر خلق إحساس عام بالهوية الوطنية هو جوهر عملية بناء الأمة National – Building». 

هذا هو المكتسب الأهم والأبرز من الانتخابات الرئاسية 2024، عودة روح 30 يونيو مرة أخرى للمواطن المصري، رغم كل الصعوبات والضغوط الاقتصادية، لكن ما حدث أن المواطن المصري قرر تفضيل المصلحة الوطنية العامة على المصلحة الخاصة الآنية، وترجم ذلك في شكل حضور وتصويت كثيف بنسبة 66.8%، نسبة لم تشهدها أية استحقاقات انتخابية مصرية من قبل. 

كباحث متخصص في العلوم السياسية، أرى أن المكتسب الثاني الأبرز هو عودة الروح مرة أخرى للحياة السياسية المصرية. ديناميات السياسة المصرية عادت للعمل حتى ولو بشكل جزئي ونسبي، مستكملين الزخم الذي بدأ مع الحوار الوطني، والتمني أن نكمل ونبني على ما بدأ، لكن كان اللافت أن مؤسسات السياسة بدأت أخيرا الانتباه لأهمية دورها في معركة الوعي والمدركات، عادت مؤسسات التنشئة السياسية، بداية من الأسرة المصرية وانتهاء بالأحزاب السياسية، ومؤسسات المجتمع المدني؛ لممارسة إحدى أهم وظائفها ممثلة في عملية التنشئة والثقافة السياسية، ورفع مستوى الوعي الوطني، تعزيز قيم الولاء والمواطنة خاصة على مستوى الشباب والنشء.

على مستوى التحديات، داخليا، فالملف الاقتصادي خاصة التضخم الجامح هو رأس قائمة التحديات، ومن ينكر ذلك هو بمثابة دفن الرؤوس في الرمال، وانكار لواقع وحقيقة. لكن ما تعلمناه من درس الاقتصاد أنه لا سبيل للعلاج سوى إحلال الواردات محل الصادرات، وزيادة نسبة التصنيع والإنتاج المحلي، ورفع جودة المنتج المحلي، ودعم تنافسيته. وهي محددات مهمة لدفع عجلة الاقتصاد وتخفيف الأعباء والضغوط، لم تعد من قبيل التنظير والشعارات.

على المستوى الإقليمي، فأزمة غزة تلقي بظلالها القاتمة، والأسوأ تداعياتها الاقتصادية، سواء على مستوى السياحة، أو على مستوى المهددات المتصاعدة في منطقة البحر الأحمر وما قد يستتبع ذلك من تأثير على حركة المرور في قناة السويس. ومن جانب آخر فالأوضاع جنوبا في السودان تزداد اشتعالا وتلقي مزيد من الضغوط على الدولة المصرية في عديد الملفات، أخفها وطأة ما يتعلق بازدياد أعداد الوافدين من الأشقاء في السودان، وأكثرها تهديداً ما يتصل بسد النهضة. 

على المستوى الدولي، لا تزال الأزمة الروسية الأوكرانية تلقي بمزيد من الشكوك والضبابية على الاقتصاد العالمي خاصة فيما يتعلق بأسعار الغذاء والطاقة. ويزيد من حدة تلك الشكوك تصاعد وتيرة التنافس الدولي في ضوء تحول النظام الدولي لعالم متعدد القطبية بين الولايات المتحدة الأمريكية والغرب من جانب، والصين وروسيا والهند من جانب آخر. وما بينهما يعاني العالم الثالث والنامي من حدة هذا التنافس والاستقطاب.

على الرغم من عظم تلك التحديات، يبقى استمرار حالة الاصطفاف الوطني التي أصبحنا عليها منذ بداية الأزمة في غزة، والتي بلغت ذروتها في الانتخابات الرئاسية، هي الركيزة الأساسية التي يستند عليها الوطن مصر في مواجهة تلك التحديات.