حق وواجب
د. وليد عتلم
د. وليد عتلم
في الباب الثالث من الدستور المصري الخاص بالحقوق والحريات والواجبات، وفي صدر المادة (٨٧) من دستور 2014 وتعديلاته لعام 2019، تبدأ المادة بديباجة “مشاركة المواطن في الحياة العامة واجب وطني، ولكل مواطن حق الانتخاب والترشح وإبداء الرأي في الاستفتاء، وينظم القانون مباشرة هذه الحقوق، ويجوز الإعفاء من أداء هذا الواجب في حالات محددة يبينها القانون”، إلى آخر المادة، هنا الدستور أكد على أن المشاركة هي واجب وطني على كل مصري ومصرية.
والأصل في هذا الواجب أنه حق؛ حق أصيل لكل مصري ومصرية، هناك حقوق لكل مواطن يتمتع بمواطنة الدولة، يقابلها واجبات من المواطن تجاه الوطن. إلا المشاركة والتصويت جمعت بين الاثنين، فهي حق وواجب في نفس الوقت.
المادة 25 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي أقرته الأمم المتحدة عام 1966 نصت على أن يكون لكل مواطن، دون أي وجه من وجوه التمييز المذكور في المادة 2، الحقوق التالية، التي يجب أن تتاح له فرصة التمتع بها دون قيود غير معقولة:
(أ) أن يشارك في إدارة الشؤون العامة، إما مباشرة وإما بواسطة ممثلين يختارون في حرية.
(ب) أن ينتخب وينتخب، في انتخابات نزيهة تجرى دوريا بالاقتراع العام وعلى قدم المساواة بين الناخبين وبالتصويت السري، تضمن التعبير الحر عن إرادة الناخبين.
(ج) أن تتاح له، على قدم المساواة عموما مع سواه، فرصة تقلد الوظائف العامة في بلده.
موسوعة "ويكيبيديا" تخبرنا أن الحق في التصويت والمشاركة في الشأن العام تعود إلى جمهورية كورسيكا في عمرها القصير بين عامي (1755-1769) أول دولة تمنح حق التصويت العام المحدود لجميع المواطنين البالغين 25 عامًا.
الموسوعة تشير أيضا إلى عام 1819، حيث تجمهر نحو 60 ألفا من الرجال والنساء قرب ساحة بيتر في مدينة مانشستر احتجاجًا على ضعف تمثيلهم في المجالس البرلمانية.
وصف المؤرخ روبرت بول ذلك الحدث بأنه من اللحظات الحاسمة في عصرنا، أعقب ذلك تجارب أخرى في باريس عام 1871، إضافةً إلى جمهورية جزيرة فرانسفيل سنة 1889.
سنة 1840، منح مسؤولو الدستور في مملكة هاواي البالغين من الذكور والإناث الحق في التصويت العام، لكن عندما اُطيح بمملكة هاواي في انقلاب، أصبحت نيوزيلاندا الدولة المستقلة الوحيدة التي تمارس التصويت العام الفعلي، أدرج مؤشر الحرية العالمي نيوزلندا بوصفها الدولة الحرة الوحيدة في العالم سنة 1893.
إذا نحن نتحدث على واحد من أقدم الحقوق والواجبات التي عرفتها البشرية، حق عالمي من حقوق الانسان، هذا الحق، وهذا الواجب الذي ناضل من أجله الكثير في كافة بقاع الأرض، ليبقى السؤال؛ لماذا التكاسل والتفريط في هذا الحق، والتقاعس عن أداء هذا الواجب الأصيل تجاه الوطن مصر.
يقابل هذا السؤال وبصيغة أخرى؛ لماذا نشارك؟ والإجابة عزيزي القارئ هي ببساطة انظر حولك، نعم انظر حولك وتأمل. انظر حولك وتدبر الأوضاع الإقليمية المتوترة القابلة للاشتعال في أي لحظة.
وهنا لا أقصد التخويف ولا أحب هذا الأسلوب من الأساس. لكن فعلا أخبرني كيف هو الحال في السودان، ليبيا، لبنان، سوريا، وعلى حدودنا الشرقية عدو يتربص بسيناء يدفع الفلسطينيين دفعا للتهجير القسري، وما قد ينتج عنه من تداعيات.
الاستحقاق الانتخابي الحالي شهد مظهر حضاري ووطني للمصريين بالخارج على مدار أيام ثلاثة هي فترة انتخابات المصريين بالخارج. حيث عبر المصريون في الخارج وبجلاء واضح عن وعي أكيد نابع من حس وطني أصيل بأهمية المشاركة السياسية في الاستحقاق الانتخابي الحالي.
احتشد المصريون في الخارج في كافة السفارات من أجل الادلاء بأصواتهم رغم الظروف الجوية الصعبة في بعض الدول والعواصم، في رسالة لا تحتمل اللبس أو التأويل للعالم أجمع، أكدوا على مدى اهتمام المصريين ووعيهم بأهمية المشاركة الديمقراطية وممارسة الحق الدستوري بالتعبير عن آرائهم بحرية تامة من خلال التصويت في الانتخابات الرئاسية.
يجب أن ننظر للبداية القوية للعملية الانتخابية من المصريين في الخارج؛ أن يكون لها رد فعل مماثل داخلي في الخروج والمشاركة الواسعة الفاعلة من عموم المصريين والاحتشاد أمام مقار الاقتراع استكمالا للمشهد الانتخابي الحضاري الذي تشهده انتخابات الرئاسة ٢٠٢٤.
لذلك مشاركتنا حماية، حماية أولا وأخيراً لك ولي ولكل مواطن يعيش على هذه الأرض الطيبة، ولا تنسى المشاركة القوية تساوي مرشحا ورئيسا قويا، والعكس صحيح.
أخبار ذات صلة
هل سيحل الذكاء الاصطناعي محل الإنسان في سوق العمل؟
-
نعم
-
لا
أكثر الكلمات انتشاراً