الثلاثاء، 17 سبتمبر 2024

03:47 ص

رئيس مجلس الإدارة

محمد رزق

رئيس التحرير

أمين صالح

رئيس مجلس الإدارة

محمد رزق

رئيس التحرير

أمين صالح

محمود بدر يكتب لـ«الجمهور».. «بربش» الحركة الوطنية

النائب محمود بدر

النائب محمود بدر

A A

في رائعته البديعة ثلاثية «الآمالي لأبي علي حسن ولد خالي»، طاف بنا العم خيري شلبي حول المتغيرات التي حدثت للمجتمع المصري بين عهود مختلفة منذ نهايات العصر الملكي، وحتي قيام ثورة يوليو مرورًا بكل تجاربها وانتهاء بما حدث من تحولات كبري في عهد الرئيس الراحل أنور السادات.

وحسناً فعل العم خيري حين ركز معنا على التحولات الكبرى التي طرأت على المجتمع عبر شخوص وأبطال عمله الروائي، فمن تحولات الشيخة سعادة زوجة خرابة من مطاردة في الجبل وزعيمة له، إلي قارئة للورق والطالع ترشد قادة مجلس الثورة عن مستقبلهم السياسي.

وعن التحولات التي تطرأ على هذا المستقبل وإيمانهم العميق بما تقوله واستدعائهم لها واحترامهم لما تقوله، وحتى تحولها إلى زعيمة ميليشيا، وأم لمجموعة من الإرهابيين القتلة الذين يحرضون ويخططون وينفذون عمليات قتل وإرهاب ربما أقساها هي اغتيال رئيس الجمهورية ذاته رغم تحذيرها له في السابق من هذه العواقب وهذه الميتة.

الكل تحول مع التحولات الكبرى بما فيهم البطل حسن أبو ضب الذي أصبح من علية القوم والمليارديرات، والذي كان نموذجا على مقولة الفنان الراحل أحمد ذكى فى مرافعته التاريخية في ضد الحكومة عندما قال " أدركت قانون السبعينات وتفوقت عليه تاجرت في كل شيء في القانون والأخلاق وفي الشرف" فكان له ما أراد وتحول الي رجل أعمال من أصحاب الحظوة تحميه الحصانة التي تحول بينه وبين تطبيق القانون مهما كانت الجرائم التي يرتكبها.

لكن في وسط زحمة الشخوص والأماكن والأحداث توقفت كثيرا عند شخصية «بربش»، وهو الصديق المقرب للبطل حسن أبو ضب ومستشاره السياسي وأيضا المالي فقد ساعده في كل شيء من الصفقات المشبوهة وفي تجارة الآثار بل والأكثر انه بدأ معه حياته يقوم بسرقة مخازن القطاع العام ولا مانع لديه من أن يسرق محلات صغيرة ويقوم بفتح الخزن فقد كان قبل عصر التحولات الكبرى نموذجا للحرامي الصغير معدوم الشرف والضمير وليس لديه مانع من الإتجار في كل شيء وأي شيء ولكنه بعد هذه التحولات اصبح نموذجا للحرامي الكبير المثقف صاحب المواقف المعارضة الوطنية.

لم يعرف «بربش» شيئا عن الضمير وفي احد المرات عندما سأله صديقه عن الفساد الذي أقوم به شركاتهم قائلا وهل يرضي هذا ضميرك يا بربش فكان رده بلا تردد «ضمير مين يابا الحاج ؟! وهل في البلاد كلها شيء اسمه ضمير كي نتمسك به !»، ولكن فجأة اصبح بربش يتحدث عن الضمير الوطني وضرورة مكافحة الفساد واتخذ موقفا مناهضا للرئيس السادات بحجة خيانته للمشروع الوطني! ورغم ان بربش كان في جلساته المسائية وبين المقربين يدعي ان ما يقوم به الرئيس هو الطريق الوحيد المتاح والصحيح الا انه كان دائما ما يكتب في اليوم التالي مقالات نارية يهاجم فيها الرئيس وتوجهاته وحينما ييأسوا أصدقائه لماذا هذا يا بربش فكان يرد: «هذا شغل سياسة يا صاحبي ولا بد منه، انت لا بد ان تفرق بين بربش السياسي وبربش صديق العمر! انا مع الاتفاقية بقناعة شخصية لكنني ضدها بقناعة حزبية».

والحقيقة ان هذا البربش ظل نموذجا في الحياة السياسية يتطور ويختلف فقط في الشكل والإسم والطريقة، فكم بربش حولنا استفاد من الفساد الذي عانت منه بلدنا لعقود طويلة ثم فجأة وبعد ان كنز الذهب والفضة والحسابات في البنوك والكمباوندات تحول الي معارض شرس يتحدث عن الضمير الوطني والطبقة العاملة ومظالم الفقراء.

والحقيقة اننا كلما استمعنا الي أي بربش حولنا تذكرت مقولة صديقه حسن أبو ضب وهو يقول ان هذا تبجح بهلواني متقن اذ يحق لبربش ان يفعل ما فعل ويرتكب ما ارتكب ضد الناس ثم يقول مثل هذا الكلام الوطني الحار وهو درس آخر تعلمته في السياسة يا خال: أن تكون محبوك الشخصية قادرا علي الإقناع بالكلام المسبوك فهذا يكفيك وأفعل خلف ذلك ما تشاء من الأفعال.

كفانا الله شر بربش وكل بربش يسعي لخراب البلد.

search