رانيا حسن تكتب.. قصة مثل شعبي لبسنا في الحيطة
رانيا حسن
في زوايا أحيائنا الشعبية نشهد العديد من القصص والأحلام، ويعلو صوت الحكمة الشعبية: “ضل راجل ولا ضل حيطة”، حيث بات عمر الخامسة والثلاثين أو حتى الأربعين هو سن الزواج في الآونة الأخيرة.
ألم يكن من الأوفق أن نتساءل: أيهما أفضل، أن تتزوج المرأة بأي رجل، أم أن تنتظر النجم الذي يُضيء دربها في ظلمة الأيام؟.
وعلى أنغام الحديث، تتدفق مشاعر الخوف والتردد، فيما نُحلّل بأعين ملأها القلق ارتفاع معدلات الطلاق التي تُزهر كالأشواك بين أزهار الحب. فالشريك الذي يُختار بعناية يُصبح الجسر الذي يربط بين قلبين، وأيّ اختيار غير ذلك قد ينسف الأحلام ويتسبب في هزيمة الروح.
ومع ارتفاع معدلات الطلاق تصبح أهمية الاختيار الصحيح لشريك العمر ضرورة لا رفاهية .
في جمال الزواج، يختار الله لنا طريقاً مقدساً، كأغصان تتشابك تحت سماء واحدة، ليحفظ النسل، ويمد الجذور في تربة الحياة، ويحيي فينا سنة الكون كما شاء، يبرأنا من جراحات الروح، وينسج برفق أواصر المحبة والتراحم بين قلوب لم تعرف الانكسار.
إنه صدى دعوة منزهة، خلفها وعد بين الأنام، حيث قال: "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها"، كأنما يكمن المعنى في عمق تلك الأواصر التي تجمعنا، وبينكم مودّة ورحمه، إن في ذلك لعبرة تدعو العقول إلى التأمل، وتمنحنا سلاماً مردداً في زوايا القلب.
ولكن في الآونة الأخيرة نري أن العوامل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية تؤثر بدرجة أکبر في تأخر سن الزواج
فبينما تسير الحياة بقدمين ثقيلتين، نري المبالغة في المهر والشبكة، وكأنما كل شيء قد رُصد من ذهب. تكاليف الفرح ترتفع بشكل جنوني غير مُصدق .
وبينما يتأرجح الشبان في حيرة من أمرهم، يبتعدون عن فكرة الزواج وأصبح سن زواج الفتيات يبتعد عن الرؤى المستقبلية ، وكأنما قد جُعلت الفتاة بفستانها الأبيض في قفص لا مفتاح له.
ولكن، إلى من يُعزى هذا العبث؟ يا سادة، هل ترون الصورة التي تتجلى أمامكم؟ .
إنني لأرى أن التيسير في الزواج هو أمان قومي، فكيف يمكن لمجتمعنا، المسلم والمسيحي على حد سواء، أن يتعثر في عتبات الحب والمودة، بينما يتمسك بالدين والقيم والمبادئ؟.
إن العواقب التي ستترتب على هذا الوضع ليست بجزء من المعادلات العادية، بل هي كارثة تتخطى كل الحدود، فلتنتبهوا، ولتنتبهوا جميعاً! فالزواج إن عُبئ بالمبالغة سيصبح عبئاً لا يُحتمَل ، ولا نلوم غير أنفسنا
همسة في أذن كل فتاة أو امرأة، حين تختارين شريك حياتك في سن الثلاثين أو الأربعين، تذكري أن الأمور ليست في حوزة المهر أو الشبكة أو باقي المتطلبات المادية. إنما الاختيار الحق للشريك هو أن يكون رجلًا بمعنى الكلمة، رجلًا بقيمه وأخلاقه ونبله، لا مجرد ذكر ينتمي إلى فئة معينة. اختاري من يتناغم مع عقلك وتفكيرك، من تلامس أرواحكما بعضهما في عذوبة وانسجام. فإنها ليست مجرد علاقة عابرة، بل هي شراكة مقدسة، أثارها تظل ممتدة على مسار الحياة بأسرها، تذخر بالألوان والعواطف والتجارب المشتركة، وتترك في الذاكرة بصمات لا تمحي.
وهنا أرفع صوتي من عمق قلبي، أطالب بضرورة ملحة، بأن نغرس في حنايا عقول بناتنا تعليماً يرتقي بأرواحهن في هذا الزمان الذي تعبث فيه الرياح. آن الأوان لنُعيد صياغة الخطاب، نُسطر فيه عبارات تضيء دروبهن في المدارس، فالعلم يحتاج إلى روح جديدة، وإلى مادة نطلق عليها "حسن التبعل" أو "التربية الأنثوية".
نحن بحاجة إلى بناء عوالم جديدة في نفوسهن، نغرس فيهن قيماً تُشرق كالشمس في الأفق، منذ نعومة أظافرهن. ليست الجماليات مجرد مظهر، بل هي تكوين أساس قوي لعائلات مُتينة، تعكس عظمة المجتمع.
فلينفتح النقاش أمام هذا الموضوع، هل حقاً ضلّ أي رجل، أم أن الجدران وحدها قد تخطت حدود وجوده، حتى وإن كان غير مناسب؟ هكذا نبحث في أعماق المعاني، فنحن نحتاج نسائنا أقوياء شامخات ، لا أن يكنّ مجرد ضحايا لأحلام مكسور.
أخبار ذات صلة
الأكثر مشاهدة
هل سيحل الذكاء الاصطناعي محل الإنسان في سوق العمل؟
-
نعم
-
لا
أكثر الكلمات انتشاراً