د. وليد عتلم يكتب.. إلى دراويش السلفية «القانون مفيهوش زينب ولا ابن محمد حسان»
د. وليد عتلم
في واحدة من أشهر مسرحياته "أنا وهو وهي" أطلق الراحل القدير فؤاد المهندس واحدا من أكثر إفيهات الكوميديا السوداء في تاريخ مصر جملة "القانون مفيهوش زينب" دلالة على أن القانون يجب أن يسود فوق الجميع دون تفرقة أو تمييز.
لكن عند بعض التيارات يبدو أن هناك شخصيات ممنوع الاقتراب منها أو التصوير، ومن باب أن "لحم مشايخ السلفية مسموم" خرجت جحافل السلفية في غزوة جهاد إلكترونية تتهم بكل ما يعاقب عليه القانون كل من تسول له نفسه تناول خبر القبض على ابن القطب السلفي المعروف، أقل هذه الاتهامات كان الحسبنة والاحتساب والدعاء عليه، مرورا بوصفه بالرويبضة إلى أخر قائمة الكليشيهات السلفية اللطيفة، وانتهاء بتهديده وتحذيره من الخوض في سيرة الأسياد.
في دولة دستورية مدنية القانون فوق الجميع، لكن عند دراويش وكهنوت السلفية المشايخ فوق النقد، وفوق الجميع وفوق القانون، ودراويش السلفية بالغوا في تأليه المشايخ حد التقديس، وكما قال عمنا أحمد ذكي رحمة الله عليه في مشهده الأيقوني في فيلم "ضد الحكومة" ــ والقياس مع الفارق ـــ "أليسوا بشرا خطائين مثلنا ! أليسوا قابلين للحساب والعقاب مثل باقي البشر" وهم الذين يصرخون مذكرين دائما بالحساب والعقاب في الدنيا والأخرة لكل من يخطأ أو يرتكب ذنبا أو إثما، لكن على ما يبدو أن كهنوت السلفية فوق العقاب والحساب.
لقد تناسى هؤلاء أن عصر قانون "زينب" و "بديع" و "خيرت الشاطر" قد ذهب بلا رجعة، وأن مصر دولة مدنية يحكمها الدستور والقانون، يخضع له الوزير والغفير، وابن الشيخ قيد المساءلة والتحقيق أمام جهات تحقيق مستقلة، ما إن انتهت التحقيقات سيحال للمحاكمة أمام قضاء مستقل "لا يعرف زينب ولا ابن محمد حسان"، إن كان بريئا سيبرئه، وإن كان مداناً سيعاقبه شأنه في ذلك شأن أي مواطن مصري.
لا نصدر أحكاما مسبقة بالإدانة على الشاب قبل أن تحكم عليه المحكمة، لكن إذا لم تستح فاصنع ما شئت، وكما يقول المثل بالعامية المصرية "يعيش البجح على قفا المكسوف"، لكن لا إحنا مكسوفين ولا على رأسنا بطحة كحالهم، وكما قالت الست أم كلثوم "إن كنت ناسي أفكرك"، لكن أفتكر لك ايه ولا ايه، من أول فضيحة نائبهم إياه على الطريق الزراعي، مرورا بــ "عنتيل الغربية السلفي". أما عن فتاوى الهوس الجنسي والختان فحدث ولا حرج!!!!.
لشاعر الصوفية جلال الدين الرومي، قول مأثور يقول فيه: غاية التدين السيطرة على النفس لا على الآخرين، لكن عند تيارات السلفية العكس تماما هو الصحيح غاية التدين هو السيطرة والتحكم في كل ما يتعلق بالآخرين؛ بداية من المظهر والملبس، وانتهاء بحرية الفكر والمعتقد.
أعلم تماما أنني سوف أتعرض لهجوم هذه الجحافل الإلكترونية المحتشدة المتحفزة، لكني لن اتراجع في مواجهة هذه التيارات المظلمة، التي تحجر الرأي وترفض كل معتقد وفكر يخالفها.
ذات مرة قالها مصري وطني أصيل محذرا من تلك التيارات على الهوية المصرية الأصيلة قائلاً: التيارات المتطرفة لا تمارس السياسة بصورة أكثر وداً، لأن الود لا يشمل تشكيل ميليشيات بين طلبة الجامعات، ولا تمارس هذه التيارات السياسة بإيجابية لأنها اعتادت الانسحاب من جلسات البرلمان، أو الاعتصام خارج أسواره، ومن يراع مصلحة الوطن لا يفضل المسلم غير المصري على المصري غير المسلم، ويخطئ من يؤمن أن الديمقراطية ستأتي على أكتاف أعضاء مكتب الإرشاد.. تلك الديمقراطية التي تقوم على مبدأ مواطن واحد، صوت واحد، لمرة واحدة، وبعدها يختفي الصوت إلى الأبد «إن هذه التيارات لا تفرض توجهاً اقتصاديًا معيناً، لكنها تفرض زياً موحداً للرجال والنساء وديناً واحدًا للقيادات، ومن يخالفها لا يصبح معارضاً سياسياً، بل معارض ديني لمن يحكم بأمر الله» فمن القادر على معارضة الحاكم بأمر الله؟!
وبالفعل لا عودة للوراء، تظل مصر دائما وأبدا دولة مدنية دستورية، يحكمها القانون لا الأهواء، ولا فرق أمام القانون بين "زينب" و "ابن محمد حسان".
أخبار ذات صلة
الأكثر مشاهدة
هل سيحل الذكاء الاصطناعي محل الإنسان في سوق العمل؟
-
نعم
-
لا
أكثر الكلمات انتشاراً