نيفين عصام تكتب.. "رأس الحكمة" مستقبل السياحة والتنمية في مصر

يعتبر مشروع رأس الحكمة واحدًا من المشاريع الطموحة التي تهدف إلى تعزيز القطاع السياحي في مصر، وتحقيق التنمية المستدامة في منطقة البحر المتوسط، يقع المشروع في شمال غرب مصر بالقرب من مدينة مرسى مطروح، ويستهدف تحويل رأس الحكمة إلى وجهة سياحية متكاملة تقدم مجموعة متنوعة من الخدمات والمرافق التي تلبي احتياجات السياح والمستثمرين على حد سواء.

يهدف مشروع رأس الحكمة إلى تحقيق عدة أهداف رئيسية، منها تطوير البنية التحتية السياحية، حيث يتضمن المشروع إنشاء فنادق فاخرة ومنتجعات سياحية توفر تجربة مميزة للزوار، يتوقع أن تشمل المرافق الجديدة أكثر من 10,000 وحدة سكنية، بالإضافة إلى مجموعة من الفنادق التي تضم ما يقرب من 10,000 غرفة فندقية. ومن الأهداف المهمة أيضًا توفير فرص العمل، حيث يسعى المشروع إلى توفير حوالي 30,000 فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة في مختلف المجالات المرتبطة بالسياحة، مما سيساهم في تقليل نسبة البطالة في المنطقة، وتعزيز الاستثمارات، حيث من المتوقع أن يجذب المشروع استثمارات محلية وأجنبية تقدر بحوالي 15 مليار جنيه مصري، مما يعزز من صورة مصر كمكان موثوق للاستثمار، وتنمية الاقتصاد المحلي، وسيساهم المشروع في زيادة الإيرادات العامة من خلال الضرائب والعوائد السياحية، مما يساعد في تحسين مستوى الخدمات العامة في المنطقة.

تقدر تكلفة مشروع رأس الحكمة بحوالي 15 مليار جنيه مصري، ويتوزع التمويل بين الحكومة المصرية والقطاع الخاص، حيث تساهم الحكومة بحوافز استثمارية لجذب المستثمرين، ومن المتوقع أن يأتي حوالي 6 مليارات جنيه مصري من الاستثمارات الأجنبية، بينما سيأتي باقي التمويل من البنوك المحلية والمستثمرين المحليين.

تشير التوقعات إلى أن المشروع سيولد إيرادات سنوية تقدر بحوالي 7 مليارات جنيه مصري من السياحة، مما يوفر إيرادات ضخمة للحكومة، من المتوقع أن يتم توزيع الأرباح على النحو التالي: ستحصل الحكومة على نحو 30% من الإيرادات كضرائب، مما يعني إيرادات تصل إلى حوالي 2.1 مليار جنيه مصري سنويًا، بينما سيستفيد المستثمرون من الأرباح الناتجة عن تشغيل الفنادق والمنتجعات، مع توقع أن تتراوح أرباح الشركات المشغلة بين 15-20% من إجمالي الإيرادات.

يوفر مشروع رأس الحكمة فوائد متعددة لمصر، ومن أهمها تعزيز السياحة، حيث سيعزز المشروع من مكانة مصر كوجهة سياحية متميزة على مستوى البحر الأبيض المتوسط، ما يزيد من جاذبية البلاد للسياح العرب والأجانب، وتحسين البنية التحتية، حيث يتطلب المشروع تطوير البنية التحتية في المنطقة، بما في ذلك الطرق والمرافق العامة، ما سيساعد في تحسين الخدمات المقدمة للسياح والمواطنين على حد سواء، وتنمية المجتمع المحلي، حيث يوفر المشروع فرص عمل جديدة للسكان المحليين، مما سيؤدي إلى تحسين مستويات المعيشة وتعزيز النشاط الاقتصادي في المنطقة، والتنمية المستدامة، حيث يركز المشروع على تطبيق ممارسات صديقة للبيئة والحفاظ على الموارد الطبيعية، ومن المتوقع أن يساهم هذا في حماية البيئة البحرية والشواطئ، ما يحقق التنمية المستدامة، وتعزيز الاستثمار الأجنبي، حيث يعمل المشروع على جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، مما يعزز من صورة مصر كمكان موثوق للاستثمار.

بالرغم من الفوائد الكبيرة التي يحققها مشروع رأس الحكمة، إلا أنه يواجه العديد من التحديات، منها ضرورة التأكد من تنفيذ المشروع وفقًا للمعايير البيئية والمستدامة، وتوفير البنية التحتية اللازمة لدعم زيادة أعداد السياح، ويتعين على الحكومة والقطاع الخاص العمل بشكل وثيق لضمان نجاح المشروع من خلال استراتيجيات تسويقية فعالة، وفي الوقت نفسه، يجب أن تركز الجهود على تحسين جودة الخدمات المقدمة لضمان تجربة مميزة للسياح.

يعد دور الإمارات في مشروع رأس الحكمة مهمًا للغاية، حيث تعتبر الإمارات واحدة من أكبر المستثمرين في القطاع السياحي في المنطقة، حيث تستثمر الشركات الإماراتية بشكل كبير في تطوير المشاريع السياحية في مصر، ويعد مشروع رأس الحكمة من بين المشاريع التي تحظى بدعم كبير من قبل مستثمرين إماراتيين، ويشمل هذا الدعم تبادل الخبرات في إدارة المشاريع السياحية، بالإضافة إلى توفير الاستثمارات المالية التي تعزز من قدرة المشروع على تحقيق أهدافه، ويعتبر التعاون بين مصر والإمارات في هذا المشروع خطوة استراتيجية تهدف إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين، حيث يعمل كلاهما على تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز فرص الاستثمار.

يعزز مشروع رأس الحكمة من قدرة مصر على المنافسة في السوق السياحية العالمية من خلال توفير بنية تحتية سياحية متطورة، تساهم في جذب المزيد من السياح من مختلف أنحاء العالم، ويعتبر مشروع رأس الحكمة خطوة هامة نحو تحقيق التنمية الشاملة في مصر، حيث يجمع بين السياحة والاستثمار والرفاهية.

مع التوقعات الإيجابية حول الأرباح والعوائد، يتضح أن المشروع سيعود بفوائد كبيرة على الاقتصاد المصري والمجتمع المحلي، خاصة أن نجاح هذا المشروع يعتمد على التعاون المثمر بين الحكومة والقطاع الخاص، وتوجيه الجهود نحو تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز مكانة مصر كوجهة سياحية رائدة في العالم.

مشروع رأس الحكمة ليس مجرد تطوير لمرافق سياحية، بل هو رؤية استراتيجية تهدف إلى إعادة تشكيل مستقبل السياحة في مصر، ويساعد المشروع على تعزيز التواصل بين الثقافات المختلفة، حيث يوفر للسياح فرصة للتعرف على الثقافة المصرية الغنية، كما أن هذا المشروع يعزز من تنافسية مصر في السوق السياحية العالمية، وبفضل الموقع الجغرافي المتميز والإمكانات الطبيعية، تمتلك مصر جميع المقومات اللازمة لتكون وجهة رائدة في السياحة العالمية، كما أن الفوائد الاقتصادية والاجتماعية الناتجة عن مشروع رأس الحكمة ستدعم جهود مصر لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتوفير حياة كريمة للمواطنين.

بالنسبة لوقت الانتهاء من المشروع، تشير التوقعات إلى أن الأعمال الإنشائية ستبدأ في عام 2025، مع توقع أن يتم الانتهاء من المرحلة الأولى من المشروع في عام 2028. هذا التوقيت يتماشى مع استراتيجيات الحكومة المصرية لتعزيز السياحة وتنمية الاقتصاد. في النهاية، يشكل مشروع رأس الحكمة فرصة تاريخية لمصر لتطوير قطاع السياحة وتعزيز الاقتصاد الوطني، مع الالتزام بتحقيق التنمية المستدامة التي تعود بالنفع على الأجيال القادمة.